القيروان تودع ضحايا كورونا بالليل والنهار.. المدينة التونسية تعجز عن مواجهة الفيروس القاتل

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/24 الساعة 09:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/24 الساعة 09:11 بتوقيت غرينتش
فجأة اجتاح فيروس كورونا ولاية القيروان وسط تونس/ الأناضول

فجأة اجتاح فيروس كورونا ولاية القيروان وسط تونس، منتصف الأسبوع الماضي، ليجد سكانها -نحو 600 ألف نسمة- أنفسهم في مواجهة انتشار سريع وواسع للوباء القاتل، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول، الخميس 24 يونيو/حزيران 2021.

في اليوم الأول، باشر المستشفى الميداني العسكري استقبال 6 مصابين في حالة خطيرة، ووُضِع اثنان منهم على سرير الإنعاش (العناية المركزة) بالخيمة، فيما قرروا إرسال آخرين إلى مستشفيات مجاورة.

قبل أن يأمر الرئيس قيس سعيّد بإنشاء مستشفى عسكري ميداني في القيروان، إثر الانتشار السريع للفيروس داخلها.

فيما أعلنت السلطات الحجر الصحي الشامل في الولاية، بدءاً من الأحد، مع حظر جزئي للتجوال، بين الخامسة مساء والخامسة من صباح اليوم التالي (16:00 ـ 04:00 تغ).

جنائز بالليل والنهار لضحايا كورونا

يتلخص المشهد داخل القيروان في إنذار وبائي عالٍ ووضع صحي حرج وأسرّة إنعاش ممتلئة، ومصابين يتم تحويلهم إلى جهات مجاورة، في ظل التفشي المفاجئ للفيروس. وتم إرسال 10 مصابين حالتهم خطيرة إلى مستشفيات في ولايات مجاورة، مثل صفاقس وتونس العاصمة وسوسة.

لم تعد في القيروان أسرة شاغرة في المستشفيات، إذ بلغت أقصى طاقتها الاستيعابية، وهي 21 سريراً مخصصاً للإنعاش، و200 سرير لتزويد من يعانون ضيق التنفس بالأوكسجين‎. يومياً تسجل القيروان متوسط إصابات يفوق 300، وفق إحصاءات الإدارة الجهوية للصحة، إضافة إلى 6 ـ 8 وفيات في مستشفيات دون احتساب الحالات في المنازل.

إذ تسارعت وتيرة دفن موتى الوباء، تحت إشراف البلديات، ومنها بلدية القيروان، وبلغت عملية دفن كل ساعة، بحسب موظف مشرف على عمليات الدفن التي تتواصل ليلاً تحت الأضواء الكاشفة.

روضة السبري، تونسية فقدت أفراداً من عائلتها الصغيرة والكبيرة، واعتبرت ما حدث فاجعة حلّت بهم وبالمنطقة وبالجهة.

فلم تمض أيام على فراق زوجها بالفيروس، حتى رحل أقارب لها آخرون من شباب وكهول، بلغ عددهم 10 من منطقة واحدة، وهي "سيدي محمود" في ريف القيروان.

هذه العائلة هي واحدة من مئات غيرها فقدت أحباء، منهم من فقد فرداً ومنهم فقد أكثر، من بين ما يزيد على 400 وفاة في الأيام العشرة الأخيرة.

مستشفيات مكتظة

تمتلئ أقسام المستشفيات المخصصة بالمرضى، فلا يجد المصاب الوافد حديثاً أي سرير أو قارورة أوكسجين.

عند قسم الطوارئ في مستشفى "ابن الجزار" وسط مدينة القيروان كان هناك عدد من المصابين، بعضهم على أسرّة وآخرون يفترشون الأرض، فيما تكدس غيرهم على مقعد أسمنتي.

هؤلاء جميعاً ينتظرون قبولهم في القسم لنيل نصيب من الأوكسجين، ومن ثم إدخالهم إلى أحد الأقسام الاستشفائية من طرف طبيب وحيد غارق وسط ملفات مرضى متراكمة، وتحت وطأة صراخ مرافقيهم، وأحياناً تحت طائلة عنف لفظي ومادي.

قالت الطبيبة حنان الحليوي، وهي نائبة مدير جهوي للصحة "ارتفع عدد المصابين بالمستشفى الميداني من 40 مريضاً في آخر مايو (أيار الماضي) إلى 60 في بداية يونيو (حزيران الجاري)، وهذا مؤشر على أن الوضع الصحي أصبح حرجاً".

تابعت للأناضول، أن "المستشفى الميداني انتقل من مرحلة قبول مصابين في وضعية صحية مستقرة، إلى إيواء مَن حالتهم خطيرة، الذين يتم تحويلهم إلى مستشفيات مجاورة".

كما أوضحت أنه "مع قدوم المستشفى العسكري الميداني أصبحت طاقة إيواء المستشفى الميداني 80 مصاباً".

شددت على أن "الوضع صعب جداً وحرج، والأطباء وأعوان الصحة يواجهون ضغطاً وصعوبات، وسط نقص كبير في المعدات والإطارات الطبية وشبه الطبية (…) ونقص سيارات الإسعاف والأدوية ووسائل الوقاية".

إمكانات ضعيفة

هذا الوضع الصعب كانت له انعكاسات سلبية على إيواء المصابين والخدمات العلاجية.

تمكن حوالي 170 شخصاً من مغادرة المستشفى الميداني، مؤخراً، بعد تقلُّص حدة المرض وتمكينهم من أجهزة أوكسجين صناعي، لمواصلة العلاج في منازلهم، وترك الأسرّة لمصابين غيرهم.

لكن لا تزال غرف الإنعاش المكتظة تودع مصابين بأعداد تقترب من الفاجعة، ففي نهاية الأسبوع الماضي مثلاً توفي 15 شخصاً، بحسب تصريح صحفي للمدير الجهوي للصحة في القيروان، محمد رويس.

فيما تسعى السلطات إلى تدارُك الضعف في منظومة التسجيل والتلقيح في القيروان، حيث أعلن وزير الصحة فوزي المهدي، خلال زيارته المدينة مؤخراً، أنها الأضعف ولم تتجاوز 10%، وهو ما يستوجب مراجعتها.

اكتشاف السلالة الهندية من كورونا

تواجه تونس موجة جديدة من انتشار الفيروس، ما دفع الحكومة، الأحد، إلى إعلان الحجر الصحي الشامل في 4 ولايات، هي القيروان، وسليانة وباجة (شمال غرب)، وزغوان (جنوب العاصمة).

فقد أعلنت وزارة الصحة، مساء الأربعاء، تسجيل 3638 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ بداية الجائحة إلى 391411 إصابة، لافتة إلى أن نسبة التحاليل الإيجابية اليومية المسجلة بلغت 36.12%، وفق البيان ذاته. 

أضافت، في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بموقع التواصل "فيسبوك"، أنه تم تسجيل 95 وفاة جديدة بالفيروس، مؤكدة أن إجمالي الوفيات المبلغ عنها بكورونا ارتفع إلى 14318 حالة.

كما أفادت وزارة الصحة أنه يقيم بالمستشفيات 2874 مصاباً بفيروس كورونا، بتاريخ 22 يونيو/حزيران 2021، من بينهم 511 مصاباً بأقسام العناية المركزة، و118 مصاباً يخضعون حالياً للتنفس الصناعي، وفق نص البلاغ.

بينما أعلنت وزارة الصحة أن مصالحها رصدت 6 حالات عدوى بالسلالة الهندية المتحورة لفيروس كورونا المستجد، بعد سلسلة عمليّات من التقطيع الجيني الجزئي.

ولفتت إلى أن "عمليات التقطيع الجيني متواصلة حتى تصدر النتائج النهائيّة لحالات العدوى بالسلالة الهنديّة"، وفق ما جاء في نص البيان.

تحميل المزيد