طوَّر علماء بريطانيون "جهاز استشعار للكشف عن المصابين بفيروس كورونا" يُثبَّت في أسقف الغرف ويمكنه اكتشاف ما إذا كان شخص ما في الغرفة مصاباً بفيروس كورونا في أقل من 15 دقيقة، ويتميز هذا الجهاز بدقته العالية، كما أنه أكبر قليلاً في الحجم من جهاز استشعار الدخان في الغرف، ويُتوقع أن يحدث ثورة في الكشف عن المصابين بفيروس كورونا في كبائن الطائرات والفصول الدراسية ومنازل الرعاية والمكاتب.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الأحد 13 يونيو/حزيران 2021، فقد أظهرت دراسات مبكرة أجراها علماء في "كلية لندن للصحة والطب الاستوائي" (LSHTM) وجامعة دورهام أن الجهاز يتمتع بمعدل دقة يتراوح بين 98% إلى 100%، ما يجعله أداة كشف موثوقاً بها، على غرار تحليل الـ"بي سي آر" PCR للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا، وأكثر دقة بكثير من الاختبارات السريعة الأخرى.
أكثر فاعلية من الـPCR
يعمل جهاز الاستشعار، الذي تصنعه شركة Roboscientific في مقاطعة كامبريدجشاير البريطانية، عن طريق الكشف عن المواد الكيميائية التي يفرزها الجلد أو الموجودة في أنفاس الأشخاص المصابين بفيروس كورونا.
هذه "المركبات العضوية المتطايرة" تخلق رائحة خفية للغاية، لا يمكن أن يكتشفها أنف الإنسان، لكن دراسة أجراها فريق البحث توصلت إلى أن الكلاب يمكنها تشمُّم هذه الرائحة. ومع ذلك، فإن الجهاز أكثر عملية، ويعطي نتائج أعلى دقةً من حاسة الشم لدى الكلاب.
بالإضافة إلى ذلك، تستطيع أجهزة الكشف الجديدة عن المصابين بفيروس كورونا استشعارَ الأشخاص المصابين بالفيروس، حتى وإن لم تظهر عليهم الأعراض بعد، ما يجعلها أكثر فاعلية حتى من اختبارات PCR، التي يتعسَّر عليها رصد حاملي العدوى بدون أعراض.
سعره مرتفع
كما تتمتع الأجهزة بإمكانيات هائلة تتيح فحصَ أعداد كبيرة من الأشخاص في وقت واحد، إذ يستغرق الأمر من 15 إلى 30 دقيقة لأخذ عينات من الهواء في غرفة كبيرة، مع إرسال نتائج الكشف على الفور إلى هاتف محمول أو كمبيوتر.
فيما يُتوقع أن تبلغ تكلفة الأجهزة نحو 5 آلاف جنيه إسترليني (7 آلاف دولار أمريكي)، ما يعني أنها ليست رخيصة، لكن إذا استُخدمت لإجراء عمليات مسح منتظمة لأعداد كبيرة من الأشخاص، فقد ينتهي بها الأمر إلى أن تكون أكثر اقتصاديةً من اختبارات المسحات المتكررة.
تجدر الإشارة كذلك إلى أن شركة Roboscientific تعمل أيضاً على تطوير جهاز محمول يُمكن استخدامه لفحص الأفراد- عن طريق أخذ مسحة من الجلد أو فحص قناع طبي مُستَخدم، أو أخذ عينة عن طريق التنفس، وتُسلَّم النتائج في غضون دقيقتين.
من جانبهم، أكَّد الباحثون، الذين نُشرت دراستهم في ورقة علمية لم تُراجع من النظراء بعد، أن النتائج كانت في مرحلة مبكرة.
في حاجة لمزيد من الدراسات
على الرغم من أن الجهاز قد أثبت حتى الآن قدرته على العمل عبر دراسةٍ شملت 54 عينة اختبار، نصفها من مصابين بفيروس كورونا والنصف الآخر لا، فإنه لا تزال ثمة حاجة إلى إجراء مزيدٍ من التجارب للتحقق من النتائج في حالات مختلفة. ومع ذلك، فقد ثبت أنه يعمل بدقة عالية مع أمراض أخرى؛ ونتيجة لذلك أبدت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية اهتماماً بتمويل الجولة التالية من التجارب.
كما يستند عمل الباحثين على الجهاز إلى اكتشافهم أن الأشخاص المصابين بفيروس كورونا ينتجون ما يشبه "بصمة رائحة" مميزة يمكن التقاطها بواسطة آلات حساسة، حتى وإن كانت وسط خليطٍ من مواد كيميائية وروائح أخرى. وكشفت الدراسة أن الجهاز يستطيع التفريق بين شخص مصاب بفيروس كورونا وبين شخص مصاب بمرض تنفسي مختلف، مثل البرد أو الإنفلونزا.
يُذكر أن شركة Roboscientific كانت قد طورت قبل 6 سنوات معدات للكشف عن أنواع مختلفة من العدوى في حيوانات المزارع. وكانت أجهزتها على قدر عالٍ من الحساسية بحيث يمكنها رصد دجاجة مصابة بالسالمونيلا أو بكتيريا كامبيلوباكتر (العطيفة) في حظيرة تضم 50 ألف طائر.
من جانبه، قال مشرف الدراسة العلمية، البروفيسور جيمس لوغان، رئيس قسم مكافحة الأمراض في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إن التجارب النهائية يمكن أن تكتمل بحلول نهاية العام.
وأضاف: "حقيقة أن الأجهزة موجودة بالفعل ويمكن استخدامها ستؤدي حقاً إلى تسريع الأمر. هذه النتائج واعدة حقاً، وتثبت إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا بوصفها اختباراً سريعاً وغير اجتياحية (دون وخز بالإبر) بدقةٍ غير مسبوقة".
وأشار البروفيسور لوغان إلى أنه "إذا طُوِّرت هذه الأجهزة بنجاح لاستخدامها في الأماكن العامة، سيمكن توسيع نطاق عملها بسهولة وبتكلفة معقولة".