مع التقدم المتسارع لمقاتلي حركة طالبان وسيطرتهم على أجزاء واسعة من أفغانستان، أعلن الرئيس الأفغاني، الأربعاء 11 أغسطس/آب 2021، إقالة قائد الجيش، بينما توجه إلى مدينة مزار شريف التي لا تزال محاصرة من قبل طالبان.
كان رئيس أركان الجيش المعزول، الفريق ولي محمد أحمدزاي، تولى منصبه فقط في يونيو/حزيران الماضي، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية الأربعاء.
لكن منذ ذلك الحين شهدت البلاد استسلام عددٍ كبير من القوات العسكرية النظامية في أفغانستان لحركة طالبان أو فرارها من جبهات القتال، ما سمح للحركة بالسيطرة على تسع مدن من عواصم البلاد الإقليمية، البالغ عددها 34، إضافة إلى معظم المناطق الريفية المحيطة.
وحدات كوماندوز لمواجهة طالبان
من جهة أخرى برزت وحدات كوماندوز العمليات الخاصة في الأسابيع الأخيرة، بوصفها الجزء الوحيد الصامد في مقاتلة طالبان من قوات الأمن الحكومية الأفغانية التي تمولها الولايات المتحدة، ويبلغ عدد أفرادها نظرياً نحو 350 ألف رجل.
تقول الصحيفة الأمريكية إنه ربما لذلك تقرَّر تولية قائد قوات العمليات الخاصة في الجيش الأفغاني، الجنرال هيبة الله عليزاي، قائداً عاماً جديداً للجيش.
في المقابل، واصلت الحركة هجماتها الأربعاء، حيث توغلت في مدينة قندهار الجنوبية ومدينة غزنة الشرقية، إضافة إلى تقدمها لتحل محل القوات الحكومية المتقهقرة في شمال البلاد.
مدينة مزار شريف، التي يبلغ عدد سكانها نحو نصف مليون نسمة، هي الجزء الوحيد المتبقي من شمال أفغانستان تحت سيطرة الحكومة، في حين أن سقوطها يُتيح لحركة طالبان حشدَ قواتها للزحف نحو العاصمة كابول.
أمراء الحرب ينسقون جهودهم
في محاولة للتصدي لتقدم الحركة، اجتمع أمراء الحرب البارزون من أعضاء ما يُسمى بقوات "التحالف الشمالي"، الذين سبق لهم محاربة طالبان قبل الاحتلال الأمريكي عام 2001، مع الرئيس أشرف غني في مزار شريف، يوم الأربعاء، وتعاهدوا على التصدي لحركة طالبان واستعادة المناطق التي سيطرت عليها في الفترة الأخيرة.
قال أحد القادة البارزين في هذا التحالف، أمير الحرب الأوزبكي عبدالرشيد دوستم، الذي استولت الحركة على مسقط رأسه شبرغان في مطلع هذا الأسبوع: "جاءت طالبان إلى الشمال في الماضي، وكان الشمال فخاً لها، سترون بأم أعينكم كيف يحتشد كل السكان للوقوف ضدهم، ولا يحق لأحدهم بعد ذلك أن يأتي ويشتكي قائلاً إن المارشال دوستم فعل كذا أو كذا بهم أو أنه فتك بالأسرى".
على صعيد آخر، قال محمد أفضل حديد، رئيس مجلس شورى ولاية بلخ، التابعة لمدينة مزار شريف "إن غني تعهد خلال الاجتماعات بإنهاء أشهر من التقاعس البيروقراطي عن دعم ما سماه بـ"ميليشيات الانتفاضة" ضد الحركة، وإنه سيصدر بطاقات مصرفية يُدفع من خلالها رواتب لهؤلاء المقاتلين".
مع ذلك، قال حديد منتقداً: "لكن هذا الموقف الآن أشبه بالتداوي بعد الموت، لو كان استمع إلى نصائحنا قبل شهرين لَما واجهنا الوضع الحالي، لقد فقدنا كل الرهانات والفرص" التي كانت متاحة.
طالبان تسعى لتحقيق نصر في المعركة
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، إنها تعمل من أجل التوصل إلى إجماع دولي بشأن الحاجة إلى اتفاق سلام في أفغانستان، حتى مع إقرارها بأن "جميع المؤشرات" تشير إلى سعي الحركة"لتحقيق نصر في ساحة المعركة".
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في الوقت الذي التقى فيه مبعوثون من أمريكا والصين وروسيا ودول أخرى في الدوحة مع مفاوضين من حركة طالبان والحكومة الأفغانية، في محاولة لكسر الجمود في محادثات السلام.
قال برايس في إفادة صحفية إن طالبان تنتهك "نص وروح" اتفاقية فبراير/شباط 2020، بين الولايات المتحدة والحركة، لانسحاب جميع القوات الأمريكية من أطول حرب للولايات المتحدة.
أضاف برايس أن طالبان ملتزمة بإجراء محادثات بين الأفغان بشأن اتفاق سلام يؤدي إلى "وقف دائم وشامل لإطلاق النار". وقال "كل الدلائل تشير إلى أن طالبان تسعى بدلاً من ذلك إلى تحقيق انتصار في ساحة المعركة". وقال إن "مهاجمة عواصم الأقاليم واستهداف المدنيين يتعارض مع روح الاتفاق".
كما أشار برايس إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص زلماي خليل زاد ونظراءه الروس والصينيين والباكستانيين ومسؤولين من دول أخرى ومنظمات دولية، بدأوا محادثات في الدوحة مع مفاوضي الحركة وكابول، الثلاثاء 10 أغسطس/آب.