كشف اغتيال رئيس هايتي، جوفينيل مويس، عن وجود نشاط كبير لعسكريين كولومبيين سابقين في سوق المرتزقة في العالم، مستفيدين من الخبرة التي اكتسبوها على مدى عقود، حسبما يقول تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية نشر السبت 10 يوليو/تموز 2021.
إذ كشفت السلطات في هايتي الخميس 8 يوليو/تموز، أن وحدة الكوماندوز المدججة بالسلاح التي اغتالت رئيس البلاد جوفينيل مويس تضم 26 من كولومبيا وأمريكيين اثنين من أصل هايتي، فيما أشار مسؤول سابق إلى أن الرئيس تلقى 16 رصاصة.
خبرة المرتزقة الكولومبيين
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن المرتزقة الكولومبيين يوظفون خبرة اكتسبوها على مدى عقود من القتال ضد مهربي المخدرات والمتمردين، لخوض معارك في اليمن وأفغانستان ومراقبة خطوط أنابيب نفط في الشرق الأوسط، وصولاً إلى تدبير عملية اغتيال رئيس هايتي.
وجود المرتزقة في الدولة الصغيرة الواقعة في الكاريبي، يسلط الضوء على مشاركة جنود محترفين سابقين في السوق الدولية المربحة للمرتزقة حيث الحضور الأكبر للشركات الأمنية الإنجليزية والفرنسية والبلجيكية والجنوب إفريقية.
أوضح خورخي مانيا، الباحث في الظواهر الإجرامية في جامعة إيلينوي بولاية شيكاغو، لوكالة فرانس برس أنه في كولومبيا "هناك خبرة كبيرة في مجال الحروب غير التقليدية.. الجندي الكولومبي مدرّب، لديه خبرة قتالية، كما أنه يد عاملة قليلة الكلفة".
يغادرون الجيش للعمل كمرتزقة
كولومبيا، البلد البالغ عدد سكانه 50 مليون نسمة والذي شهد نزاعاً مسلحاً داخلياً استمر عقوداً، منجم لا ينضب من الجنود؛ إذ تعدّ قواته المسلحة 220 ألف عسكري، جميعهم مقاتلون شرسون معتادون على التحرك في محيط معاد، سواء لمكافحة عصابات تهريب المخدرات أو عناصر القوات المسلحة الثورية (فارك) سابقاً، أو مقاتلي جيش التحرير الوطني، آخر مجموعة مسلحة لا تزال تنشط في البلد.
يغادر آلاف الجنود صفوف الجيش كل سنة سواء لتعذر الحصول على ترقية أو زيادة في الراتب، أو لاستبعادهم بسبب سوء سلوكهم أو لإتمامهم عامهم العشرين في الخدمة.
قال الكولونيل جون مارولاندا، رئيس "الجمعية الكولومبية للضباط المتقاعدين من القوات المسلحة"، في مقابلة أجرتها معه إذاعة "دبليو راديو" المحلية إنه في كل سنة "يخرج ما بين 10 و15 ألف جندي من صفوف الجيش.. إنها بيئة إنسانية من الصعب للغاية السيطرة عليها".
أوضح أن العسكريين الذين يخرجون من الجيش هم بصورة عامة شبان معاشاتهم التقاعدية متدنية، ما يجعلهم "منفتحين على فرص اقتصادية أفضل".
شركات خاصة لتنفيذ العمليات
اعتبر أن الوحدة الخاصة التي يشتبه بأنها نفذت العملية في هايتي هي "نموذج" لتجنيد عسكريين كولومبيين سابقين كمرتزقة من قبل شركات خاصة لتنفيذ عمليات في الخارج.
أعلنت السلطات الكولومبية أن لديها معلومات عن أربع شركات ضالعة في العملية في هايتي، من دون كشف مزيد من التفاصيل.
ذكرت امرأة عرّفت نفسها أنها رفيقة أحد الكولومبيين الموقوفين في هايتي فرانسيسكو إيلاديو أوريبي، الخميس لإذاعة "دبليو راديو" أنه تلقى اتصالاً من شركة عرضت عليه أجراً قدره "2700 دولار في الشهر" للانضمام إلى الوحدة المسلحة.
خرج الرجل من الجيش عام 2019، وكان موضع تحقيق في كولومبيا في قضية مقتل مدني حين كان عسكرياً في إطار فضيحة "الحالات الإيجابية الزائفة" المتعلقة بقتل 6400 مدني بين 2002 و2008 قدمهم الجيش على أنهم مقاتلون من حركات التمرد اليسارية. وكان العسكريون يحصلون على ترقيات وإجازات لقاء هذه النتائج "الإيجابية".
مرتزقة كولومبيون في الإمارات
في مايو/أيار 2011، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن طائرة تقل عشرات العسكريين السابقين الكولومبيين حطت في أبوظبي للانضمام إلى قوات من المرتزقة يعملون لحساب الشركة الأمنية الخاصة الأمريكية "بلاك ووتر" لمراقبة البنى التحتية في الإمارات العربية المتحدة.
بعد أربع سنوات، أوردت الصحيفة أن مئات الكولومبيين يقاتلون المتمردين الحوثيين في اليمن لحساب دولة الإمارات.
أوضح خورخي مانيتا: "حصلت فورة في هذا القطاع" منذ عشر سنوات، حين بدأت الولايات المتحدة تبديل قواتها في الشرق الأوسط بـ"شركات أمنية خاصة لأن ذلك يتضمن كلفة سياسية أدنى على صعيد الخسائر ويشكل نطاقاً ملتبساً في القانون الدولي".
بإزاء احتمال حصول انتهاكات لحقوق الإنسان، فإن "المسؤولية القانونية تكون على عاتق المرتكبين الماديين"، وليس الدولة أو الشركات المتعاقدة معهم، بحسب الباحث.