أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الإثنين 5 يوليو/تموز 2021، أن البنك المركزي سيقوم بتسديد الاعتمادات والفواتير التي تتعلق بالأدوية المستوردة من الخارج، خاصة أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، وذلك في ظل أزمة اقتصادية تتفاقم بشكل متصاعد في لبنان، وصلت إلى نفاد مئات الأصناف الدوائية وتعريض حياة آلاف المرضى للخطر.
وقال سلامة في بيان إن الاعتمادات والفواتير التي تتقدم للمصرف المركزي من قبل المصارف والمتعلقة بالدواء، ستسدد وفقاً للأولويات التي تحددها وزارة الصحة العامة، مؤكداً أن اعتمادات الأدوية ستُغطى ضمن مبلغ لا يتعدى 400 مليون دولار سنوياً.
ويغطي المبلغ أيضاً، مستوردات أخرى بما فيها الطحين.
يشار إلى أن أزمة الدواء تفاقمت في لبنان بسبب عدم فتح المصرف المركزي الاعتمادات اللازمة لها، إضافة إلى تفاقم عمليات التهريب والاحتكار عن طريق تخزين الأدوية، وفق مسؤولين لبنانيين.
تحذير أخير
الأحد، جدّد مستوردو الأدوية في لبنان التحذير من نفاد مخزون مئات الأصناف الدوائية، في بلد غارق في انهيار اقتصادي مستمر، أثّر على قطاعات الصحة والخدمات بشكل رئيسي.
نقابة مستوردي الأدوية في لبنان قالت في بيان إن "عملية الاستيراد متوقفة بشكل شبه كامل منذ أكثر من شهر"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
تحدثت النقابة عن قيمة المستحقات المتراكمة والمترتبة لصالح الشركات المصدرة للأدوية، التي تجاوزت 600 مليون دولار، وكان يجب أن يدفعها المصرف المركزي بالإضافة إلى فتح اعتمادات جديدة.
كذلك حذرت النقابة من "نفاد مخزون الشركات المستوردة من مئات الأدوية الأساسية التي تعالج أمراضاً مزمنة ومستعصية".
نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة قال في تصريح للوكالة الفرنسية: "ستكون الحالة كارثية مع نهاية شهر تموز/يوليو، سيُحرم آلاف المرضى من أدوية علاجهم".
أكدت النقابة أيضاً أن الحل الوحيد حالياً هو "الاستمرار في دعم الدواء بحسب أولويات وزارة الصحة العامة".
حياة المرضى في خطر
وعلى وقع شحّ احتياطي المصرف المركزي من العملة الصعبة، شرعت السلطات منذ أشهر في السعي إلى ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية، لتبدأ تدريجياً من دون إعلان رسمي رفع الدعم عن سلع عدة، ما زاد من معاناة اللبنانيين، في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في العالم، بحسب البنك الدولي.
يواجه المرضى اللبنانيون الخطر ليس فقط بسبب فقدان الأدوية، بل حتى بسبب أزمة المحروقات، إذ ينتظر اللبنانيون منذ أسابيع لساعات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت.
كذلك تراجعت تدريجياً قدرة مؤسسة الكهرباء في البلاد على توفير التيار لتصل ساعات التقنين في عدد من المناطق يومياً إلى 22 ساعة.
نقيب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، قال في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط": "المستشفيات تشتري المازوت بشكل يومي من دون أن يكون لديها المخزون الكافي لأكثر من يومين، في حين أنه يجب أن يكون لأسبوعين في الظروف الطبيعية".
من جانبه، قال فراس أبيض، مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المركز الرئيسي لمعالجة مرضى كورونا في لبنان، في تغريدة على تويتر إن الشاغل الرئيسي لمعظم مستشفيات لبنان حالياً هو الكهرباء، "التي بدونها لا تعمل الآلات الطبية"، وأضاف: "لا يمكن للمولدات القديمة الاستمرار في العمل بدون توقف. عندما تتعطل ستكون الأرواح في خطر".
كان لبنان قد رفع أسعار المحروقات مؤخراً بنسبة تجاوزت 55%، في إطار رفع الدعم جزئياً عن الوقود مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان.
يأتي ذلك بينما يشهد لبنان منذ خريف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً هو الأسوأ في تاريخ البلاد، فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من آب/أغسطس وإجراءات مواجهة فيروس كورونا.
بالموازاة مع ذلك، يحولُ الصراع على الحصص والنفوذ بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة منذ أشهر، كما فقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها في الوقت الذي لا يزال فيه المصرف المركزي يزوّد المستوردين بالدولار لتغطية جزء من تكلفة الاستيراد، وفق السعر الرسمي.