فرقت قوات الأمن اللبنانية بقنابل الغاز المسيل للدموع، الثلاثاء 13 يوليو/ تموز 2021، احتجاجا نظمه أقارب ضحايا انفجار مرفأ بيروت، أمام منزل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، وذلك بعد رفضه السماح لقاضي التحقيق في الانفجار باستجواب مدير الأمن العام.
ويشعر كثير من اللبنانيين بالغضب بسبب عدم محاسبة أي مسؤولين كبار بعد مرور نحو عام على الانفجار الذي وقع يوم الرابع من أغسطس/آب العام الماضي، وتسبب في مقتل أكثر من 200 وإصابة الألوف، إضافة إلى تدمير مساحات كبيرة من العاصمة اللبنانية.
قمع الاحتجاج
واحتشد ما يزيد على 100 محتج قرب منزل وزير الداخلية محمد فهمي الثلاثاء، وذلك قبل أن يشقوا طريقهم إلى مدخل المبنى حيث كتب بعضهم على الجدران "فهمي مجرم"، بحسب رويترز.
ووسط انتشار لعناصر قوات الأمن، رفع الأهالي والناشطين صور أبنائهم الضحايا وأطلقوا هتافات غاضبة ضد فهمي، كما دعوا إلى إسقاط "الحصانات" عن المسؤولين من أجل كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين في الانفجار، وفق الشهود.
وقال شهود إن مشاجرات وقعت بعد ذلك مع الشرطة التي صدت المتظاهرين عند مدخل المبنى بعد أن أطلقت الغاز المسيل للدموع، لكن الحشد رفض مغادرة المنطقة وتصاعد التوتر مع وصول مزيد من أفراد شرطة مكافحة الشغب للمكان.
ولم يتخذ مجلس النواب بعد قرارا بخصوص ما إذا كان سيرفع الحصانة عن وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال العامة والنقل السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق فيما يتعلق بالتحقيق في انفجار الميناء، بعد تأجيل الإجراءات الجمعة للحصول على مزيد من المعلومات من القاضي.
رفض طلب كبير المحققين
الجمعة، قالت مصادر قضائية وأمنية إن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية رفض طلباً تقدم به كبير المحققين في انفجار مرفأ بيروت لاستجواب مدير الأمن العام اللبناني.
وقال مصدر قضائي كبير، لرويترز، إن القاضي طارق بيطار تلقى قرار وزير الداخلية محمد فهمي برفض طلبه استجواب مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
كان المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت قد أعلن في مطلع يوليو/تموز الجاري، انطلاق مسار الملاحقات القضائية، محدداً موعداً لاستجواب رئيس الحكومة حسان دياب، كمدعى عليه، ومطالباً برفع الحصانة النيابية عن عدد من النواب الحاليين شغلوا مناصب وزارية سابقاً؛ وذلك لاستجوابهم مع مسؤولين آخرين وقادة أمنيين.
فقد وجه طارق بيطار كتاباً إلى مجلس النواب، بواسطة النيابة العامة التمييزية، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً "للادعاء عليهم وملاحقتهم".
وأضافت الوكالة اللبنانية أن بيطار وجه أيضاً كتاباً إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الإذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، وكذلك كتاباً آخر إلى نقابة المحامين في طرابلس، لإعطاء الإذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس.
انتهاء مرحلة التحقيقات
كان المحقق العدلي طارق البيطار، قد قال مطلع يونيو/حزيران الماضي إن مرحلة التحقيق التقني والفني في تفجير مرفأ بيروت شارفت على الانتهاء، وإنه "بعد أسابيع قليلة ستبدأ مرحلة الاستدعاءات التي ستطال أشخاصاً مدعى عليهم".
في 4 أغسطس/آب 2020، وقع انفجار ضخم في المرفأ، أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 6 آلاف آخرين بجروح، فضلاً عن دمار مادي هائل في الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية.
لفت القاضي إلى أنه "خلال مدة شهرين ستتضح أسباب الانفجار بشكل نهائي وحاسم"، موضحاً أن "التحقيق يركز حالياً على ثلاث فرضيات".
أردف: "الفرضية الأولى هي حصول خطأ في عملية تلحيم باب العنبر رقم 12 وهو ما أدى إلى اندلاع الحريق، ثم الانفجار".
تابع: "والثانية هي حصول عمل أمني أو إرهابي متعمد داخل المرفأ تسبب بالكارثة، والثالثة هي الاستهداف الجوي عبر صاروخ".
انفجار ضخم
بحسب تقديرات رسمية، وقع الانفجار في العنبر رقم 12 بالمرفأ، الذي كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، كانت مصادرة من سفينة ومخزنة منذ عام 2014.
كما أعلن البيطار "إدراج أسماء سبعة شهود جدد، هم موظفون في خزانات القمح بالمرفأ، كانوا موجودين في الموقع لحظة حصول الانفجار ونجوا من الموت بأعجوبة"، دون تفاصيل.
وأدى انفجار بيروت إلى تأجيج غضب الشارع الناقم على الطبقة السياسية بكاملها والتي يتهمها بالفساد والإهمال، وبات يحملها أيضاً مسؤولية الكارثة. ورفض لبنان إجراء تحقيق دولي في الانفجار، إلا أن فريق محققين فرنسيين ومن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي شارك فيه.