الكل يشتكي من “سلطة المال” ولا أحد يعترف.. كيف يؤثر “الإنفاق السخي” للأحزاب على الانتخابات المغربية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/02 الساعة 12:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/07 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش
عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار (مواقع التواصل الاجتماعي)

مع اقتراب موعد الانتخابات في المغرب، بدأت ظاهرة استعمال المال تطغى على الحملات الانتخابية لبعض المرشحين المحسوبين على مختلف الأحزاب السياسية، والذين اختاروا الظهور بسلطة المال لمضاعفة حظوظهم الانتخابية.

استعمال المال الانتخابي وتوجيه أصابع الاتهام لحزب سياسي دون غيره جعل الأحزاب السياسية ترفع صوتها قبل بدء الحملة وأثناءها، مطالبة السلطات بمراقبة مرشحي الأحزاب السياسية، خصوصاً الأعيان في المناطق غير الحضرية.

من جهته، يعتبر حزب العدالة والتنمية أنه المستهدف الأول من استعمال المال في الحملات الانتخابية، بالإضافة إلى أن عدداً من الأسماء المهمة في الحزب تمت استمالتهم باستعمال المال للتنقل السياسي من العدالة والتنمية إلى أحزابٍ أخرى.

التجمع الوطني للأحرار.. أول المتهمين

تظهر لكل من يتابع الحملة الانتخابية في المغرب المبالغ المالية التي رصدها حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي يترأسه الملياردير وأشهر رجال الأعمال في المملكة عزيز أخنوش.

ورداً على اتهامات الأحزاب السياسية لحزب التجمع الوطني للأحرار بتوظيف المال، قال مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي للحزب، إن هذه الاتهامات تسيء للتجربة الديمقراطية في البلاد بشكل عام.

واعتبر بايتاس، في برنامج "انتخابات 2021″، الذي يبث على القناة الثانية، أن اتهام حزب التجمع الوطني للأحرار باستعمال المال في الانتخابات من قِبل بعض الأحزاب السياسية راجع أساساً لأمور نفسية ذات علاقة بخيبة الأمل من النتائج التي أفرزتها انتخابات الغرف المهنية، والتقدم الكبير الذي أحرزه التجمع في هذه الاستحقاقات، لافتاً إلى كون المغرب وضع جميع الضمانات وآليات لضبط العملية الانتخابية.

وبخصوص منح حزب التجمع الوطني للأحرار التزكية لما يعرف بـ"الأعيان ومحترفي الانتخابات وأصحاب "المحفظات"، أوضح بايتاس أن دستور المملكة يمنح حق الترشح للانتخابات لكل من توفرت فيه الشروط المعلومة، مسجلاً أن حزبه "يضم مناضلين من بروفيلات متعددة من شباب ومثقفين وأميين وأصحاب المال، والدستور يمنح لكل هؤلاء الحق في الترشح وممارسة السياسة".

وأشار المتحدث إلى أن "التجمع الوطني للأحرار ليس ثكنة عسكرية لضبط الناس، وإنما حزب يؤمن بالتعدد والاختلاف، والمهم هو انضباط المرشحين والأعضاء لقرارات قيادة الحزب".

استنكار جماعي

ومع انطلاق الحملة الانتخابية ارتفعت أصوات أغلب الأحزاب السياسية، وهي أحزاب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، لتدين استمرار استعمال المال بطريقة مفرطة وغير مراقبة في العملية الانتخابية.

واعتبرت الأحزاب السياسية في بيان مشترك أن "الممارسات المنافية للأخلاق وقواعد وقوانين التنافس الشريف، الحر والنزيه، على رأسها استمرار سلوك الاستعمال المفرط للمال، والاستغلال الواضح لبعض المشاريع العمومية والبرامج الوزارية، والتدخل المفضوح لإدارة بعض القطاعات الوزارية الحزبية، للضغط واستمالة الناخبين المهنيين بطريقة غير مشروعة خلال الحملة الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية".

وأعربت الأحزاب المذكورة عزمها الكامل على "مواصلة تعبئتها لمختلف مناضلاتها ومناضليها، ومرشحاتها ومرشحيها، للانخراط جميعاً في باقي عمليات المسلسل الانتخابي، بمسؤولية كبيرة تضع نصب أعينها انتصار المسلسل الديمقراطي للمغرب أولاً، وتعميق الاختيار الديمقراطي، كأهداف نبيلة وسامية لمشاركاتنا جميعاً في هذه الاستحقاقات".

بلال التليدي، محلل سياسي مغربي، قال إن "ظاهرة استعمال المال في الانتخابات ليست جديدة في المغرب، وهي تتطور بحسب القيود القانونية، وحجم التصريحات التي تصدر عن وزارة الداخلية ووزارة العدل، حول إرادة السلطة في محاربة هذه الظاهرة".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن "هذه الاستحقاقات ستعرف مستوى أكبر في استعمال المال في الانتخابات، وذلك لسبب أساسي هو أنه الحظوظ التي كانت تتمتع بها الأحزاب السياسية قد تقلصت بسبب القاسم الانتخابي، بما يعني أنه في كل دائرة لن يتمكن إلا وكيل لائحة بالفوز في انتخابات التشريعية".

وأشار المتحدث إلى أن "تغير القوانين الانتخابية يفسر الحركية الكبيرة لما يسمى بظاهرة الترحال السياسي، وتوسع ظاهرة استعمال المال، لأنه لا ننسى أنه في المغرب الأحزاب التي ظلت متمحورة حول المشروع والفكرة والرؤية تضاءلت في بشكل كبير، وهي اليوم لا تتعدى 3 أحزاب، هي: حزب العدالة والتنمية وفيدرالية اليسار والحزب الاشتراكي الموحد، وبشكل محدود حزب الاستقلال".

واعتبر المحلل السياسي بلال التليدي أن الأسلحة والأدوات التي سيتم الاعتماد عليها في التنافس بين الأحزتراهن على الأعيان والسلاح الذي يستعمله الأعيان هو المال.

استهداف العدالة والتنمية 

اعتبر حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، أنه من بين الأحزاب السياسية المتضررة من استعمال ظاهرة المال في الانتخابات، وذلك على بعد 6 أيام من موعد الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية التي ستعقد في يومٍ واحدٍ.

وعقدت الأمانة العامة للحزب (هيئة القيادة) اجتماعًا عاجلًا يوم الاثنين 29 أغسطس/آب 2021 لتدارس الوضع والإعراب عن القلق الشديد من ارتفاع ظاهرة الاستعمال البشع والكثيف المال في الحملة الانتخابية.

وأصدر حزب العدالة والتنمية بيانًا يدعو من خلال إلى اتخاذ إجراءات صارمة ومستعجلة للتصدي للاستعمال البشع للمال في الانتخابات والذي أضحى الحديث بشأنه متداولا بشكل واسع في أوساط الرأي العام والهيئات السياسية".

وقالت الأمانة العامة في بيانها إن الحزب "سبق أن نبه إلى مشكلة الاستعمال الكثيف للمال في بيان سابق مشترك مع أحزاب أخرى، دون أن تبادر الجهات المختصة لفتح تحقيق في الموضوع من أجل التصدي الصارم لهذه الممارسات المشينة".

واعتبر المصدر ذاته أن "استعمال المال في الانتخابات مخالف للمقتضيات القانونية المتعلقة بتحديد سقوف مصاريف الحملات الانتخابية الخاصة بكل اقتراع، والتي تُخِلُّ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المتنافسين، وتمس بنزاهة ومصداقية العمليات الانتخابية".

وأشارت الهيئة التنفيذية في حزب العدالة والتنمية إلى أن "ما يروج حول حجم هذه الأموال المسخرة لإفساد العمليات الانتخابية والتأثير فيها، يثير تساؤلات مشروعة حول مصدرها والجهات التي تقف وراءها"، مؤكدة أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة "من المفروض أن تشكل محطة لتعزيز مسار البناء الديمقراطي بالبلاد، وهو ما يقتضي صيانتها من كل الممارسات المشينة والمسيئة التي يمكن أن يفضي التمادي فيها إلى التشكيك في نزاهتها والطعن في مصداقيتها".

ودعت الأمانة العامة إلى "اتخاذ ما يلزم من إجراءات مستعجلة للتصدي، بالصرامة المطلوبة، لكل هذه الاختلالات، ومنها ضرورة التزام السلطات المحلية بالحياد الواجب طبقاً لما يفرضه القانون خلال كل مراحل العملية الانتخابية، انطلاقاً من فترة الحملة الانتخابية وانتهاء بصيانة مكاتب الاقتراع خلال عمليات التصويت والفرز وتمكين المراقبين من القيام بواجبهم".

تحميل المزيد