الإفراط في العمل يرفع خطر الموت وهكذا تحمي صحتك إذا كان تقليل الساعات غير ممكن

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/26 الساعة 17:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/26 الساعة 17:29 بتوقيت غرينتش
تشير منظمة الصحة العالمية أيضاً إلى أن آثار الإفراط في العمل تؤثر أكثر على الرجال/ Istock

هل تعلم أن الإفراط في العمل أدى إلى وفاة 745 ألف شخص، بسبب السكتة الدماغية وأمراض القلب في عام 2016. وما زاد الطين بلة، أن هذا الرقم عبارة عن زيادة بنسبة 29% منذ عام 2000.

قد يكون التفاني في العمل أمراً محموداً طبعاً، ولكن حماية نفسك من الإرهاق الناتج عن الإفراط في العمل يمكن أن تكون حرفياً مسألة حياة أو موت. 

التقرير الحديث الصادر عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية، يلقي الضوء على تداعيات أزمة كورونا، التي رغم رفعها نسبة البطالة، فإنها زادت من الضغط على آخرين.

أثناء الجائحة، أصبح الذهاب إلى العمل أكثر خطورة، بسبب الفيروس، للعديد من العاملين الأساسيين، ولكن حتى بالنسبة للعاملين من المنزل، لم يكن الأمر أقل خطورة.

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في بيان:"أصبح العمل عن بُعد هو القاعدة في العديد من المجالات، وهذا غالباً ما يطمس الحدود بين المنزل والعمل. إضافة إلى ذلك، اضطرت عديد من الشركات التجارية إلى تقليص عملياتها أو إغلاقها من أجل توفير الأموال، وانتهى الحال بالعمل لساعات أطول بالنسبة للأشخاص الذين لا يزالون في كشوف المرتبات". 

يعني ذلك أن مخاطر الإفراط في العمل حقيقية بالنسبة لمعظم الناس، إن لم يكن لكل واحد منا. 

فما علامات الإفراط في العمل، وكيف تحمي نفسك من أسوأ آثاره؟

الإفراط في العمل
العمل لأكثر من 55 ساعة في الأسبوع يرتبط بنسبة 35% أعلى لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية/ Istock

كيف تتحقق من الإفراط في العمل؟

في تقريرها، حددت منظمة الصحة العالمية العمل الزائد بأن العمل لأكثر من 55 ساعة في الأسبوع يرتبط بنسبة 35% أعلى لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية و17% أعلى لخطر الوفاة من أمراض القلب التاجية، مقارنة بالعمل 35-40 ساعة في الأسبوع.

هذا الرقم كفيل بمعرفة الحدود، ولكن كيف تكتشف العلامات التي تدل على أن صحتك بدأت تتأثر؟

الأخصائية النفسية مارشا براون قالت لموقع Health Line: "إنَّ فرط العمل لا يؤثر فينا جسدياً فحسب، بل يأتي بعدة أشكال مختلفة". 

فيما يلي، بعض الأعراض التي قالت إنه يجب عليك الانتباه إليها:

  • نفسياً: الشعور بالضبابية، أو مواجهة صعوبة في حل المشكلات، أو ارتكاب أخطاء بسبب الإهمال أو الانزعاج أو التحمل الأقل لمشاكل العمل.
  • جسدياً: الشعور بالتعب أو الصداع أو الشعور بالتوتر أو عدم القدرة على الاسترخاء أو الشعور بالغثيان أو التعب في معدتك.
  • عاطفياً: الشعور بالارتياب أو القلق طوال الوقت، أو الشعور بالرهبة والخوف من الذهاب إلى العمل أو الشعور بالعجز.
  • التواصل الشخصي: تجنب زملاء العمل الذين لم تواجه معهم أي مشاكل، أو الدخول في نزاع مع أشخاص في العمل أو أحبّائك بالمنزل، أو الانفعال الشديد على أتفه الأشياء.
  • سلوكياً: طلب إجازات مرَضية أكثر، أو ارتكاب مزيد من الأخطاء، أو النوم أقل أو اللجوء إلى مزيد من العقاقير.

تتفاوت هذه الأعراض اعتماداً على نوع العمل؛ يشهد العاملون في مجال التمريض على وجه الخصوص مستويات عالية من استنزاف الطاقة والإرهاق في الظروف المجهدة بشكل خاص. 

وأظهر تحليل تلوي حديث للممرضين خلال جائحة كورونا، أن 34% عانوا من الإرهاق العاطفي. 

وتشير منظمة الصحة العالمية أيضاً إلى أن آثار الإفراط في العمل تؤثر أكثر على الرجال، إذ إن 72% من الوفيات المرتبطة بالإرهاق في دراسة منظمة الصحة العالمية حصلت بين الذكور.

كيف تحمي صحتك (إذا كنت لا تستطيع ترك وظيفتك)؟

يقول طبيب علم النفس البحثي والمعالج النفسي وكبير مسؤولي العلوم في المنصة الصحية SilverCloud Health ديريك ريتشارد، إنه من المهم التعامل مع الضغط العصبي أو الإرهاق العاطفي الذي يؤدي إلى مشاكل صحية أكبر.

وأوضح ريتشاردز: "خذ وقتاً لتناول الغداء، أو الذهاب في نزهة على الأقدام، أو حتى التأمل بوصفه وسيلة للاسترخاء. هذه الخطوات التي تبدو صغيرة لن تساعدك فقط على التخلص من التوتر، بل ستزيد أيضاً من إنتاجيتك على المدى الطويل، مما يساعدك في النهاية على الشعور بمزيد من الكفاءة أيضاً".

وقال إنه من الضروري وضع حدود للعمل، بحيث تكون واضحاً بشأن مقدار العمل الذي يمكنك القيام به، وقل لا للأشياء عندما تصبح أكثر من اللازم. 

إذا كنت تستطيع السيطرة على جدولك الزمني، فكن استراتيجياً بشأن إضافة وقت استراحة بين المواعيد أو الاجتماعات، حتى لمدة 5 دقائق.

يوضح براون: "الهدف ليس الوقت حقاً، بل الانفصال عن العمل ولو قليلاً".

هل حان الوقت لأسبوع عملٍ مدته 4 أيام؟

بدورها دعت مديرة قسم البيئة وتغيُّر المناخ والصحة في منظمة الصحة العالمية، ماريا نيرا، إلى إصلاح العمل، في ضوء هذه النتائج الجديدة.

وقالت في بيان نشرته المنظمة: "لقد حان الوقت لكي نستيقظ جميعاً، الحكومات وأصحاب العمل والموظفون، على حقيقة أن ساعات العمل الطويلة تؤدي إلى الوفاة المبكرة".

وبدأت بالفعل بعض الشركات في تطبيق أسبوع العمل المؤلف من 4 أيام، بعدما أظهرت الأبحاث أن الحصول على مزيد من فترات الراحة يرتبط بالسعادة وزيادة الإنتاجية، بينما تؤدي ساعات العمل الطويلة إلى الإصابة بأمراض القلب وداء السكري.

إسبانيا كانت من أولى الدول التي أقرت هذا الأمر، إذ وافقت الحكومة الإسبانية على إطلاق مشروع تجريبي كوسيلة لزيادة الإنتاجية، وتحسين الصحة النفسية للعاملين، ومحاربة تغير المناخ، واكتسبت أهمية جديدة بعد أن سلطت جائحة كورونا الضوء على المشكلات المتعلقة بالراحة والإرهاق والموازنة بين العمل والحياة.

لذا فإن الحل الواضح إذا وجدت نفسك مرهقاً، هو العمل أقل ساعات بكل بساطة، وقضاء مزيد من الوقت مع العائلة أو في ممارسة هواياتك. 

ولكن للأسف، لا يعتبر الجميع هذا الحل خياراً اقتصادياً يمكنهم القيام به.

تحميل المزيد