الحاسة السادسة هي قدرة إضافية يمتلكها البشر، لكن نادراً ما يقومون باستخدامها في حياتهم العملية. ومع ذلك، بالتعلُّم والتدريب يمكن تطويرها وتحسين أدائها، خاصة عند الاضطرار للاعتماد عليها في تسيير شؤون الحياة اليومية عند غياب حاسة أخرى.
واكتشف بعض الأشخاص المكفوفين بالفعل كيفية الاستفادة من هذه، واستطاعوا أن يمتلكوا إمكانية التنقّل رغم انعدام الرؤية، فيما يشبه الحاسة السادسة التي تتنقل بها الدلافين تحت الماء، أو التي تجد الخفافيش بها طريقها في الظلام الدامس.
ويقول العلماء إنها مسألة وقت وتدريب فقط قبل أن يكتشف الآخرون كيفية القيام بذلك أيضاً واستغلاله بشكل عملي وبكفاءة.
استخدام الحواس الخمس لفهم المحيط
وتساعدنا حواسنا الخمس- البصر والسمع والشم والتذوق واللمس- على فهم وإدراك العالم من حولنا. ولكن وفقاً لدراستين حديثتين نشرهما موقع WebMD الطبي، يمكن للناس الاستفادة مما يسمى بالحاسة السادسة وتعلم كيفية التنقل في الظلام عندما نُحرم لسببٍ أو لآخر من الرؤية بشكل طبيعي.
وتستخدم الدلافين وبعض الحيوانات الأخرى سوناراً بيولوجياً، يُسمّى بعملية "تحديد الموقع بالصدى"، للالتفاف واستشعار الاتجاهات، حتى عندما تتسبب المياه القاتمة والمظلمة في انعدام الرؤية بشكل كامل.
ويبدو أن الخفافيش أيضاً، تستشعر الصوت أثناء ارتداده عن الأجسام المحيطة أثناء طيرانها، ودون عوائق عبر المساحات المظلمة.
ويقول أستاذ علم النفس والمشرف على الدراسات: "يستخدم الناس هذه الحاسة السادسة طوال الوقت، مثلما هو الحال عندما يدخل شخص ما إلى غرفة ويفهم بشكل حدسي ما إذا كانت مساحتها صغيرة أم كبيرة، وما إذا كانت تحتوي على أثاث أم لا، فمن المحتمل أنه في تلك الحالة يبني حدسه على الصدى".
وينقر الأشخاص المكفوفون أحياناً على عصا أو يطأون بخطوات متأنية لمساعدتهم على الشعور بالمساحة المحيطة بهم. ويقول العلماء إن البشر يمكنهم أيضاً تحديد المحيط بصدى الصوت؛ عن طريق النقر بالأصابع أو إصدار أصوات بأفواههم، لأن الموجات الصوتية التي يخلقها ذلك الصوت ترتد عن الأشياء القريبة.
ويمكن للأشخاص ذوي التدريب القليل أو بدون تدريب تماماً أن يتعلموا كيفية استخدام هذه الحاسة السادسة لتحديد شكل أو حجم أو ملمس شيء ما، بحسب Express.
ليست قوة خارقة، ولكنها إمكانية مهدورة من إمكانيات الإنسان
وفي دراسة علمية، تم اختبار ما إذا كان يمكن للناس تعلُّم تحديد الموقع من خلال صدى الصوت، أو اكتساب تلك الحاسة السادسة.
وحضر المشاركون من الأناس المكفوفين والمُبصرين، 20 جلسة تدريبية- بوتيرة اثنتين في الأسبوع لمدة 10 أسابيع- ثم حاولوا استخدام تلك التقنية لتحديد حجم الشيء وموقعه في المختبر، بحسب موقع WebMD.
وبالنسبة للأشخاص الذين لم يتمكنوا من الرؤية بصورة طبيعية، فإن تطوير قدراتهم الحسية النشطة زاد من قدرتهم على التنقل بشكل مستقل وتحسين شعورهم بالمحيط لهم.
وفي دراسة ثانية، تم اختبار عدد من المشاركين غير المدربين على تحديد المواقع بالموجات الصوتية من خلال أجهزة الكمبيوتر اللوحية، والتي كانت مشابهة للضوضاء التي تستخدمها الخفافيش عندما تطير في الظلام.
ثم سُئلوا بعد ذلك عما إذا كان جسم محدد كان يتم تحريكه عبر الغرفة، ولا يمكنهم رؤيته، يتحرك أم لا. وحتى مع عدم وجود تدريب، عرف معظم المشاركين الإجابة الصحيحة. وبالتالي ليس من الصعب على الناس فهم هذه التقنية واستخدامها أثناء تفاعلهم مع بيئتهم.
المهارة تتحسن من خلال التدريب والممارسة
ومع ذلك، فإن بعض المشاركين كانوا أفضل بكثير في هذا من غيرهم. وكان المكفوفون هم الأسرع من غيرهم في اكتساب تلك المهارة والاستفادة منها وتطبيقها، وفقاً لموقع Express.
ولأن الدماغ البشري مهيأ لاستخدام العينين في التعرُّف على المحيط، والأشخاص الذين يمكنهم الرؤية يعتمدون بشكل كبير على بصرهم للتنقل في العالم، يضطر الأشخاص المكفوفون أن يعتمدوا على حواسهم الأخرى، وهنا تأتي أهمية تلك الحاسة السادسة.
وقد أظهرت الدراسات بالفعل أنه في حالة غياب البصر، فإن الدماغ سوف يعمل على تنشيط الحواس الأخرى للتعويض عن الحاسة المفقودة، وتصحيح النقص في المعلومات الذي حدث بالنسبة لما يستمده الشخص مما حوله.
وعندما يكرر المشاركون الاختبار عدة مرات، فإنهم يتحسنون. ويقارن خبراء علم النفس مهارة تحديد الموقع من خلال صدى الصوت، بمهارة تعلم لغة ثانية- وذلك من خلال طريقة التحسين والتطوير والممارسة.
وعلى الرغم من أن أي شخص قادر على تطوير هذه القدرة، إلا أن المكفوفين هم من يتعلمون السيطرة عليها. ووفقاً لموقع BBVA Open Mind، يرتبط فقدان البصر في سن أصغر بزيادة حدة تحديد ومهارة تلك الحاسة السادسة.