قال سفيان بقالي، المتوَّج بذهبية سباق 3 آلاف متر موانع، ضمن الألعاب الأولمبية الجارية حالياً بطوكيو، إنه عاش ضغوطات نفسية رهيبة قبل خوضه النهائي، بسبب معرفته التامة بأنه يحمل على عاتقه آمال الرياضة والجمهور المغربي في هذه الدورة.
وأضاف البطل الأولمبي في حوار أجراه معه "عربي بوست" أنه سعى إلى رفع الراية المغربية إلى جانب رايات البلدان العربية التي تمكن رياضيوها من التألق.
كما كشف البقالي عن مكالمة هاتفية أجراها مع والدته ليلة السباق، ساهمت بشكل كبير في تخفيف الضغوط النفسية عليه، كما لم يخفِ الدور الذي لعبه الأبطال المغاربة السابقون، الذين أسدوا له النصح قبل حضوره إلى اليابان.
بعد انتظار 17 سنة، أهديت ذهبية أولمبية للمغرب، أخبرنا عن شعورك بعد هذا الإنجاز الكبير؟
لا يمكن تصور حجم الفرحة التي أشعر بها بعدما دخلت نادي المتوجين بالذهب الأولمبي، هذه الميدالية طاردتها منذ سنوات، وتحديداً منذ فشلي في صعود منصة التتويج في أولمبياد ريو دي جانيرو بالبرازيل في العام 2016، إذ اكتفيت حينذاك بالمركز الرابع، عاهدت نفسي حينها أنني لن أترك فرصة أولمبياد طوكيو تمر، دون أن أنقش اسمي ضمن لائحة العدائين المغاربة الذين زينوا سجل المغرب بميداليات ذهبية، في هذا الحدث الرياضي الهام، ولن تفوتني الفرصة، لإهداء هذا الإنجاز لجلالة الملك الذي يولي اهتمامه بالرياضة والرياضيين ويوفر لهم كل الظروف، التي تساعدهم في تحقيق الأهداف المسطرة، كما أهدي هذه الميدالية إلى الشعب المغربي الذي لم يبخل عليَّ بالدعم والمساندة والتشجيعات، وأقول للجمهور الرياضي المغربي والعربي بصفة عامة هذه ميداليتكم، ساهمتم في تحقيقها عبر تشجيعكم غير المشروط.
بعد توالي إخفاقات الرياضيين المغاربة في دورة الألعاب الأولمبية الحالية، تركزت كل الآمال عليك، عشت ضغطاً رهيباً قبل السباق، كيف استطعت تجاوز ذلك، وحققت الذهب؟
الضغط كان كبيراً جداً عليَّ منذ وطئت قدمي القرية الأولمبية بالعاصمة اليابانية، وازداد حجمه بعد كل هزيمة يتلقاها رياضي مغربي، كنت أنتظر بفارغ الصبر موعد السباق من أجل التخلص من هذا الهاجس، كنت واثقاً من قدرتي على المنافسة على الميدالية الذهبية، لذلك حاولت رفقة مدربي تخفيف الضغوطات عبر التركيز في التدريب والاستعداد للسباق النهائي ووضع جميع السيناريوهات التي يمكن أن تحدث داخل السباق في ظل وجود عدائين كبار، ومن بين الأمور التي ساعدتني في تخفيف الضغط هي مكالمة هاتفية أجريتها ليلة السباق مع والدتي، حيث شعرت أمي بمدى الضغط النفسي الذي أعانيه، فأخبرتني بطرد كل الهواجس عني والتركيز فقط على السباق، بغض النظر عن النتيجة، قالت لي: "الذي يأتي به الله مرحباً به، لا تضغط كثيراً على نفسك، وسنكون راضين بأي نتيجة تحققها".
الذهبية الأولمبية التي فزتُ بها، جاءت بعد قطيعة دامت 17 سنة منذ آخر ذهبية فاز بها البطل هشام الكروج في دورة أثينا، لتكون صلة وصل بين الماضي والحاضر، كيف تصف ذلك؟
المغرب أنجب أبطالاً كباراً في ألعاب القوى، وأنا أفتخر بهم جميعاً، لقد منحوني القوة اللازمة للفوز بهذا السباق وتحقيق ذهبية جديدة للمغرب، تواصلت معهم قبل مجيئي إلى هنا، وأخبروني بأن أجري السباق دون استحضار أنه سباق تاريخي كبير يشاهده الملايين عبر العالم، ويدخل ضمن أكبر محفل رياضي كوني، بل أرشدوني إلى أن أجري السباق بشكل عادي جداً كما لو أنه حصة تدريبية، سيما في ظل غياب الجمهور بسبب جائحة فيروس كورونا، كما عكفت على مشاهدة السباقات النهائية التي خاضها الأبطال المغاربة السابقون، لأتزود بشحنات معنوية إضافية تساعدني على تخفيف الضغوط النفسية، والحمد لله تعاملت مع مجريات السباق كما يجب، وأنا اليوم دخلت تاريخ الأولمبياد كواحد من الرياضيين المتوجين بالذهبية.
في مقابل الإخفاقات التي سجلتها الرياضة المغربي في طوكيو، كان عداؤون عرب يصعدون إلى منصات التتويج، كيف تابعت هذا المشهد قبل دخولك السباق النهائي؟
بطبيعة الحال، كنت أشعر بالفرح مع كل تتويج عربي في الأولمبياد، تابعت تألق الأردني صالح الشرباني، والتونسيين أحمد الحفناوي ومحمد الجندوبي، والمصريين سيف عيسى وهداية ملاك، والكويتي عبدالله الرشدي، والقطري فارس حسونة، وبالخصوص تتبعت فوز القطري الآخر معتز برشم بالذهبية، وكلها إنجازات زادتني حماساً وإصراراً على السعي للفوز بالذهب وضم اسم المغرب إلى جانب أسماء أشقائه في لائحة المتوجين بالميداليات في الدورة الحالية، حيث كنت أعي تماماً أن كل الآمال مركزة على كاهلي لرفع الراية المغربية في طوكيو، وعزف النشيد الوطني تماماً كما عزفت أناشيد بلدان عربية هنا.
في السباق النهائي لمسافة 3 آلاف متر موانع، شارك إلى جانب المغربي الشاب محمد تيندوفيت، هل ساعدك وجوده إلى جانبك على خط الانطلاق؟
أنا سعيد جداً بعد بلوغ هذا العدَّاء السباق النهائي لأول مرة في تاريخه، تيندوفيت عداء قادم بقوة، واستحق خوضه للسباق النهائي عن جدارة، كنت سعيداً جداً بوجوده إلى جانبي، لأنني كنت في السباقات النهائية التي خضتها سواء في بطولات العالم والأولمبياد، أجد نفسي وحيداً وسط مجموعة من العدائين الكينيين والإثيوبيين، الذي يعملون كفريق واحد للإطاحة بي، لكن وجود عداء مغربي بجانبي منحني اطمئناناً كبيراً، وأتمنى في المستقبل أن يشارك المغرب بثلاثة عدّائين في السباقات النهائية، لأنه كلما كان العدد أكبر زاد الاطمئنان، وسهل علينا وضع تكتيك معين للتعامل مع مراحل السباق.
بعد ذهبية طوكيو هل يمكننا أن نقول إنك بتَّ اليوم سيداً لمسافة 3 آلاف موانع؟
المتخصصون يصنفون سباق 3 آلاف موانع، كواحد من أصعب التخصصات في ألعاب القوى، ومن السابق لأوانه أن نصف عدّاء بأنه سيد مسافة معينة، بمجرد فوزه بذهبية أولمبية، وعلى سبيل المثال، في بطولة العالم التي جرت بقطر في العام 2019، صعد منصة التتويج عدَّاؤون لم يكن يتوقعهم أحد، فهذا التخصص اليوم تغير كثيراً عن الماضي، إذ كان محتكراً من قِبَل الكينيين، الذين كانوا يستأثرون بالمراكز الثلاثة الأولى في كل السباقات الكبرى، لكن في السنوات الأخيرة ظهر عداؤون جدد من إثيوبيا تمكنوا من مزاحمة الكينيين في هذا السباق، وكما شاهدتم في السباق الذي توّجت بذهبيته، كان الصراع منحصراً بين كوكبة من العدَّائين من كينيا وإثيوبيا، ولله الحمد استطعت السيطرة على مجرياته، ونجحت الخطة التي وضعتها رفقة مدربي كريم التلمساني، حيث كان الاتفاق على الانطلاق مباشرة بعد الحاجز المائي لحسم السباق، وهو السيناريو الذي حدث بالفعل ودخلت في المركز الأول.