حققت الباكستانية الثلاثينية بشرى شاه أخيراً "حلم الطفولة" بالذهاب للحج، مستفيدة من قرار جديد للسلطات السعودية، يسمح لجميع النساء بأداء الفريضة دون وجود مرافق ذكر أو ما يعرف بـ"المحرم".
استفادت بشرى (35 عاماً) وغيرها من الشابات من قرار وزارة الحج والعمرة، الشهر الماضي، السماح للنساء بالحج بشرط الذهاب في مجموعة مع نساء أخريات.
يندرج القرار ضمن سلسلة إصلاحات اجتماعية، يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى لتغيير الصورة المتزمتة للمملكة وتنويع اقتصادها المرتهن بالنفط.
بشرى قالت في تصريحات للوكالة الفرنسية وهي تعد أغراضها في منزلها في مدينة جدة الساحلية في غرب المملكة: "الأمر أشبه بحلم بات حقيقة. حلم طفولتي كان فقط أن أذهب للحج".
بالنسبة لبشرى فإن الذهاب للحج مع زوجها وطفلهما الصغير كان سيعد إلهاء عن "التركيز بشكل كامل في العبادات"، لكن لم يكن بوسعها الذهاب وحدها؛ إذ لم يكن يسمح لمن هنّ دون الخامسة والأربعين بأداء الحج بمفردهن.
فور علمها بالقرار قدّمت بشرى على الفور طلباً، لتأتيها بعد أيام رسالة قبولها للحج ضمن 60 ألف حاج من المقيمين في السعودية الملقحين ضد كورونا، اختيروا وفق نظام تدقيق إلكتروني من أصل 558 ألف متقدم.
"أصبحنا مستقلات"
أضافت بشرى بسعادة وهي ترتدي عباءة بيضاء تغطي كامل الجسد باستثناء وجهها: "كثير من النساء سيذهبن معي أيضاً. أنا فخورة جداً لأننا أصبحنا مستقلات الآن ولسنا بحاجة إلى وجود محرم"، قبل أن تقبّل طفلها وتودع زوجها.
من جانبه، قال مسؤول سعودي إنّ النساء يشكلن نحو 40% من عدد الحجاج المشاركين هذا العام في المناسك، التي تنظّم بشكل محدود للعام الثاني على التوالي جرّاء تفشي وباء كورونا.
يقتصر الحج هذا العام على المقيمين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً والذين تلقوا جرعتي لقاح، ويستثني الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة.
بدوره قال زوج بشرى، علي مرتضى (38 عاماً): "قمت بتشجيعها بقوة على أداء الحج بمفردها"، بعدما قررت السلطات عدم السماح للأطفال بالمشاركة، وأضاف الأب الذي قرر البقاء مع ابنه "لذا قررنا أن على أحدنا الذهاب (…) شجعتها هي فربما في العام المقبل تكون حاملاً".
ومن غير الواضح متى رفعت السلطات تحديداً قيود الحج على النساء، فيما قالت بعض النساء إنّ بعض شركات السفر امتنعت عن السماح لنساء بالسفر للحج بدون مَحرم.
بعض الشركات نشرت تنويهات بعدم استقبالها نساء دون محرم، بحسب الوكالة الفرنسية، في خطوة توضح أن الإصلاحات الاجتماعية المتسارعة تلقى نوعاً من المعارضة في المملكة المحافظة بشدة منذ عقود.
"أمر أشبه بالمعجزة"
كانت المملكة تشترط وجود مرافق ذكر يسمى مَحرم (أب أو أخ أو زوج أو ابن) للراغبات في الحج والعمرة ممن هن دون سن 45 عاماً، ونتيجة لذلك مُنعت آلاف المسلمات في أرجاء العالم من الحج والعمرة لسنوات ومن بينهن المصرية مروة شاكر المقيمة في الرياض.
قالت شاكر (42 عاماً) وهي موظفة في منظمة دولية تسافر للحج مع ثلاث من صديقاتها إنّ "الحج بدون محرم هو أمر من المعجزات".
حاولت الأم لثلاثة أطفال مرات عدة الحج قبل الجائحة، لكنها عجزت بسبب أداء زوجها الحج خلال آخر خمس سنوات، وهو ما يمنعه من مرافقتها حسب القواعد المعمول بها.
أضافت مروة التي قالت إنها بكت حين تم اختيارها "أشعر بفرحة وسعادة كبيرة… ربنا ناداني (إلى بيته) رغم كافة المعوقات".
يبقى من غير الواضح بعد إذا كان القرار سيطبق على النساء الآتيات من خارج المملكة، مع فتح الحج والعمرة للمسلمين من حول العالم لاحقاً.
من بين النساء الأخريات اللواتي يشاركن بالحج بدون محرم، الباكستانية البريطانية صدف غفور (40 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال، وكان قرار السفر دون محرم "خيارها الوحيد" لأداء الحج.
تقول الطبيبة التي تفرغت لرعاية أبنائها: "لم يكن باستطاعتنا ترك الأطفال وحدهم"، وهو ما كان يمنعها من أداء الحج، ومع صدور القرار المفاجئ، اختار زوجها البقاء مع أبنائهما ليتسنى لها تحقيق حلمها بالحج.
أضافت المرأة التي تسافر مع جارتها: "لم يكن من السهل اتخاذ قرار الذهاب بمفردي لكن (…) انتهزنا هذه الفرصة باعتبارها نعمة" من الله.
يُذكر أنه منذ وصول الأمير محمد بن سلمان للحكم في 2017، سمح للنساء بالقيادة والسفر خارج البلاد دون محرم، لكنّه واجه انتقادات متعلقة بقمع معارضيه، خاصة الناشطات الحقوقيات.