قالت صحيفة Washington Post الأمريكية في تقرير نشرته الجمعة 9 يوليو/تموز 2021، إن الفلسطينيين لجأوا إلى حيلة ذكية من أجل تجنب قوانين إسرائيل المتعلقة بحظر استخدام العلم الفلسطيني بألوانه، الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، كمحتوى على منصات التواصل داخل الأراضي المحتلة.
إذ لجأوا إلى استخدام صور لفاكهة البطيخ التي تُزرع محلياً وتحمل الألوان نفسها كمحتوى ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي حتى باتت أيقونةً فلسطينية بديلة.
ظهور البطيخ!
ففي الأسابيع الأخيرة، عاود البطيخ ظهوره على الشبكات الاجتماعية ضمن ما قال بعض الفلسطينيين إنها جهود لاستباق الرقابة على الإنترنت والتحايل على رقابة المحتوى، في مواجهة التطويق المشدد الإسرائيلي للمحتوى الفلسطيني، على خلفية الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة في مايو/أيار 2021، وما تزامن معها من موجة نشاطٍ نضالي فلسطيني شعبي.
إذ عكس نشر المستخدمين الرموز التعبيرية (الإيموجي) والصور والأعمال الفنية -من فلسطينيي الداخل والأراضي المحتلة، وفلسطينيي الشتات، وأنصارهم- حجم النشاط والتضامن الغامض الكبير بعيداً عن الحدود السياسية والجغرافية التقليدية.
حيث قال خالد حوراني، الفنان الفلسطيني المقيم في رام الله بالضفة الغربية، والذي ظهرت أعماله ضمن صور البطيخ المتداولة على الإنترنت: "الفن أحياناً يمكنه أن يكون سياسياً أكثر من السياسة نفسها".
تكتيكات التنظيمات الفلسطينية
تعود رمزية البطيخ إلى تكتيكات التنظيمات الفلسطينية خلال الانتفاضة الأولى، في الفترة التي سبقت معاهدات أوسلو عام 1993، التي تمخضت عن تأسيس السلطة الفلسطينية ومهدت لعملية السلام التي فشلت الآن. لكن رمزية البطيخ عادت إلى السطح من جديد مؤخراً.
إذ استخدم فنانو فلسطين البطيخ كـ"مجازٍ عن العلم الفلسطيني للتحايل على الحظر"، بحسب حوراني. ويستمر هذا التقليد الآن على الإنترنت: حيث يحاول الفلسطينيون، الذين لا يثقون بالشبكات الاجتماعية ويخشون الرقابة
الإسرائيلية، تفادي شبكات الخوارزميات المتحيزة ووسائل الرقابة على المحتوى، حسب تعبيرهم.
إذ جرت إزالة ملايين من منشورات الشبكات الاجتماعية المؤيدة لفلسطين في الغالب من فيسبوك وتويتر خلال الأزمة الأخيرة، فيما قالت شركات التقنية إنه كان مجرد خلل تقني، مما أثار حفيظة الفلسطينيين الذين لطالما شعروا بأنّ خطابهم على الإنترنت يخضع للتجريم أكثر من اللازم. كما جرى حظر الوسوم (الهاشتاغات) والحسابات المرتبطة بفلسطين على نطاقٍ واسع أو أُزيل محتواها.
جيل فلسطيني جديد
بينما قال فادي كوران، مدير حملة آفاز المقيم في رام الله: "لدينا جيلٌ فلسطيني جديد. و70% منه تحت سن الثلاثين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تُعتبر الشبكات الاجتماعية والأدوات الرقمية مصدرَهم الوحيد للإلهام ووسيلةَ اتصالهم الوحيدة بالعالم. والناس بحاجة إلى استخدام الشبكات الاجتماعية لنشر تفاصيل ما يحدث هنا، لذا فقد تمخّض ذلك عن مجموعةٍ واسعة من التكتيكات… للتغلب على القمع الرقمي".
في حين قالت منى أشتية، المديرة المحلية بحملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي في حيفا، إن السلطات الإسرائيلية وشركات الشبكات الاجتماعية تحاول "إسكات الفلسطينيين على الإنترنت… عن طريق منعنا من نشر روايتنا عن الأحداث، وقصصنا، والانتهاكات الإسرائيلية".
ونتيجةً لذلك، عثر الفلسطينيون على "طرق مبتكرة" -مثل حذف النقاط من الحروف، واستبدال بعض حروف الكلمات، أو الجمع بين التصريحات السياسية والصور الشخصية- "لتجاوز الخوارزميات والتلاعب بها، من أجل حماية المنشورات من الحذف أو البلاغات أو الإخفاء"، وفقاً لمنى.
من جانبه أضاف كوران أنّ هذا الجيل يُواصل النظر إلى الشبكات الاجتماعية بعين الحذر: "علّمتنا أهم دروس الربيع العربي أنّ الشبكات الاجتماعية صارت الآن أداة قمعٍ أكثر من كونها أداةً في يد الثوار. وقد صارت الرقابة الآن أكبر وأوسع نطاقاً بشكلٍ خطير".