قال موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير نشره الخميس 8 يوليو/تموز 2021، إنه خلال أسبوع واحد تلقت عائلتان في شمال شرقي سوريا، النبأ المفجع بوفاة أبنائهما أثناء الاحتجاز لدى قوات سوريا الديمقراطية، وأن عليهم الذهاب لتسلُّم الجثث.
التقرير قال إن التشريح الرسمي لقوات سوريا الديمقراطية توصّل إلى أنّ سبب الوفاة كان طبيعياً، لكن العائلات السورية تقول إن أولادها وقعوا ضحية التعذيب.
اعتقال سوريين وتعذيبهم
ففي الـ22 من مايو/أيار 2021، ألقت قوات الأمن الداخلي الكردية المعروفة محلياً باسم "الأسايش" القبض على الناشط أمين عيسى (34 عاماً)، داخل منزله في مدينة الحسكة، دون إخطار عائلته بالتهم أو موقع احتجازه.
بعد البحث عنه داخل عدة سجون في المدينة، قال ابن عمه حجار لموقع Middle East Eye البريطاني، إنّهم علموا في النهاية أنّه معتقلٌ كشاهد داخل سجن تابع لقوات سوريا الديمقراطية في حي غويران.
لكن الحصول على الإجابات ازداد صعوبةً بمرور الوقت، في ظل تكتم قوات سوريا الديمقراطية على مصير "أمين". وقد أبلغت العائلة السلطات الكردية التي تُسيطر على المنطقة أن ابنها يُعاني مرضاً مزمناً ويحتاج إلى جرعةٍ يومية من الأدوية. بينما قال حجار إنّ قوات سوريا الديمقراطية وعدت بتوفير الأدوية لقريبها، لكنه يعتقد أنها كانت مجرد "وعودٍ زائفة".
بعد شهرٍ واحد في الـ28 من يونيو/حزيران 2021، تسلمت العائلة جثة أمين.
اعتقالات بسبب الفيسبوك
من جانبه قال حجار إن قريبه جرى اعتقاله بسبب منشورٍ كتبه على فيسبوك وانتقد فيه الإدارة الذاتية الكردية، وذلك لتلاعبها بالناس وحياتهم من أجل تشتيت الانتباه عن المشكلات الكبرى التي وقعت بسبب سوء إدارتهم للمنطقة.
بينما نشرت قوات سوريا الديمقراطية مقطع فيديو يوم الـ30 من يونيو/حزيران 2021، لتُفصح فيه عن نتيجة تشريح جثة أمين، وتوصلت إلى أنّ أمين لم يمت بسبب التعذيب. لكن عائلة أمين ردت ببيانٍ يرفض نتيجة التشريح باعتبارها "تزييفاً للحقائق".
إذ نصّ البيان على التالي: "لقد طلبت العائلة من طبيبٍ أن يفحص الجثة، ووجدت أنّ أمين قد تعرّض للتعذيب الشديد، وكسرٍ في الفك، ونزيفٍ داخلي، وعدة حروق، علاوةً على ضربه بواسطة أدواتٍ صلبة".
فيما صرّح مصدرٌ طبي من المستشفى، الذي شهد تشريح قوات سوريا الديمقراطية للجثة، للموقع البريطاني: "إنّ الطبيب الذي فحص جثة أمين وأصدر البيان في مصلحة قوات سوريا الديمقراطية، كان حديث التخرج في جامعة دمشق، وليس متخصصاً بهذا التخصص الطبي من الأساس. وهو ليس حتى مؤهلاً لتحديد سبب الوفاة، لأنّه مجرد طبيبٍ متدرب في مستشفى الشعب بالحسكة".
قتل لأسباب مجهولة
في المقابل، ليس أمين هو الوحيد الذي لقي مصرعه داخل سجن قوات سوريا الديمقراطية ذلك الأسبوع. إذ جرى إعلام عائلة أحمد العذال أنّ ابنها تُوفي يوم 1 يوليو/تموز عام 2021، بعد عامين من انقطاع الاتصال بينهم.
ففي منتصف عام 2019، جرى القبض على أحمد (14 عاماً حينها)، داخل منزله في بلدة الطيانة بريف دير الزور لأسبابٍ غير معلومة، وفقاً لما أفاد به عمه محمد لـMiddle East Eye.
قال محمد عن ابن أخيه، الذي فقد ساقه اليمنى في غارةٍ روسية على مدينة دير الزور عام 2014: "لقد اعتقلوا طفلاً عاجزاً قبل عامين، ثم أعادوه لنا جثةً هامدة".
طيلة فترة اعتقاله، جرى نقل أحمد عدة مرات بين مختلف سجون قوات سوريا الديمقراطية. وقد حاولت عائلته رؤيته عدة مرات، لكن قوات سوريا الديمقراطية رفضت كافة طلباتهم. ولم يتلقوا سوى مكالمة واحدة من مستشفى القامشلي لتسلُّم جثة ابنهم الميت.
لكن في الصور التي اطلع عليها الموقع البريطاني، بدت على جثة أحمد علامات سوء التغذية والكدمات. وعلى غرار عائلة عيسى، اتهمت عائلة العذال قوات سوريا الديمقراطية بقتل ابنهم بعد تعريضه للتعذيب داخل السجن، وهو الأمر الذي أنكرته السلطات الكردية أيضاً.
كذلك قال حجار: "لدينا دعم المجتمع المحلي، إضافة إلى بعض الأشخاص الذين يدعمون قضيتنا الحقوقية داخل قوات سوريا الديمقراطية. ولدينا كافة الأدلة اللازمة لرفع قضية تُدين قوات سوريا الديمقراطية بتهمة قتل أمين، كما نفكر في طلب محاكمةٍ تحت إشرافٍ دولي لمحاسبة المسؤولين".
مخاوف أمريكية وبريطانية
من جانبها أعربت سفارتا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في سوريا عن مخاوفهما إزاء مقتل "أمين" عبر حسابات تويتر، ودعت إلى فتح تحقيقٍ سريع وشفاف في الحادثة وتعذيب المعتقلين داخل سجون قوات سوريا الديمقراطية.
في الوقت ذاته، قال محمد إنّه يشعر بالأسف لغياب العدالة في المنطقة الخاضعة للحكم الذاتي الكردي.
كذلك قال محمد: "إنّها مجرد عصابة من خارج سوريا. ولا يمكننا أن نتحمل هذا الظلم بعد الآن. نحن نريد العدالة لروح ابننا، الذي اعتُقِلَ وتعرض للتعذيب داخل سجونهم وهو مجرد مراهق. أي قانونٍ دولي يدعم هذه الجريمة؟".