تعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الخميس 24 يونيو/حزيران 2021، بالمضي قدماً في محاربة الفساد حتى لو كلفه ذلك إسقاط حكومته، وذلك في مقابلة له مع قناة "العراقية" المملوكة للدولة.
إذ قال الكاظمي، في المقابلة التلفزيونية التي نشر مكتبه الإعلامي مضمونها، إن "محاربة الفساد تعدُّ تحدياً كبيراً في العراق". وأضاف: "سقوط الموصل (بيد داعش صيف 2014) كان سببه الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة أيضاً، وكثير من القضايا حتى في موضوع الكهرباء وقطاعات أخرى، نجد أن السبب هو الفساد".
لجنة مكافحة الفساد
الكاظمي تابع: "اللجنة المعنية بمكافحة الفساد تواجه شتى التهم (من أطراف لم يسمها)، من قبيل تعذيب المتهمين، واعتقال متهمين من مكوّن دون آخر"، نافياً صحة تلك المزاعم.
يُذكر أنه في أغسطس/آب 2020، شكَّل الكاظمي لجنة خاصة للتحقيق بملفات الفساد الكبرى، وأوكل مهام تنفيذ أوامر الاعتقالات إلى قوة خاصة برئاسة الوزراء.
كما توعد الكاظمي قائلاً: "حتى لو جرى التهديد بإسقاط الحكومة فلن نتوقف عن إجراءات مكافحة الفساد، ومستعدون للتضحية بكل شيء".
استطرد: "يجب أن نستعيد ثقة المواطن بالنظام السياسي، ولكي نحقق ذلك يجب أن نواجه التحديات وهي الفساد والسلاح المُنفلت والجرائم الخطرة".
استدرك: "محاربة الفساد مشروع طويل ونحتاج إلى تشريعات جديدة، وسنستمر أيضاً في محاربة كل من يحاول أن يهدد إعادة بناء الدولة".
تعد محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة يشهدها العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.
العراق من بين أكثر دول العالم التي تشهد فساداً، وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
في 23 مايو/أيار 2021، قال الرئيس العراقي برهم صالح في كلمة متلفزة، إن 150 مليار دولار هُربت، من صفقات الفساد إلى الخارج منذ عام 2003.
تراجع الحكومة أمام الميليشيات
في المقابل يقول نشطاء ومسؤولون ودبلوماسيون إن الحكومة العراقية تزداد ضعفاً على ما يبدو، في مواجهة مسلحين وأحزاب، من المتوقع أن تعزز وضعها في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يبدد آمال المحتجين الذين تلقوا وعودواً بالإصلاح.
فقد قررت حكومة بغداد إجراء انتخابات مبكرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021 كحلٍّ لمشكلات البلاد، وألقى الغرب بثقله وراء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والرئيس برهم صالح، في الدعوة إلى الانتخابات التي وافقت الأمم المتحدة على مراقبتها.
لكن سلسلة أحداث شهدها العراق في الآونة الأخيرة، أظهرت منعة الجماعات المسلحة، المتحالفة بشكل أساسي من إيران، من المساءلة والعقاب.
بينما تستعد أكبر الأحزاب العراقية، وجميعها مرتبط بفصائل مسلحة، لتقسيم الغنائم الانتخابية، يُقتل نشطاء مؤيدون للإصلاح في الشوارع.
قال مسؤول حكومي، اشترط عدم كشف هويته، إن "المسلحين أقوى من الدولة نفسها… الحرس القديم هو المسيطر. كل ما سينجم عن إجراء انتخابات بمراقبة دولية هو منحهم شرعية". ولم يتسنَّ الوصول بعد إلى المتحدث باسم الحكومة للحصول على تعليق.
فبعد أن غزت الولايات المتحدة العراق في 2003 لتطيح بزعيمه صدام حسين، سيطرت أحزاب شيعية متحالفة مع إيران على مؤسسات الدولة وحكوماتها المتعاقبة.
احتجاجات حاشدة
في أواخر 2019، شاركت مجموعات ضخمة من العراقيين في احتجاجات حاشدة تطالب بإزاحة هذه الطبقة الحاكمة. وقُتل مئات المحتجين عندما فتحت قوات الأمن ومسلحون النار على المتظاهرين. واضطرت الحكومة في ذلك الوقت إلى الاستقالة.
منذ ذلك الحين، وعد رئيس الوزراء المؤقت الكاظمي بمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وإصلاح قوانين الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أن يُضعف قبضة الجماعات المسلحة.
لكن بعد مرور نحو عامين لم تحقق المحاكمات الخاصة بقتل المتظاهرين النتائج المرجوة منها. كما تبدو النخبة القديمة في سبيلها لتعزيز سلطتها بينما يشكو النشطاء من أن الحريات السياسية تآكلت أكثر.
تقول الأمم المتحدة إن 32 ناشطاً مناهضاً للنظام على الأقل لقوا حتفهم في عمليات قتل مستهدفة نفذتها جماعات مسلحة مجهولة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019. ويلقي مسؤولون عراقيون باللوم في الكواليس على الجماعات المتحالفة مع إيران، على الرغم من أن هذه الجماعات تنفي أي دور لها في ذلك.