مصر أزالت الركام وتخطط لإنشاء كباري وتجمعات سكنية.. غزة تخشى استخدام ملف الإعمار كأداة ضغط

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/26 الساعة 13:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/26 الساعة 13:02 بتوقيت غرينتش
ملف الإعمار

3 أشهر على انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (10 – 21) مايو/أيار الماضي، ولا تزال آلاف الأسر الفلسطينية دون مأوى بسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي لمنازلها وتنتظر وعود إعادة الإعمار، سيما الوعد الأول الذي أطلقته مصر بتقديم 500 مليون دولار للمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة.

والوعد المصري لا يزال تطبيقه مرهوناً بنتائج المباحثات الجارية بين وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة بمشاركة القطاعات الاقتصادية الخاصة من جهة، وبين الجهات المصرية من جهة أخرى.

إشارات إيجابية يُبديها الفلسطينيون من إمكانية تنفيذ الوعد المصري، سيما أن مصر أرسلت في الأسبوع الأول بعد انتهاء العدوان، نحو 90 مهندساً وعامل بناء مع 50 آلية لإزالة ركام الأبراج السكنية التي قصفها الاحتلال خلال العدوان.

ووفق ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة، فإن الكوادر الهندسية والفنية المصرية ساعدت في إزالة ما يزيد عن 100 ألف طن من ركام الأبراج السكنية والعمارات متعددة الطوابق.

وقال سرحان في حديث خاص لـ"عربي بوست": "إن الشركات المصرية ساعدت بشكل أساسي في إزالة الركام ومساعدة المقاول الفلسطيني بالمعدات والآليات والفنيين، وكان لهم إسهام واضح في عمليات إزالة الركام".

وأضاف: "نحن الآن في المراحل الأخيرة لإزالة الركام في قطاع غزة، ولم يتبق سوى بعض العمارات السكنية التي يعمل على إزالتها منظمات أممية"، مشيراً إلى مغادرة ثلثي الفريق المصري قطاع غزة، وبقاء نحو 30 مهندساً وعاملاً فقط سيمكثون في القطاع إلى حين بدء عمليات إعادة الإعمار، وفق قولهم.

وتعمل شركة أبناء سيناء للتجارة والمقاولات العامة، وشركة سيناء للتنمية الصناعية في عمليات إزالة الركام، بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بسرعة الانتهاء من عملية إزالة الأنقاض وبدء مرحلة الإعمار في قطاع غزة، بحسب ما أعلنته شركة أبناء سيناء في حسابها على موقع فيس بوك.

وتقول شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار: "إنها قادرة على إعمار غزة من جديد"، فيما تؤكد شركة أبناء سيناء للتجارة والمقاولات العامة استعدادها لإدخال مواد البناء إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، وتنفيذ الأعمال الموكلة للشركات في قطاع غزة.

مشاريع مصر

وحول تفاصيل إعادة الإعمار المصري لقطاع غزة، كشف ناجي سرحان عن المشاريع التي تم طرحها خلال زيارته إلى القاهرة على رأس وفد اقتصادي فلسطيني في يونيو/حزيران الماضي، التقى خلالها بنائب رئيس جهاز المخابرات العامة وعدد من قادة الجهاز واستشاريين بأعمال إعادة الإعمار، لإطلاعهم على حجم الخسائر وبحث خطط وبرامج إعادة الإعمار.

وقدّم الوفد الفلسطيني – وفق سرحان – دراسة أولية للجهات المصرية تضمنت أولويات إعادة الإعمار، وجرى فيها طرح بناء 35 برجاً وعمارة متعددة الطوابق، وإنشاء 3 تجمعات سكنية مصرية في قطاع غزة "واحدة في شمال القطاع، والثانية في مدينة غزة، والثالثة وسط القطاع" بواقع 2000 وحدة سكنية سيستفيد منها المواطنون مع أولوية أصحاب الدخل المحدود والفقراء.

وتشمل الدراسة تمويل مصر بناء "كورنيش" على شاطئ بحر شمال قطاع غزة، وبناء "2 كوبري" أحدهما عند مفترق السرايا وسط مدينة غزة، والثاني في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وأوضح سرحان أن الوفد الاقتصادي الفلسطيني يستكمل مباحثاته في القاهرة بزيارة ثانية، كانت مقررة الأربعاء، لاستلام الرد المصري والاتفاق على تفاصيل البدء بإعادة الإعمار، لكن إغلاق معبر رفح منذ 3 أيام سيحول دون ذلك، متمنياً أن تتم الزيارة خلال الأسبوع المقبل.

ويتطلع الوفد الاقتصادي الفلسطيني إلى معرفة البرنامج المصري لبدء الإعمار، وما تمت الموافقة عليه من الدراسة المقدمة والاتفاق على الجدول الزمني لذلك، مشيراً إلى أن "الوفد الفلسطيني لمس جدية مصرية في الالتزام بالمنحة المُعلنة"، وفق قوله.

وأوضح وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة أن الدراسة تؤكد على أن عمليات الإعمار ستتم بأياد وشركات فلسطينية من خلال طرح المناقصات، وبمواد بناء مصرية يتم إدخالها عبر معبر رفح.

وبدأت شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار بوضع الخطط والرسومات الهندسية للمباني التي ستبدأ بإعادة إعمارها ونشرها عبر حسابها على موقع فيسبوك، منها رسومات برج هنادي، وبرج الشروق، وعمارة الخولي، لكن سرحان نفى أن تكون هذه الخطط والرسومات قد عرضت عليهم بشكل رسمي لاعتمادها.

استخدام الملف كأداة ضغط..

وتخشى أطراف فلسطينية استخدام مصر ملف إعادة الإعمار في غزة كوسيلة ضغط كما تفعل في بوابة معبر رفح جنوب قطاع غزة المتنفس الوحيد لسفر معظم سكان القطاع.

ولم يُخفِ خالد أبوهلال الأمين العام لحركة الأحرار، خشيته من استخدام مصر هذا الملف لابتزاز غزة إما استجابة لضغط إسرائيلي كما جرى في الإغلاق المفاجئ لمعبر رفح بعد يوم من قنص جندي إسرائيلي شرق غزة وتصعيد المواجهة الشعبية مع الاحتلال، أو استجابة لرغبة مصرية داخلية لإجبار غزة على قضايا تريدها مصر لا سيما في ملف الوساطة مع الاحتلال.

وأكد أبوهلال، في حديث خاص لـ "عربي بوست"، أن ملف معبر رفح الذي تتحكم فيه مصر، يعد مثالاً على معاناة الفلسطيني، وأداة لممارسة الضغط والابتزاز، وقد يُطبق ذات الأمر في ملف الإعمار، مع فارق أن الضرر في هذا الملف سيصيب آلاف المواطنين الذين أصبحوا بلا مأوى منذ العدوان الأخير، وقطاع الاقتصاد المتهالك أصلاً والذي لا يحتمل الإصابة بأية خيبات.

غزة سوق مصري

ويرى خبراء الاقتصاد في قطاع غزة أنه إذا ما طُبقت الوعود المصرية بإعادة إعمار القطاع، فإن ذلك من شأنه فتح نافذة مالية ورافداً مهماً لكلا الاقتصاديين "الفلسطيني والمصري".

وعلى صعيد اقتصاد قطاع غزة، فإن التوقعات تشير إلى زيادة النمو الاقتصادي منذ اللحظة الأولى لبدء الإعمار من الحالة السلبية نتيجة كورونا والحرب الإسرائيلية، إلى معدل نمو موجب يصل إلى 3%، وفق د. مازن العجلة خبير اقتصادي.

ويرى العجلة، في حديث خاص لـ "عربي بوست"، أن إعادة الإعمار ستساهم بشكل ملموس في تقليل معدلات البطالة في المجتمع الغزي التي وصلت إلى 48% في الربع الأول من 2021، وسينعش قطاع الإنشاءات الذي يمثل 7% من القطاعات الاقتصادية المتوقف حالياً بسبب عدم دخول مواد البناء.

ويعتبر العجلة قطاع غزة سوقاً مهمة للاقتصاد المصري، نظراً إلى حاجة السوق الفلسطينية الكبيرة للسلع والمنتجات وسهولة وصولها بتكلفة أقل بسبب المسافة الجغرافية، مشدداً على أن القرب الجغرافي يجعل من العلاقة الاقتصادية الفلسطينية والمصرية ضرورة ملحة بعيداً عن الاعتبارات السياسية.

خسائر نصف مليار

وتقدر خسائر العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بنحو 479 مليون دولار، موزعة على ثلاثة قطاعات رئيسية، الأول، قطاع الإسكان والبنية التحتية، الذي تعرض لأضرار مباشرة بلغت نسبتها حوالي 61 بالمئة من إجمالي الخسائر، بقيمة وصلت إلى نحو 292.4 مليون دولار، من بينها 144.8 لقطاع الإسكان فقط، وفق تقرير رسمي للجنة الحكومية العليا لإعمار غزة.

أما القطاع الثاني، فهو التنمية الاقتصادية، الذي بلغت نسبة إجمالي أضراره المباشرة نحو 33 بالمئة من إجمالي الأضرار، بقيمة 156 مليون دولار، والتنمية الاجتماعية، هو القطاع الثالث، حيث تكبّد خسائر بنسبة 7 بالمئة من إجمالي الأضرار التي تم حصرها، وبلغت قيمتها حوالي 30 مليون دولار.

وحول إعادة الإعمار، فإن رؤية اللجنة الحكومية تتمثل بفتح المعابر بشكل كامل، وإدخال مواد البناء ورفض آلية الإعمار التي تم تنفيذها عقب الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، والتنسيق الكامل بين المؤسسات الحكومية العاملة في قطاع غزة.

تحميل المزيد