مصر تكثف جهود الوساطة لإبرام اتفاق بين إسرائيل والمقاومة.. تقرير إسرائيلي يكشف سر “التوقيت”

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/01 الساعة 12:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/02 الساعة 17:33 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن

ذكر تقرير إسرائيلي أن مصر كثفت مؤخراً من مستوى تمثيلها في الوساطة التي تقوم بها حالياً بين حكومة نفتالي بينيت وحركات المقاومة الفلسطينية في غزة، والسر في ذلك يقع في واشنطن.

كان نجاح مصر في التوسط لوقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة في غزة، وعلى رأسها حركة حماس من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى، يوم 21 مايو/أيار الماضي، قد حقق للقاهرة مكاسب دبلوماسية عديدة أهمها تحسن العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

والآن مع وجود حكومة جديدة في إسرائيل يرأسها نفتالي بينيت، لا تزال محاولات التوصل لهدنة دائمة في قطاع غزة متواصلة بوساطة مصرية، دون وجود مؤشرات واضحة على أن اتفاقاً في هذا الشأن بات وشيكاً.

مصر ترفع من مستوى تمثيلها في الوساطة

وفي هذا السياق، تناول تقرير نشره موقع صحيفة The Times of Israel الإسرائيلي آخر ما وصلت إليه الأمور، وسبب إقدام مصر على رفع مستوى تمثيلها في جهود الوساطة، وتكثيف تلك الجهود لإحداث اختراق إيجابي في أسرع وقت ممكن.

فقد كشف موقع الصحيفة الإسرائيلية أن مصر ضمت مسؤولاً كبيراً إلى فريقها الذي يتوسط في المحادثات الجارية بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية منذ نهاية العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، في مايو/أيار الماضي.

وأرجع التقرير الإسرائيلي هذا التطور من جانب القاهرة وتصعيد مساعيها الدبلوماسية إلى الرغبة المصرية في كسب مزيدٍ من التأييد لدى الإدارة الأمريكية في واشنطن.

مصر العلاقات مع قطر
وزير الخارجية المصري، سامح شكري – رويترز

فقد ضمَّت مصر إلى وسيطها المخضرم، أحمد عبدالخالق، أحد رؤسائه، عمرو نظمي، ما يشير إلى جهود مكثفة من القاهرة للعمل على التوصل إلى هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة.

الوسيطان كلاهما من مسؤولي المخابرات المصرية، لكن رتبة عمرو نظمي أعلى من رتبة عبدالخالق. وتوسط عبدالخالق في المحادثات بين الطرفين لعدة سنوات، لكن لمَّا كانت إسرائيل غارقة خلالها في أزمة سياسية استمرت عامين من الحكومات المؤقتة و4 جولات من الانتخابات، فإن هذه الجهود الدبلوماسية كانت مقيدة في أغلب الأحيان.

زيارة بينيت إلى واشنطن

وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإن سبب ضم نظمي إلى المفاوضات هو رغبة المصريين في الاستعداد لرحلة رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، المتوقعة إلى واشنطن. كما أشار الموقع إلى أن الدبلوماسيين ومسؤولي وزارة الخارجية المصرية كانوا يراقبون عن كثب لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، في وقت سابق من هذا الأسبوع، ولاحظوا الدعوة التي وجهها بايدن إلى بينيت لزيارة العاصمة الأمريكية "في أقرب وقت ممكن".

وفقاً للموقع الإسرائيلي، فإن المصريين يريدون تحقيق بعض المكاسب في المحادثات من أجل كسب بعض النقاط لدى إدارة بايدن قبل زيارة بينيت الأولى للولايات المتحدة بعد توليه رئاسة وزراء إسرائيل.

وكان بينيت قد تولى منصبه رسمياً يوم الأحد 13 يونيو/حزيران، بعد أن منح الكنيست الثقة للحكومة "ذات الرأسين"، يتولى يائير لابيد منصب وزير الخارجية وبعد عامين سيتبادل منصب رئيس الوزراء مع بينيت، وهي الحكومة التي أطاحت برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

نفتالي بينيت رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة، رويترز

 وقد يكون الإنجاز الذي تسعى إليه مصر في هذا السياق هو التوصل إلى عدد محدد من الأسرى الفلسطينيين، الذين يُفترض أن تطلق إسرائيل سراحهم مقابل الإفراج عن جنودها الأسرى والجثامين التي تقول حماس إنها تحتجزهم لديها، وبحسب الموقع الإسرائيلي فإن عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم سيكون أقل بكثير مما يطلبه الطرف الفلسطيني.

كما قد تسعى الحكومة المصرية إلى تحقيق اختراقات أخرى في المفاوضات، سعياً وراء التأكيد لإدارة بايدن أن مصر منخرطة بشدة في الأمر وملتزمة بالتوصل إلى حل.

علاقات القاهرة مع واشنطن تمر عبر تل أبيب

وقد جرت العادة في السنوات الأخيرة أن تمر العلاقات بين واشنطن والقاهرة عبر الحكومة الإسرائيلية في تل أبيب. وفي أكثر من مناسبة، أخبر نتنياهو المراسلين الإسرائيليين أن المصريين يحاولون تحسين وضعهم في واشنطن عن طريق مساعدة نظرائهم الإسرائيليين.

وفي هذا الصدد، كان المصريون على دراية تامة بالعلاقة الحميمية بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ونتنياهو. وعلى هذا الأساس، رأوا في الاتصالات الوثيقة مع الزعيم الإسرائيلي بوابةً لتحسين علاقاتهم مع واشنطن.

الآن، يبدو الوضع مشابهاً. فالولايات المتحدة لديها رئيس جديد يتبنى بحرارة القيادة الإسرائيلية الجديدة. وقد حرص بايدن على النأي بنفسه عن نتنياهو، وعندما تفاقمت الأزمة السياسية في إسرائيل في أعقاب الانتخابات الأخيرة في مارس/آذار، اختار بايدن استدعاء ريفلين في رحلته الوداعية قبل مغادرته المقررة لمنصبه مطلع يوليو/تموز.

وفي الوقت الذي كان فيه الإعداد لرحلة الرئيس الإسرائيلي إلى واشنطن لا يزال قيد التنفيذ، أقسمت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين وأبلغ بايدن نظيره الإسرائيلي ريفلين أنه يريد استضافة بينيت في أقرب وقت ممكن. وقد تابعت مصر هذا التطور بعناية، بحسب الموقع الإسرائيلي.

بايدن إسرائيل إعمار قطاع غزة
الرئيس الأمريكي والرئيس الإسرائيلي في البيت الأبيض/ رويترز

وتدرك الأطراف الرئيسية في الشرق الأوسط، سواء كانت السعودية أو مصر أو تركيا، أن القضايا الملحة للإدارة الأمريكية تشمل احتمال عودتها إلى الاتفاق النووي الإيراني، والجدول الزمني الضيق للمحادثات بشأن إعادة الانضمام إلى الاتفاقية، مع تولي رئيس إيران الجديد المحسوب على التيار المتشدد، إبراهيم رئيسي، لمنصبه في 3 أغسطس/آب المقبل.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه مكانة السعودية في العاصمة الأمريكية مضطربة والوضع التركي معقداً، فإن المصريين لا يريدون عودة العلاقات مع أمريكا إلى ما كانت عليه في عهد أوباما، ويسعون إلى علاقات عمل جيدة مع بايدن. ومن ثم يريدون تحسين مكانتهم لدى الإدارة الأمريكية.

من جانب آخر، ترى القيادة المصرية أن الأبواب في واشنطن مفتوحة على مصراعيها أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد الشاب، جنباً إلى جنب مع أعضاء ائتلافه المتنوع، الذي يضم أحزاباً يسارية بالإضافة إلى حزب راعم ذي الخلفية الإسلامية.

وفي حين أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لم يتحدث عبر الهاتف مع نتنياهو منذ أكثر من عام، فإن المحادثة الأولى بين بينيت والسيسي في وقت سابق من هذا الأسبوع كانت إيجابية للغاية.

كما أجرى وزيرا الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد ونظيره المصري سامح شكري، أول مكالمة هاتفية بينهما، وقال الطرفان إن جميع المحادثات كانت إيجابية ومثمرة.

الدور المصري في حرب غزة
رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار يعانق رئيس المخابرات المصرية عباس كامل/ رويترز

إذا نظرنا إلى الأمور على هذا النحو، فإن انضمام عمرو نظمي إلى فريق التفاوض المصري يأتي لتسريع الخطى المتعلقة بالتوصل إلى تفاهمات، وفي إطار سعي المصريين إلى تحقيق انفراجة قبل زيارة بينيت لواشنطن.

ويُشار إلى أنه خلال الجولة الأخيرة من محادثات الوساطة في القاهرة، ركَّز المصريون على المعلومات المبكرة فيما يتعلق بموعد السفر المحدد لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن، وهدفهم أن يدخل بينيت المكتب البيضاوي وفي حوزته رؤية إيجابية حول التعاون المصري الإسرائيلي، وربما بعض الثناء على عمل المصريين.

من ثم، يطمح المصريون إلى التوصل إلى نوع من الاتفاق الإطاري بحلول ذلك الوقت، وتحديد عدد الأسرى الفلسطينيين الذين يُفترض بإسرائيل أن تطلق سراحهم ضمن صفقة تبادل الأسرى المحتملة. وبالإضافة إلى ذلك سيتعين على المصريين والإسرائيليين إيجاد طريقة لإقناع الأمريكيين أن خطوة من هذا النوع لن تقوض مصداقية رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وتعزز من هيمنة حماس سياسياً.

من وجهة نظر المصريين، الطريق إلى واشنطن يمر عبر الحكومة الإسرائيلية، بغض النظر عن هوية رئيس الوزراء الإسرائيلي أو الرئيس الأمريكي.

تحميل المزيد