الشائعات حول تدهور صحة محمود عباس تكشف حقيقة مزعجة لإسرائيل: لا يزال يرفض اختار خليفة له!

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/03 الساعة 13:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/03 الساعة 13:37 بتوقيت غرينتش
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس/ رويترز

عجَّت مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية والإسرائيلية خلال نهاية الأسبوع الماضي بشائعات حول تدهور صحة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وتقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية إن الأنباء التي انتشرت بسرعة ولا أساس لها دفعت مسؤولين إسرائيليين لإفادة وسائل الإعلام بأنَّ "عباس على قيد الحياة وبصحة جيدة". في الوقت نفسه أطلع مسؤولو السلطة الفلسطينية أيضاً وسائل الإعلام الفلسطينية على أنَّ الرئيس موجود بمنزله في رام الله وعلى تواصل مع وزراء حكومته.

وتقول الصحيفة، صحيح أن الشائعات كانت كاذبة، لكنَّ الحقيقة بشأن عباس مزعجة بما يكفي بحد ذاتها، فهو مُدخِّن شره يبلغ من العمر 85 عاماً، ويحكم السلطة الفلسطينية منذ 2005، وليست لديه أية خطط واضحة لإرخاء قبضته على السلطة في أي وقتٍ قريب. فبعد 15 عاماً قضاها في المنصب لا يُظهِر الرجل أي إشارات على تحضير أي شخص آخر لخلافته أو الحلول بدلاً منه. ولو أنَّ الأمر تُرِكَ له يبدو أنَّه سيستمر في قيادة السلطة الفلسطينية من مُجمَّعه في رام الله حتى يوم مماته.

ومن الممكن أن تكون هذه مشكلة كبيرة للحكومة الإسرائيلية الجديدة، وكذلك لإدارة بايدن حسب هآرتس، لأنَّه في يومٍ ما سواء كان ذلك بعد 5 أسابيع أو خمس سنوات من الآن قد تبدأ الشائعات حول صحة عباس في الانتشار مجدداً، وقد تكون صحيحة هذه المرة، وإن لم تكن هناك خطة واضحة آنذاك بشأن وجود قيادة جديدة تخلفه، ستواجه الساحة الفلسطينية فراغاً في السلطة يمكن أن ينزلق بسهولة إلى "العنف"، بحسب وصف هآرتس.

"القادة الأمنيون في إسرائيل يعلمون قيمة محمود عباس الكبيرة"

كثيراً ما يتعرَّض عباس للسخرية من جانب الخبراء والسياسيين الإسرائيليين، الذين يحبون الإشارة إليه باعتباره رئيساً عجوزاً وضعيفاً وغير مؤثر، لكنَّ القادة الأمنيين والاستخباراتيين في إسرائيل لا يشاطرونهم هذه الرؤية، فهم يعلمون جيداً مدى التزام عباس طوال سنوات بالتنسيق الأمني والاستخباراتي بين قوات السلطة وإسرائيل، رغم مدى الرفض الشديد للتنسيق في الشارع الفلسطيني.

وهم يعرفون أيضاً أنَّه رغم كل نقائص عباس فإنَّه تمكن من الحفاظ على نطاق سيطرته المحدودة في الضفة الغربية مستقراً وهادئاً نسبياً بما حقق مصلحة كبيرة لإسرائيل، وذلك خلال عقد مضطرب من الثورات والحروب في المنطقة العربية.

هناك أيضاً شعور متزايد بين المستويات الأمنية العليا في إسرائيل بالتقدير لمجرد قدرة عباس على البقاء، فمنذ فوزه الانتخابي الأول والأخير، فَقَدَ ديكتاتوريون عرب أقوياء سلطتهم، وجاء ورحل رؤساء أمريكيون، وحتى بنيامين نتنياهو الذي كان يُفتَرَض أنَّه "أبديّ" قد استُبدِل في إسرائيل، ولا يزال عباس في مكانه.

عباس لا يزال يرفض ترتيب خلافته بعد رحيله

لكنَّ كل هذه الميزات -الاستقرار والقدرة على البقاء والموثوقية (على الأقل في مجال التنسيق الأمني)- جاءت بثمن، وهو الثمن الذي اختارت إسرائيل والإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاهله بسهولة على مدى السنوات.

تقول الصحيفة: كان الثمن هو تبنّي عباس نمط حكم ديكتاتوري استبدادي يتسم بجنون الشك. فقد أسكت الصحفيين والمنافسين السياسيين، وألغى الانتخابات المرة تلو الأخرى، وحاول إغلاق مؤسسات المجتمع المدني لأسباب مثار شك.

كانت بعض هذه المشكلات واضحة بالفعل خلال سنواته الأولى في المنصب، لكنَّ الأمور تدهورت بسرعة في السنوات الأخيرة، فيما أصبح عباس أكثر عزلة من أي وقتٍ مضى في مجمّعه الرئاسي.

كان أحد جوانب نهج عباس الإشكالي بصفة خاصة هو رفضه المستمر بدء أي شكل من أشكال خلافة الحكم، أو القيام بأي استعدادات لليوم الذي ينتهي فيه حكمه في نهاية المطاف.

وافتقار عباس لأي خطط للاستقالة أو السماح بإجراء انتخابات أو انتقال مُنظَّم للسلطة واضح لكل الفاعلين الإقليميين في هذه المرحلة، كما لم يتخذ أي خطوات واضحة للإشارة إلى خليفة محتمل له يمكن أن يتدخل بعدما يموت أخيراً.

كانت هناك لحظة بدا فيها ذلك ممكناً قبل ثلاث سنوات، بعد تعيينه محمود العالول نائباً له في حركة فتح، حين بدا الأخير مرشحاً رائداً ليحل محل الرئيس الثمانيني، لكن إذا كانت تلك هي نية عباس فإنَّه لم يبذل أي جهد آخر لإيصالها للعامة أو للبلدان التي تدعم السلطة الفلسطينية.

إسرائيل وأمريكا غير مستعدتين لرحيل عباس بعد

بحسب هآرتس، فإن مشكلة إسرائيل الرئيسية فيما يتعلق بأزمة خلافة الحكم الحتمية في فلسطين هي أنَّه لا مصلحة لها في النظر إليها باعتبارها تتدخل في السياسة الداخلية الفلسطينية، وهو ما يتركها بلا خيارات حقيقية للتأثير على العملية. أما سيناريو الحلم الإسرائيلي فهو أن تضطلع دولة عربية صديقة جارة، مثل الأردن أو مصر أو السعودية، بمسؤولية هذه المسألة الحساسة والضغط على عباس لاختيار خليفة له أو السماح لحركته بفعل ذلك من خلال مؤسساتها الداخلية. لكن لم تُعبِّر أي دولة عربية حتى الآن عن اهتمامها بفعل ذلك، بخسب الصحيفة الإسرائيلية.

غير أنَّ أحد الأخبار البسيطة السارة على هذا الصعيد هو التغيُّر الأخير في السلطة بواشنطن. فإدارة ترامب كانت غير مهتمة بالمسألة، وكان عباس ينظر إليها مُحقاً باعتبارها معادية للفلسطينيين. لكن بعد نصف سنة من تولي السلطة، أظهرت إدارة بايدن نهجاً أكثر جدية تجاه القضية الفلسطينية – الإسرائيلية، وقد استقبلها عباس وحلفاؤه في رام الله بتنفُّس الصعداء.

لا أحد يعلم متى سيرحل عباس في نهاية المطاف، لكن الأمر الواضح جداً هو أنَّه إذا ما حدث ذلك غداً، ستكون الولايات المتحدة وإسرائيل غير مستعدتين على نحوٍ خطير لذلك.

تحميل المزيد