هل تعلم أن هناك علاقة وطيدة جمعت ما بين الجيش الأمريكي والآيس كريم عبر التاريخ، لدرجة دفعت الأسطول البحري لإنفاق نحو مليون دولار على سفينة من المثلجات فقط.
ففي الحرب العالمية الأولى أطلق عليها وزير الحرب اسم "طعام جنود الخناق المعنوي"، وفي الحرب العالمية الثانية نمت الآيس كريم لتصبح رمزاً أمريكياً يرفع من معنوات الجنود حتى إنَّ الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني حظر الآيس كريم في بلاده، كما نتج في العام 1943 أن أصبحت القوات المسلحة الأمريكيّة أكبر منتج للآيس كريم في البلاد، فما هو السر وراء هذه العلاقة الغريبة؟
علاقة الجيش الأمريكي بالآيس كريم
بدأ الأمر في العام 1914 عندما أعلن الجيش الأمريكي مع بدء الحرب العالمية الأولى حظر المشروبات الكحوليّة على متن المركبات البحرية.
ومن ثمَّ تبعه بفترة وجيزة قانون آخر يقضي بحظر المشروبات الكحولية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
لم يجد عناصر الأسطول البحري سوى المثلجات لتصبح بحكم الواقع هي العنصر الأساسي في رفع الروح المعنوية لهم أثناء الحرب ولتحل محل المشروبات الكحولية، حتى إنّ وزير الحرب آنذاك اعترف بأنها باتت ترفع من معنويات الجنود.
ما هي إلا فترة قصيرة حتى أصبح الآيس كريم شيئاً أساسياً في حياة الأمريكيين، حتى إنّ غالبية معامل المشروبات الكحوليّة تحولت إلى صناعة الآيس كريم والمشروبات الغازية مثل "Yuengling" و "Anheuser-Busch" وفقاً لما ذكره متجر Umpqua Dairy المتخصص في بيع منتجات الألبان والآيس كريم في الولايات المتحدة.
إضافة إلى أنَّ الشعب الأمريكي حاول الضغط على المستشفيات من أجل تقديم المثلجات للجرحى القادمين من الحرب، ولكن لسوء الحظ أدت أزمة نقص السكر العالمية إلى توقف هذه الحملة.
وبحلول العام 1930 كان الأمريكيون يأكلون أكثر من مليون جالون من الآيس كريم يومياً، والأهم من ذلك أن هذه الحلوى اللذيذة ارتبطت بفترات الراحة والتسلية التي لطالما استخدموا شرب الكحول خلالها.
بداية الحرب العالمية الثانية
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، حظرت الدول الأوروبية الآيس كريم باعتباره استخداماً مسرفاً للسكر، حتى إنَّ بريطانيا ذهبت إلى حد تشجيع المواطنين على تناول الجزر كبديل لها.
في ذلك الوقت كان الأمريكيون يخوضون الحرب، وفي الوقت نفسه يتناولون الآيس كريم؛ إذ قدمت جميع فروع قوات الجيش الأمريكي الآيس كريم لعناصرها.
لكنّ القوات البحرية كان لديها واحد من أكثر المشاريع إثارة للاهتمام، وهو إنفاق نحو مليون دولار من أجل تحويل بارجة خرسانية إلى مصنع آيس كريم عائم.
مصنع آيس كريم عائم في المحيط الهادئ
بعد تجهيز البارجة تمَّ سحبها إلى المحيط الهادئ من أجل توصيل الآيس كريم منها باتجاه السفن والبوارج الأخرى المشاركة في الحرب؛ إذ كانت البارجة تنتج يومياً نحو 500 غالون من الحلوى المثلجة للبحارة بمعدل 10 غالونات كل 7 دقائق وفقاً لما ذكره موقع History Net الأمريكي.
كانت تحتوي على أكثر من 2000 جالون من الآيس كريم وتنتج 10 جالونات كل سبع دقائق.
هذه الفكرة دفعت أيضاً بقية أفرع الجيش الأمريكي إلى بناء مصانع آيس كريم صغيرة على الخطوط الأمامية لضمان سرعة إيصال علب المثلجات إلى الجنود وهم داخل خنادقهم.
أخذوا معهم الآيس كريم أثناء غرقهم
وفي عام 1942، تعرضت حاملة الطائرات ليكسينغتون USS التي كانت ثاني أكبر حاملة طائرات في الترسانة البحرية لأضرار، جراء ضربة من توربيد ياباني ثم بدأت في الغرق.
ولكن البحارة لم يغادروا السفينة إلا بعد أن أخذوا معهم حاويات المثلجات من البرادات.
وقال الناجون من الحادثة، وفقاً لما ذكرته مجلة Atlantic الأمريكية: "كانوا يغرفون المثلجات في الخوذ ثم يبدأون في لعقها حتى إنّ تلك الخوذ صارت نظيفة قبل النزول في مياه المحيط الهادي".
صنع الآيس كريم في الهواء
وبحلول العام 1943 كانت لدى قائد سرب جوي يدعى هانتر راينبورغ فكرة مذهلة تتمثل بتحويل القاذفات الأمريكيّة إلى آلة آيس كريم من أجل رفع معنويات جنوده.
إذ اكتشف أنه يمكن ربط دلاء من مزيج الآيس كريم بمقصورة الدفع الخلفي، وباستخدام اهتزازات المحرك يمكن تحريكها، وبما أنّ درجات الحرارة في الأعلى منخفضة فسيضمن ذلك تجمدها.
وعندما تعود القاذفات إلى الأرض يكون الخليط قد أصبح آيس كريم حقيقياً.
وقد أفادت بعض الشهادات المذكورة في كتاب The Crash of Ruin للكاتب بيتر شرايفرس (يمكنك تحميله من هنا) أنَّ الجنود على الأرض كانوا يخلطون المزيج الذي تم تجميده من على القاذفات وخلصه بألواح شوكولا ذائبة داخل خوذهم لتناولها.
وعندما انتهت الحرب، ورفعت تقنين منتجات الألبان بما فيها المثلجات، احتفل الأمريكيون بانتصارهم في الحرب عن طريق تناول الآيس كريم، حتى إنّ كل شخص استهلك لوحده أكثر من 20 ليتراً من المثلجات في العام 1946.
أما بارجة الآيس كريم التي لم يُطلق عليها اسم، بات مصيرها مجهولاً، لكن البعض يعتقد أنها غرقت مع السفن الأخرى التي عفا عليها الزمن.