“النقد الدولي” يراقب “عن كثب” الوضع في تونس.. قال إن البلد يواجه ضغوطات اقتصادية غير عادية

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/26 الساعة 16:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/26 الساعة 16:59 بتوقيت غرينتش
شعار صندوق النقد الدولي، تعبيرية/ رويترز

أكد متحدث باسم صندوق النقد الدولي، الإثنين 26 يوليو/تموز 2021، أن تونس تواصل مواجهة ضغوط اقتصادية واجتماعية غير عادية، منها تداعيات جائحة كوفيد-19 التي تسبب خسائر كبيرة في الأرواح، وتطلعات التونسيين إلى نمو أعلى وغني بالوظائف وشامل، وذلك بعد يوم واحد من إعلان الرئيس قيس سعيد، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه.

فيما نقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم الصندوق قوله إنهم يراقبون عن كثب، تطورات أوضاع الأزمة التونسية، مستدركاً بالقول: "الصندوق على استعداد لمواصلة دعم تونس في التغلب على تداعيات أزمة فيروس كورونا، وتحقيق تعافٍ شامل غني بالوظائف، وإعادة مالية البلاد إلى مسار مستدام".

تأتي التطورات السياسية المتسارعة في البلاد، بينما كانت الحكومة التونسية تخوض مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يرافقه قرض يقدر بـ4 مليارات دولار.

على أثر تلك التطورات الأخيرة، تراجعت السندات الأجنبية، الإثنين؛ فبحسب بيانات "تريد ويب" المتتبعة للسندات الدولية السيادية والخاصة، تراجع إصدار السندات المقومة بالدولار الأمريكي استحقاق 2025، بمقدار 2.61 سنت إلى 86.004 سنت للدولار الواحد، وهو أدنى مستوى منذ الربع الأول 2021.

يعني ذلك، أن إقدام تونس على طرح أية سندات في الوقت الحالي يؤشر على تقديم أسعار فائدة مرتفعة، أعلى من السعر المرجعي؛ نظراً إلى المخاطر السياسية التي تشهدها البلاد.

فيما ارتفعت المخاطر التي تواجهها تونس، بعد التطورات السياسية الأخيرة، لتلقي بتأثيرات سلبية على سندات البلاد، في وقت تذبذب فيه سعر صرف الدينار التونسي ضمن نطاق ضيق نزولاً بنسبة 0.3%.

"دعم الشركاء الغربيين"

في وقت سابق من يوم الإثنين، قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إن قرارات الرئيس التونسي ستُقلّل من استعداد الشركاء الغربيين لدعم بلاده، مؤكدةً أن "آفاق الإصلاحات ضعيفة حتى قبل هذه الأزمة".

الوكالة أضافت، في بيان تحليلي لها، أن "تحركات الرئيس الأخيرة قد تضيف مزيداً من التأخير في برنامج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه أن يخفف من ضغوط التمويل الكبيرة في البلاد".

فيما تثير تصرفات الرئيس شكوكاً سياسية جديدة؛ بحسب الوكالة؛ ومع ذلك، "نعتقد أنه من غير المرجح أن يستخدم سلطاته للدفع من خلال تدابير صعبة لمعالجة ضغوط التمويل، مثل خفض فاتورة أجور القطاع العام الكبيرة (17% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020)".

كانت "فيتش" خفضت تصنيف تونس إلى "B-" مع نظرة مستقبلية سلبية في وقت سابق من الشهر الجاري، بسبب تصاعد مخاطر السيولة المالية والخارجية، في سياق مزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.

في حين تعتقد "فيتش" أن الفشل في الاتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي، مما يؤدي إلى استمرار الاعتماد الشديد على التمويل المحلي، سيزيد الضغوط على السيولة الدولية.

يشار إلى أن الاقتصاد التونسي سجل انكماشاً بـ3% في الربع الأول من العام الحالي.​​​​​​​

في هذا الإطار، تعاني تونس تحديات اقتصادية أذكتها جائحة كورونا، اعتباراً من العام الماضي، نجم عنها تراجع الإيرادات وارتفاع النفقات.

"قرارات تصعيدية"

كان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.

فيما أضاف الرئيس التونسي، في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014 الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيسي الوزراء والبرلمان.

سعيد قال إنه اتخذ هذه القرارات بـ"التشاور" مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهو الأمر الذي نفاه الغنوشي لاحقاً.

بينما برّر "سعيد" قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.

جاءت قرارات سعيد، إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء؛ طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

"انقلاب على الثورة والدستور"

رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات مازالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".

الغنوشي أشار في تصريحات إعلامية، إلى أنه "مستاء من هذه القرارات"، متابعاً: "سنواصل عملنا، حسب نص الدستور".

كما وصف عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، نور الدين البحيري، القرارات الأخيرة بأنها "انقلاب مروّض" على الدستور والشرعية، منوهاً إلى أنهم سيتعاطون مع "هذه القرارات المخالفة لأحكام الدستور والانقلاب على مؤسسات الدولة، وسنتخذ إجراءات وتحركات داخلياً وخارجياً لمنع ذلك (سريان تلك القرارات)"، دون ذكر توضيحات بالخصوص.

تحميل المزيد