للتصعيد ضد واشنطن وانتقاماً لمقتل سليماني.. تفاصيل زيارة رئيس استخبارات الحرس الثوري إلى العراق

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/08 الساعة 14:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/08 الساعة 14:13 بتوقيت غرينتش
الحرس الثوري الإيراني/رويترز

لأول مرة منذ تأسيس منظمة الحرس الثوري الإيراني يزور رئيس استخبارات المنظمة حسين طائب الجارة بغداد، في زيارة سرية، من أجل بحث بعض الملفات الأمنية المتعلقة بطرد القوات الأمريكية من العراق، وضمان إجراء الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

قال مصدر استخباراتي إيراني، رفيع المستوى، لـ"عربي بوست"، إن طائب سافر إلى العراق في 6 يوليو/تموز 2021 مساءً، وفور وصوله التقى عدداً من قيادات الفصائل المسلحة المقربة من إيران، وعلى رأسهم نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وخليفة أبومهدي المهندس، الذي تم اغتياله مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني عام 2020، أبو الفدك المحمداوي.

الثأر لسليماني والمهندس

يقول قائد عسكري، مقرب من أبو الفدك المحمداوي لـ"عربي بوست"، مطلع على الاجتماع بين الفصائل المسلحة ورئيس منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني، "كنا قد طلبنا من الإخوة في إيران المشورة والمساعدة في خطتنا للثأر لسليماني والمهندس، وطرد الأمريكان من العراق، وزيارة السيد طائب جزء من هذا التعاون".

وبحسب المصدر ذاته، فإن أول اجتماع لحسين طائب كان مع قادة الفصائل المسلحة في هيئة الحشد الشعبي، المقربة من إيران، بحضور هادي العامري، رئيس منظمة بدر، المدعومة من إيران منذ الثمانينات، والذي يترأس تحالف فتح البرلماني.

في حديثه لـ"عربي بوست"، يقول مصدر استخباراتي إيراني، رافق طائب في زيارته إلى العراق "إن الزيارة كانت سرية تماماً، ولم يعلم بها حتى قادة الفصائل العراقية، ولا الأمن العراقي، ووصل طائب إلى بغداد بالطريق البري، وسط عدد قليل جداً من الحراسة، واتجه مباشرة إلى مقر الاجتماع مع أبو الفدك"، وإن الاجتماع مع رئيس منظمة استخبارات الحرس الثوري، وقادة الفصائل المسلحة العراقية، كان في مقر سري خاص بالفصائل على الحدود الإيرانية العراقية.

جاءت زيارة رجل الدين المتشدد، ورئيس أقوى منظمة استخبارات في المنطقة، حسين طائب إلى العراق، لاستكمال الانتقام من القوات الأمريكية المتواجدة داخل الأراضي العراقية، يقول قائد عسكري عراقي، مطلعاً على اجتماع طائب بالفصائل المسلحة، لـ"عربي بوست"، "ناقش السيد طائب معنا خطة استكمال تكثيف الهجمات ضد القوات الأمريكية، مؤكداً على رغبة المؤسسة السياسية في إيران على استكمال استهداف الأمريكان حتى يعلنوا انسحابهم من كامل العراق".

ويضيف: "لا وجود لهدنة بينه وبين الأمريكان، لن نقع في الفخ نفسه مرتين، هذه المرة نحن عازمون على إخراج قوات العدوان من بلادنا إلى الأبد".

محادثات فيينا جزء من هذه المعادلة

وبعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والاحتجاجات الشعبية الكبيرة المناهضة للفساد وللتدخل الإيراني في العراق، والتي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، ومازالت مستمرة بشكل متقطع إلى الآن، قررت القيادة الإيرانية العليا تغيير الاستراتيجية الخاصة بها في التعامل مع ملف العراق.

فتم إسناد الأمر إلى وزارة المخابرات الإيرانية التابعة للحكومة، التي يشرف عليها الرئيس الإيراني، وبعد أن أعلن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي مراراً وتكراراً، أن الانتقام لقاسم سليماني سيكون بطرد القوات الأمريكية من المنطقة، والبداية من العراق.

قرَّرت وزارة المخابرات الإيرانية تهدئة الأمور قليلاً، بعد انتخاب جو بايدن في الولايات المتحدة، وحثَّ المسؤولون الأمنيون الإيرانيون حلفاءها في العراق على العمل على هدنة بينهم وبين القوات الأمريكية.

لم يتم استكمال الأمر، وانتهكت عدداً من هذه الفصائل المسلحة الشيعية المقربة من إيران، الهدنة، وقامت باستهداف الأصول الأمريكية في العراق، ظلت إيران تدعو للتهدئة في ذلك الوقت، وزار إسماعيل قآني قائد فيلق القدس، وخليفة سليماني العراق مرات عديدة، للعمل على تهدئة الفصائل المسلحة العراقية.

لكن بشكل مباغت، قرر الحرس الثوري الإيراني، دعم الفصائل المسلحة العراقية في استكمال استهداف القوات الأمريكية في العراق، يقول مصدر استخباراتي إيراني، لـ"عربي بوست"، "نحن دائماً مع المقاومة في العراق، في الفترة السابقة كان هناك تناقض وجدل بين الأجهزة الأمنية الإيرانية حول استكمال طرد القوات الأمريكية أو لا، لكن أستطيع القول إن الأمر قد حسم الآن".

يقول أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لـ"عربي بوست"، "الإيرانيون قرروا مواصلة استهداف القوات الأمريكية ودعم الفصائل العراقية في هذا الأمر، والسبب ما يحدث في محادثات فيينا، الأمر يبدو أنه وصل إلى طريق مسدود هناك".

تحيط بعض العقبات محادثات فيينا النووية غير المباشرة بين الفريقين الإيراني والأمريكي، بواسطة الاتحاد الأوروبي، والأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (الصين وروسيا).

بحسب مصادر دبلوماسية إيرانية تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن العقبة الأهم الآن هي أن الطلب الإيراني يتعهد بإلزام كتابي من قبل الولايات المتحدة بعدم انسحاب أي حكومة أمريكية مستقبلية من الاتفاق النووي، وفي المقابل طلب الأمريكيون تعهداً كتابياً من طهران بالتفاوض على صفقة أكبر وأشمل، فور العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015.

يقول مصدر دبلوماسي إيراني، مطلع على سير المحادثات النووية في فيينا، لـ"عربي بوست"، "لدينا مطلب مشروع ومنطقي هو ضمان عدم تكرار ما فعله ترامب من قبل، لكن في المقابل تريد إدارة جو بايدن صفقة أكبر تتناول البرنامج الصاروخي الباليستي والسياسات الإقليمية للجمهورية الإسلامية، وهذا أمر مرفوض تماماً، وأكد على رفضه آية الله علي خامنئي أكثر من مرة".

ترفض الجمهورية الإسلامية الإيرانية التفاوض على البرنامج الصاروخي، ودعم وكلائها في المنطقة، بحجة أن هذه الأمور دفاعية، وتعتبر من ضمن الخطوط الحمراء التي لا يمكن تناولها في المفاوضات مع الغرب.

بالعودة إلى مستشار مصطفى الكاظمي، يقول "زيارة حسين طائب اجتماعه بقادة الفصائل المسلحة ما هي إلا رسالة إلى الإدارة الأمريكية، بأن دعم حلفاء إيران في المنطقة خط أحمر، وأمر مستمر ولا يمكن التفاوض عليه مهما حدث".

لقاء طائب بالكاظمي

بعد اجتماعه مع قادة الفصائل المسلحة العراقية، اجتمع رئيس منظمة استخبارات الحرس الثوري برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، يقول مصدر أمني عراقي، لـ"عربي بوست"، "لم يتم إجراء الاجتماع في مقر إقامة الكاظمي، كما فعل منذ توليه المنصب، طلب طائب عقد الاجتماع في مكان إقامته في العراق".

اعتاد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، منذ توليه منصبه في مايو/أيار 2020، لقاء المسؤولين الأمنيين الإيرانيين في مقر إقامته داخل المنطقة الخضراء، ولكن هذه المرة، وبحسب المسؤول الأمني العراقي، ذهب إلى لقاء طائب في مكان آخر.

وبحسب المصادر الأمنية الإيرانية التي تحدث لـ"عربي بوست"، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، فإن طائب طلب مقابلة الكاظمي خارج المنطقة الخضراء لأسباب أمنية بحتة، ولكن لم يتم الإفصاح عن مقر الاجتماع.

وبحسب أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، فإن الاجتماع تم بحضور نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، وهادي العامري رئيس منظمة بدر، بالإضافة إلى فالح الفياض، رئيس هيئة وحدات الحشد الشعبي، وجميعهم مقربون من إيران.

يقول المصدر ذاته، لـ"عربي بوست"، "الاجتماع كان في مجمله يدور حول إخراج القوات الأمريكية من العراق، ومحاولة الضغط على الكاظمي طلب انسحاب القوات الأمريكية، ضرورة لاستقرار الأمور في العراق وإجراء انتخابات برلمانية".

يؤكد على هذا الأمر مصدر استخباراتي إيراني، رافق السيد حسين طائب في اجتماعه مع مصطفى الكاظمي، قائلاً "أبلغ السيد طائب، السيد الكاظمي، بأن مسؤولاً عن إخراج القوات الأمريكية من العراق، ويجب عليه الضغط على واشنطن لسحب قواتها من العراق بصفته رئيس الحكومة".

رسالة واضحة

بعد اجتماع رئيس منظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، مع عدد من القادة والمسؤولين الشيعة في العراق، وإنهاء اجتماعه برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

قامت الفصائل المسلحة العراقية المقربة من إيران باستهداف السفارة الأمريكية المتواجدة في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد، في هجوم صاروخي في الساعات الأولى من يوم الخميس.

قال مصدر أمني عراقي لـ"عربي بوست"، إن "ثلاثة صواريخ كاتيوشا استهدفت السفارة الأمريكية، وإلى الآن لم نعرف الجهة الضالعة وراء هذا الاستهداف".

وأضاف المصدر قائلاً "إنها رسالة واضحة بعد زيارة السيد طائب، ونتوقع المزيد من التصعيد بين الولايات المتحدة والفصائل المسلحة العراقية".

تحميل المزيد