قال مكتب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إن الشيخ تميم أعرب خلال اتصال هاتفي مع الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء 28 يوليو/تموز 2021، عن ضرورة تجاوز الأزمة السياسية الحالية في تونس وانتهاج كل الأطراف طريق الحوار.
يأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه الديمقراطية الفتيَّة بتونس أسوأ أزمة لها منذ عشر سنوات؛ بعد أن أقال الرئيس "سعيد" الحكومة وجمَّد عمل البرلمان بمساعدة الجيش، الأحد الماضي، في خطوة أدانتها الأحزاب الرئيسية، وضمنها الإسلاميون بوصفها انقلاباً.
استعراض تطورات تونس
حيث ذكرت وكالة "قنا" القطرية الرسمية، في بيان، أنه "جرى خلال الاتصال استعراض آخر تطورات الأوضاع في تونس"، حيث أشار أمير قطر إلى "ضرورة تجاوز الأزمة السياسية الراهنة، وأهمية أن تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوزها، وتثبيت دعائم دولة المؤسسات، وتكريس حكم القانون في الجمهورية التونسية الشقيقة، من أجل مصلحة الشعب التونسي الشقيق والحفاظ على استقرارها".
الرئيس التونسي، من جانبه وحسب البيان، أعرب عن "شكره وتقديره" لأمير قطر على موقف بلاده "الداعم لتطلعات الشعب التونسي ووقوفها الدائم إلى جانب تونس". كما أضافت الوكالة أن الاتصال شهد "استعراض العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين الشقيقين والسبل الكفيلة بدعمها وتعزيزها".
موجة إقالة مسؤولين
كذلك وبوتيرة متسارعة ومكثفة، تشهد تونس موجة إقالات لمسؤولين في مؤسسات حكومية ووزارات سيادية ومناصب قضائية، أنهت مهام 24 مسؤولاً حتى مساء الأربعاء.
حيث بدأت هذه الموجة إثر "تدابير استثنائية" أعلنها الرئيس التونسي، قيس سعيّد، مساء الأحد، في يوم شهدت فيه محافظات عديدة احتجاجات شعبية طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة بكاملها واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
فعقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، أعلن سعيّد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعيّن رئيسَها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوماً، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة.
سلسلة الإقالات التي بدأتها الرئاسة، لم ترافقها تفاصيل حول أسبابها، ويتوقع مراقبون أن تتواصل في الأيام المقبلة، لتشمل هياكل محلية، مثل إقالة ولاة المحافظات (محافظين)، وتجميد المجالس البلدية (المحلية).
كذلك وغداة "التدابير الاستثنائية"، أصدر سعيّد، الإثنين، أمراً رئاسياً بإقالة كل من هشام المشيشي رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية بالنيابة، وإبراهيم البرتاجي وزير الدفاع، وحسناء بن سليمان الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة.
حيث قالت الرئاسة إن هذه الإعفاءات سارية منذ الأحد 25 يوليو/تموز الجاري.
تصريف الأمور الإدارية
لملء هذا الفراغ الحكومي، قررت الرئاسة أن يتولى الكُتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية في رئاسة الحكومة والوزارات المذكورة، تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها.
في حين لم تعيّن الرئاسة التونسية إلى اليوم، وزراء لهذه الوزارات ولا رئيساً للحكومة.
كذلك وبعد ساعات من إعلان إعفائه، خرج المشيشي عن صمته ليعلن، مساء الإثنين، أنه غير متمسك بأي منصب في الدولة، وأنه سيسلم المسؤولية إلى رئيس الحكومة الذي سيكلفه الرئيس بالمهمة.
حيث قال المشيشي، على "فيسبوك": "لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن أكون عنصراً مُعطِّلاً أو جزءاً من إشكال يزيد وضعية تونس تعقيداً". وتابع: "مُحافظةً على سلامة كل التونسيين، أُعلن اصطفافي -كما كنت دائماً- إلى جانب الشعب واستحقاقاته، وأعلن عن عدم تمسكي بأي منصب أو أية مسؤولية في الدولة".
فيما لم تصدر ردود فعل من وزيري الدفاع والوظيفة العمومية والعدل بالنيابة بشأن إقالتهما.
تعيين وزير الدفاع
يُذكر أنه تم تعيين البرتاجي وزيراً للدفاع في حكومة المشيشي، التي نالت ثقة البرلمان في أغسطس/آب 2020، بالتوافق مع سعيّد، وفق ما يقتضيه الدستور، لأن مجال الدفاع من اختصاصات الرئيس.
إضافة إلى ذلك وفي مساء الثلاثاء، أعلنت الرئاسة التونسية سلسلة إقالات جديدة استهدفت مسؤولين في مناصب عليا بالدولة، بحسب مجلة "الرائد" الرسمية.
فبمقتضى أمر رئاسي، أقال سعيّد المكلفَ بمهام وكيل الدولة العام، مدير القضاء العسكري، العميد القاضي، توفيق العيوني، ورئيس الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية، عبدالرزاق الكيلاني.
كما أقال كلاً من المعز لدين الله المقدم، مدير ديوان رئيس الحكومة المُقال، والكاتب العام للحكومة وليد الذهبي.
وأقال أيضاً كل مستشاري رئيس الحكومة المُقال الثمانية، وهم: رشاد بن رمضان، ولحسن بن عمر، وإلياس الغرياني، وأسامة الخريجي، وعبدالسلام العباسي، وسليم التيساوي، وزكريا بلخوجة، ومفدي مسدي.
إقالة مسؤولين في ديوان الحكومة
شملت الإقالات أيضاً 9 مكلفين آخرين بمهام في ديوان الحكومة، وهم: فتحي ييار، ومحمد علي العروي، وحسام الدين بن محمود، وبسمة الداودي، وابتهال العطاوي، ومنجي الخضراوين، ونبيل بن حديد، وبسام الكشو، وروضة بن صالح.
في حين سبق أن قال سعيّد إنه اتخذ "التدابير الاستثنائية" من أجل "إنقاذ الدولة التونسية". لكن غالبية الأحزاب رفضتها، واعتبرها البعض "انقلاباً على الدستور"، بينما أيدتها أخرى، معتبرةً إياها "تصحيحاً للمسار".
في المقابل يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي، من بين دول عربية أخرى شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.
لكن في أكثر من مناسبة، اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لاسيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس؛ خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.