أصبحت حركة طالبان، صباح الإثنين 9 أغسطس/آب 2021، تسيطر على خمس من عواصم الولايات الأفغانية، البالغ عددها 34، بعد أن استولت على ثلاث منها أمس الأحد بما في ذلك مدينة قندوز، في هجوم كبير يبدو أن الجيش عاجز عن إيقافه.
بفارق بضع ساعات أمس الأحد، استولى مقاتلو الحركة بعد قتال عنيف على قندوز التي كانوا يحاصرونها منذ بضعة أسابيع، ثم سيطروا على ساري بول، وتالقان، عاصمتي المقاطعتين الواقعتين في جنوب قندوز وشرقها.
ذبيح الله حميدي، أحد سكان تالقان عاصمة ولاية تخار، قال في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، إن "العنف بدأ في الصباح وانتهى الأمر بطالبان بالسيطرة على المدينة بدون كثير من القتال"، وإن المسؤولين الرسميين والقوات الأمنية فروا من المدينة.
كذلك أكد مسؤول أمني فرار القوات الأفغانية وقادة محليين إلى منطقة قريبة، وقال: "فشلت الحكومة في إرسال مساعدات لنا، وانسحبنا من المدينة بعد ظهر اليوم (الأحد)".
بدوره، أكد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، سيطرة الحركة على تالقان، فيما أكدت وكالة الأنباء الفرنسية سيطرة طالبان على جميع المباني الرئيسية في المدينة.
أهمية كبيرة لقندوز
تُعد مدينة قندوز التي يبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة، والتي احتلها مقاتلو طالبان مرتين في السنوات الأخيرة، في عامي 2015 و2016، مفترق طرق استراتيجي في شمال أفغانستان بين كابول وطاجيكستان.
إذ تشكّل السيطرة على قندوز أكبر نجاح عسكري لطالبان منذ بدء الهجوم الذي شنته في أيار/مايو مع بدء انسحاب القوات الدولية الذي يجب أن ينتهي بحلول 31 آب/أغسطس.
ابراهيم ثوريال باهيس، أحد المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية، قال إن "الاستيلاء على قندوز مهم حقاً لأنه سيتيح إطلاق سراح عدد كبير من مقاتلي طالبان الذين يمكن حشدهم في أماكن أخرى في شمال أفغانستان".
بعد قندوز، سقطت ساري بول أيضاً في أيدي طالبان، وكان مقاتلو الحركة قد استولوا يوم السبت الفائت على شبرغان معقل زعيم الحرب الشهير عبدالرشيد دوستم.
الناشطة الحقوقية باروينا عظيمي قالت للوكالة الفرنسية إن المسؤولين الإداريين وبقية القوات المسلحة انسحبوا إلى ثكنات تبعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن ساري بول.
قد يكون عجز السلطات في كابول عن السيطرة على شمال البلاد أمراً حاسماً لفرص الحكومة في البقاء، إذ لطالما اعتُبر شمال أفغانستان معقلاً للمعارضة في وجه طالبان، فهناك واجه عناصر الحركة أقوى مقاومة عندما وصلوا إلى السلطة في التسعينات.
كان هجوم طالبان قد اكتسب زخماً في الأيام الأخيرة، بعد إعلان الولايات المتحدة أنها ستنهي مهمتها العسكرية في البلاد بحلول آخر أغسطس/آب الجاري.
في الأيام القليلة الماضية، كثفت طالبان هجماتها على الأقاليم الشمالية التي تقع خارج معاقلها التقليدية في الجنوب، لكن الحركة تحقق مكاسب ميدانية بسرعة في الشمال، خاصة على حدود أفغانستان مع جاراتها وشريكاتها التجارية في آسيا الوسطى: تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان.
يُذكر أن طالبان حكمت البلاد بين عامي 1996 و2001، وفرضت تفسيرها الصارم للشريعة الإسلامية، قبل أن يطيحها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.