تتجنَّب المصانع الصينية التي تورد لشركتي Apple وNike وتصنّع منتجات أخرى تُباع بالولايات المتحدة، توظيف آلاف العمال من إقليم شينجيانغ ومسلمي الإيغور، وشرعت في تسريح عدد منهم؛ في ظل زيادة البلدان الغربية تدقيقها المتعلق بالعمالة القسرية في الإقليم النائي الواقع شمال غربي البلاد، والذي تُتَّهم بكين بارتكاب إبادة جماعية ضد الأقليات العرقية المحلية فيه.
حسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الأربعاء 21 يوليو/تموز 2021، فقد استغنت شركة Lens Technology Co. Ltd، وهي شركة صينية تصنّع شاشات اللمس للهواتف الذكية وتورّد لشركة Apple وشركات أخرى، تدريجياً عن عمال المصانع الإيغور الذين نُقِلوا من شينجيانغ من خلال برنامج للعمالة تدعمه الدولة، وذلك وفقاً لموظفين سابقين ومُلاك متاجر قرب أحد مصانع الشركة.
" يجذبون انتباهاً سلبياً"
وفقاً لموظفين حاليين، فقد توقفت الشركة أيضاً عن توظيف العمال الإيغور.
إلى جانب ذلك، لم تعُد شركة Hubei Haixin Protective Products Group Co. Ltd المنتجة للكمامات، والتي تُباع منتجاتها للحماية الشخصية على مواقع التجارة الإلكترونية الأمريكية، توظف عمالاً من شينجيانغ، وذلك وفق ما قالته موظفة بالشركة.
تقول هذه الموظفة إنَّ الشركة قررت عدم تجديد عقود العمال القادمين من شينجيانغ لديها، في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد خروج تقارير العام الماضي تزعم أنَّ استخدام العمالة القسرية جذب انتباهاً سلبياً.
في السياق نفسه، وحسب بيان من شركة Nike كان على موقع الشركة في يونيو/حزيران 2020، أعاد فرع صيني لشركة Taekwang Industrial Co. Ltd، التي تُصنِّع الأحذية الرياضية لشركة Nike في الصين، عمالها القادمين من شينجيانغ إلى ديارهم في الربع الثاني من العام الماضي.
وقد حُدِّثَ بيان الشركة بعد ذلك، لكنَّ النسخة القديمة من البيان خُزِّنَت لدى منظمة Internet Archive، وهي منظمة غير هادفة للربح تحتفظ بمكتبة رقمية لصفحات الإنترنت.
أكثر من 1100 عملية مراجعة
فيما لا يمكن الجزم بما إذا كان العمال القادمون من شينجيانغ في مصانع Lens قد أنتجوا مكونات انتهى بها المطاف في منتجات شركة Apple أم لا.
في الجهة المقابلة، قال متحدث باسم Apple إنَّ الشركة أجرت أكثر من 1100 عملية مراجعة وقابلت 57 ألف عامل خلال العام ونصف العام الماضي للتحقق مما إذا كان الموردون يلتزمون بمعايير الشركة. وتحظر مدونة قواعد السلوك الخاصة بالشركة أي نوع من التمييز.
كما أضاف: "سنواصل فعل كل ما بوسعنا لحماية حقوق العمال في كل حلقة من سلسلة التوريد الخاصة بنا وضمان معاملة كل شخص بكرامة واحترام".
ويسلط هذا التغيُّر الكامل من جانب الموردين الصينيين الذين وظفوا مجتمعين الآلاف من عمال شينجيانغ من خلال برامج عمالة مدعومة من الحكومة، الضوء على الضغوط المتنامية التي تواجهها الشركات في ظل دفع الحكومات الغربية الشركات متعددة الجنسيات إلى القضاء على العمالة القسرية في سلاسل توريدها بالصين.
كما اتهمت مجموعات حقوقية وباحثون غربيون سلطات شينجيانغ بالاعتقال الجماعي واستغلال ما تصفها الحكومة الصينية بأنَّها برامج "نقل العمالة"؛ لإجبار الإيغور والمسلمين الترك الآخرين في الإقليم على العمل بالمصانع في مختلف أنحاء البلاد.
ضغوط أمريكية
فقد استهدفت واشنطن، وهي أعلى الأصوات المنتقدة لسياسات بكين في شينجيانغ، عمليات نقل العمالة هذه، من خلال إصدار حظر استيراد للقطن والطماطم والبولي سيليكون من الإقليم على مدار العام الماضي. ورداً على ذلك، نظَّمت العديد من الشركات متعددة الجنسيات عمليات مراجعة لسلاسل التوريد في الصين –بل واستعانت حتى بشركات تحقيق لاكتشاف أي وجود لأي مواد خام وعمالة من شينجيانغ- وفي الوقت نفسه حاولت أن تتجنب استفزاز بكين.
من جانبه، مرَّر مجلس الشيوخ الأمريكي، الأسبوع الماضي، "قانون منع العمالة القسرية للإيغور" بالإجماع. ومن شأن مشروع القانون الذي يحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذي سيلقى على الأرجح الموافقة في مجلس النواب، حظراً على البضائع التي ينتجها عمال شينجيانغ في البرامج التي تديرها الدولة ما لم يثبت المستوردون خلاف ذلك.
في الجهة المقابلة، تنفي الحكومة الصينية كل مزاعم الانتهاكات الحقوقية وتقول إنَّ عمليات النقل التي تديرها الدولة للإيغور والكازاخ وغيرهم من العمال الذين ينتمي معظمهم إلى الأقلية المسلمة، جزءٌ من برامج تخفيف الفقر. وتقول مجموعات حقوقية إنَّ هؤلاء العمال قد يتعرضون للعقاب، بسبب المجاهرة بالحديث عن ظروف عملهم، في حين تقول شركات التدقيق والمراجعة إنَّ العمال قلقون من انتقام السلطات الصينية، ما يجعل من الصعب التحقق من مدى الإكراه في هذه البرامج.