في مصر القديمة اعتبر إيذاء القطط تطاولاً على الآلهة يستحق أشد أنواع العقاب، ويعتقد في الهندوسية أن البشر والحيوانات هم أفراد عائلة واحدة، بينما يعتقد البوذيون أن البشر لا يستحقون معاملة تفضيلية على الكائنات الأخرى.
في الواقع، كان تقديس الحيوانات في العديد من الحضارات والديانات القديمة مرتبطاً بتقديس الحياة بجميع أشكالها وتجلياتها، لذلك فقد ارتبطت الكثير من الآلهة بصور الحيوانات، وامتنعت بعض الشعوب عن إيذاء كائنات معينة تجنباً لغضب الآلهة.
جمعنا لكم في هذا التقرير أبرز الحيوانات التي تم تقديسها لدى الشعوب القديمة:
حيوانات مقدسة في الديانات والحضارات القديمة
الأبقار المقدسة
من المعروف أن للأبقار مكانة خاصة في الديانة الهندوسية على وجه التحديد، فقد دعمت الأساطير الهندية قدسية الأبقار، ولاسيما سلالة الزيبو المحدب، لكن الهند ليست المكان الوحيد الذي حظيت فيه الأبقار بأهمية خاصة.
ففي مصر القديمة تم تصوير عدد من الآلهة برأس بقرة أو بقرون، على سبيل المثال تم تصوير الإلهة "بات" برأس بقرة على لوحة نارمر، وهي قطعة أثرية يعود تاريخها إلى حوالي 3100 قبل الميلاد، وفقاً لما ورد في موقع National Geographic.
بمرور الوقت، يبدو أن "بات" قد تطورت إلى إلهة مصرية أخرى تتميز بالقوة، وهي "حتحور"، التي كانت إلهة مؤثرة في عدد من مجالات الحياة في مصر القديمة، من بينها الأمومة، والموسيقى، والزراعة، والمتعة، وحتى الموت.
أما "إيزيس" فهي إلهة مصرية أخرى تُصور في الغالب على أنها بشرية، لكن تم تصويرها في بعض الأحيان بقرون بقرة فوق رأسها، وقد كانت إيزيس رمزاً للأم والزوجة المصرية، كما كانت حاميةً لسيد العالم السفلي، أوزوريس.
الكلاب حارسة أبواب الجنة والإلهة "باست" القطة
من بين جميع السنوريات حازت القطط اهتماماً خاصاً، إذ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإلهة المصرية المعروفة باسم باست، التي تظهر في الفن المصري بجسد امرأة ورأس قطة.
كانت باست رمزاً للخصوبة والولادة، وارتبطت بالمرأة ارتباطاً وثيقاً، ومن مهامها حماية الأسرة من الأرواح الشريرة والأمراض، خاصةً تلك التي تصيب النساء والأطفال، وقد اتخذ المصريون من مدينة بوباستيس مركزاً لعبادتها منذ القرن الخامس قبل الميلاد على الأقل.
ولدينا كذلك سخمت، إلهة الحرب التي تم تصويرها برأس لبؤة، والتي تعتبر الوجه الآخر لـ"باست".
كذلك فقد قدس المصريون القدماء الكلاب، فلدينا مثلاً الإله أنوبيس، إله التحنيط، وراعي النفوس الضالة، والذي يصور على أنه رجل برأس ابن آوى.
وبعيداً عن مصر القديمة، للكلاب أهمية كذلك بين الهندوس في نيبال وبعض أجزاء الهند. ففي الهندوسية يُعتقد أن الكلب هو رسول ياما، إله الموت، وأن الكلاب تحرس أبواب الجنة.
الدببة.. معبودة العصر الحجري
من المفاجئ معرفة أن عبادة وتقديس الدببة أقدم بكثير مما نتخيل، إذ يجادل العلماء أن الدببة كانت مقدسة في العصر الحجري، وكانت عبادتها منتشرة بين جماعات إنسان النياندرتال (نوع انتشر في أوروبا وأجزاء من غرب آسيا، وانقرض قبل حوالي 24,000 سنة مضت).
وقد استند العلماء إلى اكتشاف عظام الدببة القديمة في العديد من الكهوف، إذ يعتقدون أن ترتيبها الغريب دليل على عبادة الدب خلال العصر الحجري القديم.
كذلك فقد كانت الدببة حاضرة في الميثيولوجيا الإغريقية، ويُعتقد أنها ارتبطت بعبادة الإلهة اليونانية أرتميس، وهي إلهة الصيد والبرية، حامية الأطفال، وإلهة الإنجاب، والعذرية، والخصوبة. وتعتبر أرتميس إحدى أهم وأقوى وأقدم الآلهة الإغريقية، حيث إنها تنتمي للأولمبيين، أو الآلهة الاثني عشر.
كذلك فقد كان الدب مقدساً لدى "الأينو"، وهم سكان اليابان الأصليون، وفي حين أن شعب الأينو قدسوا العديد من الحيوانات الأخرى، إلا أن الدّبّ كان على رأس الحيوانات المقدسة، ووفقاً لأساطيرهم فإن الآلهة ترتدي الفراء والمخالب، وتتنكر بهيئة الدب عندما ترغب في زيارة عالم الإنسان، مع ذلك لم يحرم شعب الأينو أكل الدببة، بل اعتبروها هدية لهم من الآلهة، فأكلوا لحومها واستخدموا فراءها.
الحيتان وعودة بوذا
لم تكن الحيتان معروفة للغاية في الحضارات القديمة، مع ذلك فقد أبهرت هذه المخلوقات الضخمة جميع من رآها وحيكت عنها الأساطير.
تعتبر الحيتان كائنات مقدسة في الحضارة اليابانية، وتوجد مقابر بحجارة تذكارية مكرسة للحيتان التي تم اصطيادها وقتلها لإطعام الناس في العديد من المناطق الساحلية في اليابان.
وتشير المرثيات البوذية إلى هذه النصب التذكارية، ويعتقد أن بوذا سيولد من جديد، ولكن بهيئة حوت.
كذلك تربط بعض الثقافات الأخرى الألوهية بالحيتان، ويظهر ذلك لدى بعض الغانيين والفيتناميين والصينيين في بعض المناطق الساحلية.
الخيول طاردة القوى الشريرة
كان الحصان كائناً مقدساً بالنسبة لعدد من الشعوب، منها التركية والهندو أوروبية، إذ يعتبر أحد الحيوانات الأسطورية، ويجسد العلاقة مع العالم الآخر.
ولطالما ارتبط الحصان ذو اللون الأبيض بالشمس، وبوضوح النهار، وبالنار والهواء والسماء والماء. وتم اعتباره سمة من سمات القوى الإلهية التي تحارب الشر باستمرار.
كما يُنظر إلى الحصان على أنه قادر على طرد قوى الشر من جسم الإنسان وفقاً للمعتقدات البدوية.
وهناك اعتقاد أن الإله الإغريقي بوسيدون، وهو البحر والعواصف والزلازل والخيول، قد ولد في البداية على هيئة حصان.
كذلك عثر على دلائل على تألِيه الحصان في الصين في الفترة ما بين القرنين الرابع والأول قبل الميلاد.
ومن المعروف أنه حيوان مقدس لدى الرومان أيضاً، ويتم تقديسه كذلك في كل من الهندوسية والبوذية.
حيوانات أخرى مقدسة
أبومنجل: اعتبر طائر أبو منجل حيواناً مقدساً في مصر القديمة، إذ كان يُنظر إليه على أنه مظهر من مظاهر تحوت، إله القمر والحكمة.
النسر: كذلك في مصر، وتحديداً في مدينة نخب، كان هناك معبد مخصص للإلهة نخبت، التي صُورت على هيئة نسر.
الثعابين: حازت الثعابين مكانةً خاصةً في الأساطير الهندوسية، واعتُبرت كائنات مقدسة، كذلك فقد عُبدت هذه الزواحف في إفريقيا، وتحديداً في داهومي.
التمساح: تمساح النيل من الزواحف المهمة الأخرى في الديانة المصرية القديمة. فقد تم تصوير العديد من الآلهة على شكل تمساح، وكان أشهرها وأهمها الإله سوبك .
المواشي: تم تقديس الماشية من قبل العديد من الأديان القديمة، مثل الهندوسية في الهند ونيبال، والزرادشتية، كذلك عُبد الإله خنوم في مصر القديمة، وهو إله يحمل رأس كبش.
الأرنب: كان الإله الرئيسي لقبائل ألجونكويان في أمريكا الشمالية عبارة عن أرنب عظيم. كما عبد المصريون القدماء إلهة للأرنب تدعى وينوت، كانت مرتبطة بمدينة هرموبوليس.
الغزلان: بالنسبة لليونانيين كانت الغزلان حيوانات مقدسة، مرتبطة بالإلهة أرتميس، بينما ارتبطت الغزلان في الهندوسية بالإلهة ساراسواتي.