قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء 30 يونيو/ حزيران 2021، إن تطمينات تلقتها روسيا من تركيا بأن إنشاء قناة إسطنبول لتسهيل حركة الملاحة لن يؤدي إلى تواجد أكبر لقوات بحرية تابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في البحر الأسود.
يشار إلى أن البحر الأسود شهد الأسبوع الماضي احتكاكاً بين سفينة حربية بريطانية وسفن روسية، تحولت إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين واستدعاء للسفير البريطاني بروسيا، كما سيشهد تدريبات موسعة تنفذها قوات "الناتو" بقيادة أمريكا ومشاركة عدد كبير من الدول خلال الأيام القليلة القادمة.
وقال لافروف، في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، الأربعاء، في مدينة أنطاليا جنوب تركيا، إن توافق أكده الطرفان على أن خطط شق قناة إسطنبول لن تمس بأي شكل من الأشكال إحداثيات تواجد القوات البحرية الأجنبية في البحر الأسود.
في المقابل، لم يؤكد جاويش أوغلو التزام بلاده بعدم السماح للحلف الأطلسي بإرسال سفن حربية إضافية إلى البحر الأسود، مكتفياً بالقول إن قناة إسطنبول لن يكون لها "تأثير مباشر" على اتفاقية مونترو التي تعود لعام 1936 وتنظم الملاحة عبر مضيقي البوسفور والدردنيل.
وقال الوزير التركي إنه لن يطرأ أي تغيير على اتفاقية مونترو مع بناء قناة إسطنبول، وأضاف أن الاتفاقية لها أحكامها الخاصة التي تنص على كيفية مراجعتها وإبطالها، مشدداً على أن الممر المائي الجديد سيخضع للقوانين التركية.
توترات في البحر الأسود
تأتي التصريحات الروسية عن تطمينات تركية بشأن قناة إسطنبول وسط توترات بين روسيا والغرب بسبب دخول سفن حربية غربية مناطق بالبحر الأسود.
وقبل نحو 10 أيام، أطلقت البحرية الروسية طلقات تحذيرية تجاه بارجة بريطانية بحجة أنها دخلت المياه الروسية في البحر الأسود، وبعد هذا الحادث جرت مناورات بحرية في البحر الأسود بين أوكرانيا وعدة دول بينها الولايات المتحدة.
من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه كان في وسع بلاده إغراق البارجة البريطانية دون أن يؤدي ذلك إلى قيام حرب عالمية ثالثة، متهماً الولايات المتحدة بالضلوع فيما وصفه "بعمل استفزازي".
وتقيد اتفاقية مونترو دخول السفن الحربية إلى البحر الأسود من خلال وضع قواعد صارمة على الملاحة في هذه المنطقة، لكنها تضمن المرور الحر للسفن المدنية سواء في أوقات السلم أو الحرب.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا نظيره التركي في أبريل/نيسان الماضي إلى الحفاظ على الاتفاقية.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاحقاً أن حكومته ليس لديها أية نية للخروج من اتفاقية مونترو، وأنها تولي أهمية للمكتسبات التي حققتها تركيا من الاتفاقية، وستواصل الالتزام بها إلى حين تحقيق الأفضل.
انطلاق مشروع قناة إسطنبول
السبت 26 يونيو/حزيران، وضع الرئيس التركي أردوغان حجر الأساس لأول جسور "قناة إسطنبول"، حيث بدأ بالفعل تنفيذ المشروع الذي أعلن عنه عام 2011، ونال انتقادات واسعة من أطراف معارضة.
وأوضح أردوغان خلال المراسم أن بلاده "ترى أن قناة إسطنبول مشروع لإنقاذ مستقبل المدينة"، مؤكداً أن هناك حاجة لهذا المشروع من أجل حماية النسيج التاريخي والثقافي للمضيق أيضاً.
وأضاف: "نهدف لإنجاز قناة إسطنبول في غضون 6 سنوات بتكلفة تقارب 15 مليار دولار".
وأعرب عن اعتقاده بأن التجمعات السكنية المخطط إقامتها على ضفتي القناة بسعة إجمالية تبلغ 500 ألف نسمة ستزيل الضغط عن مركز إسطنبول.
ولفت الرئيس أردوغان إلى أن طول القناة سيبلغ 45 كم، وعرض قاعدتها 275 متراً على الأقل، فيما سيكون عمقها نحو 21 متراً.
وبين أن قناة إسطنبول جرى تصميمها بحيث يمكنها استيعاب 99% من حركة الملاحة الراهنة في المضيق.
وتربط القناة البحر الأسود ببحر مرمرة، وتقسم الجزء الأوروبي من المدينة إلى قسمين، جاعلة من الجزء الشرقي من القسم الأوروبي جزيرةً وسط قارتي آسيا وأوروبا.
ولكن المشروع يلقى انتقادات كبيرة بين أوساط في المعارضة التركية.
وسبق لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو -التابع لحزب الشعب الجمهوري المعارض- أن قاد حملة معارضة شرسة لمشروع القناة، كما أشار في تصريح له إلى أن شق القناة ينتهك 7 اتفاقات دولية أهمها اتفاقية مونترو، حسب قوله.
في المقابل، أعلن وزير البيئة والتحضر مراد كوروم أن القناة، التي ستسمح بمرور 185 سفينة يومياً بأمان، حصلت على تقييم إيجابي من 52 مؤسسة ومعهداً مختصاً، خاصة في قطاع البلديات ومن ضمنها مراكز تتبع لبلدية إسطنبول الكبرى.