كشف تحقيق بريطاني لأول مرة عن وجود لجنة استشارية معنية تابعة للحكومة البريطانية معنية ببيع الأسلحة لدول الخليج، وقال إنها كانت تعقد اجتماعات سرية مع مدير شركة أسلحة تورد للسعودية، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الخميس 24 يونيو/حزيران 2021.
الموقع البريطاني أوضح أن تقريراً صادراً عن موقع Declassified UK للصحافة الاستقصائية، الخميس، كشف عن عقد مدير في شركة أسلحة كبرى تُزود المملكة العربية السعودية بالأسلحة اجتماعاً سرياً مع مسؤولين بريطانيين في ذروة الحرب في اليمن، لكن لم يُحتفَظ بسجلٍ لوقائع الاجتماع.
اجتماعات سرية خاصة بالخليج
حضر ريتشارد بانيجيان، الذي كان وقتها مديراً في شركة Raytheon UK، اجتماعاً للمجموعة الاستشارية المعنية بدول الخليج التابعة لوزارة الدفاع، جنباً إلى جنب مع عضو البرلمان المحافظ فيليب دن، وزير الدولة للمشتريات الدفاعية، وتوبياس إلوود، الذي كان وقتها وزير الدولة للشؤون الخارجية، في يناير/كانون الثاني 2016، حسبما كشف الموقع الاستقصائي.
وفقاً لموقع Declassified UK، قدم المسؤول التنفيذي في شركة الأسلحة استشارات للوزراء بشأن سياساتهم تجاه الخليج.
كان بانيجيان أيضاً رئيساً سابقاً لإدارة مبيعات الأسلحة في حكومة المملكة المتحدة، المسماة "منظمة الدفاع والأمن". وفي يوليو/تموز 2016، عُيِّن رئيساً لشركة Raytheon Systems Limited ومقرها الولايات المتحدة، وهي مورد رئيسي للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. وتوفي بانيجيان في يونيو/حزيران 2017 بنوبة قلبية.
بحسب الموقع البريطاني، لم تظهر تفاصيل وجود المجموعة الاستشارية المعنية بدول الخليج إلا بعد نشر مذكرات وزير خارجية سابق آخر هو آلان دنكان في وقت سابق من العام الجاري.
واجه وزراء الحكومة أسئلة برلمانية بشأن هذه النقطة، بعدما كشف دنكان في مذكراته أنه حضر اجتماعاً لما سماه لجنة استشارية معنية بدول الخليج، مع تشارلز جوثري، قائد الجيش البريطاني السابق ومدير شركة Keystone Petroleum، وجيفري تانتوم، مستشار ملك البحرين حمد بن عيسى.
البحرين أيضاً جزءٌ من التحالف الذي تقوده السعودية الذي يشن حرباً على المتمردين الحوثيين في اليمن منذ عام 2015.
اعتراف الوزراء بـ"المجموعة الاستشارية"
نفى الوزراء في البداية وجود اللجنة لكنهم اعترفوا فيما بعد بوجود "مجموعة استشارية خليجية" داخل وزارة الدفاع وقالوا إنهم لم يحتفظوا بسجلات أو محاضر اجتماعات.
رداً على النائبة عن حزب العمل زارة سلطانة، كتب وزير الدفاع جيريمي كوين: "كان هناك اجتماع للمجموعة الاستشارية المعنية بدول الخليج في 11 يناير/كانون الثاني 2016 الذي كان السير ريتشارد بانيجيان مدعواً له".
أضاف: "ومع ذلك، لا نحتفظ بمحضر هذا الاجتماع ولا يمكننا بالتالي تأكيد الحضور".
فيما أكد كوين لاحقاً لزارة سلطانة أنَّ جيفري تانتوم، مستشار ملك البحرين، دُعي أيضاً لحضور الاجتماع المُنعَقِد في يناير/كانون الثاني 2016 مع بانيجيان. وأكد كذلك للنائبة زارة وجود المجموعة الاستشارية لمدة عامين حتى سبتمبر/أيلول 2018.
وفقاً لتقرير موقع Declassified UK، لم يكشف توبياس إلوود ولا فيليب دن عن تفاصيل اجتماعهما مع بانيجيان في سجلات الشفافية في الإدارة، على الرغم من مطالبة الوزراء بالإبلاغ عن الاجتماعات المُنعَقدة مع ممثلي شركات الأسلحة.
بينما لم ترد وزارة الدفاع البريطانية ولا شركة Raytheon على طلبٍ للتعليق من موقع Middle East Eye البريطاني حتى وقت النشر.
نصف أسلحة بريطانيا تتجه للشرق الأوسط
بين إجمالي صادرات المملكة المتحدة من الأسلحة، والبالغة 125 مليار دولار منذ عام 2010، بلغت نسبة مشتريات بلدان الشرق الأوسط من أسلحة بريطانيا قرابة 60%، ووقّعت المملكة المتحدة النصيب الأكبر من عقود الشرق الأوسط خلال العِقد الماضي.
شملت الصفقات تقديم الطائرات المقاتلة تايفون لكل من الكويت، وقطر، وعمان، والسعودية، فضلاً صواريخ بريمستون التي اشترتها الدوحة، وطائرات الهوك المقاتلة التي حصلت عليها مسقط.
على غرار الرقم المسجل في العقد الماضي، جسّد الشرق الأوسط 58% من الحصّة السوقية لصادرات المملكة المتحدة الدفاعية في عام 2019. فيما احتلّت أوروبا المركز الثاني بين أكبر المستوردين، بحصّة تبلغ 20%.
رغم أن المبيعات البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط تفوّقت كثيراً على نظيرتها لأي مكان آخر في العالم، فإن الحصة السوقية للمنطقة انخفضت بنسبة 77% خلال العام الماضي. رغم أن البيانات الصادرة لم تبيّن حِصص الدول بالتفصيل، فمن المرجح أن يُعزى هذا الانخفاض إلى توقف مبيعات الأسلحة للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية والذي يقاتل في الحرب الأهلية في اليمن.
إذ أعلنت الحكومة البريطانية، في يونيو/حزيران من العام الماضي، عن حظر كافة مبيعات الأسلحة الجديدة إلى السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين، والكويت، بعد معركة قانونية طويلة؛ حيث قضت محكمة الاستئناف بأن الحكومة قد فشلت في تقييم ما إذا كان هناك خطر من استخدام الأسلحة لخرق القانون الإنساني الدولي.
لكن المملكة المتحدة استأنفت منذ ذلك الحين مبيعات الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية، بعد أن قالت وزيرة التجارة الدولية "ليز تروس" إن أي انتهاكات للقانون الدولي كانت "حوادث منفردة".