العالم يشهد مفارقة “فجة” بسبب لقاح كورونا.. دول غنية تملك ما يكفي لتلقيح سكانها 4 مرات والفقيرة تنتظر

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/10 الساعة 11:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/10 الساعة 11:46 بتوقيت غرينتش
خارطة توزيع لقاحات كورونا حول العالم، تعبيرية/ Istock

قال موقع Quartz الأمريكي إن الوتيرة الحالية لتوزيع لقاحات كورونا تشير إلى أن الدول الغنية -مثل كندا وأستراليا والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي- ستستمر في تلقي جرعات من لقاحات كورونا بما يكفي لتطعيم سكانها 4 مرات، وكل ذلك قبل حتى أن تتلقى عديد من بلدان العالم الفقيرة أي لقاحات على الإطلاق.

في الوقت الذي ما زالت فيه الدول الفقيرة -بقيادة الهند وجنوب إفريقيا، وبدعمٍ من الولايات المتحدة- تبذل الضغوط من أجل تنازل الشركات مؤقتاً عن براءات الاختراع للسماح لهم بإنتاج كميات أكبر من اللقاحات دون اضطرار إلى الدفع مقابل الترخيص، فإن الدول الغنية قد عقدت بالفعل صفقات مع شركات، مثل "فايزر" Pfizer و"موديرنا" Moderna، لتأمين مليارات من جرعات اللقاح حتى عام 2023.

عدم مساواة "فجة" 

يدخل العالم بذلك إلى مرحلة من عدم المساواة الفجة فيما يتعلق بتوفير لقاحات كورونا وقد بات الأمر أوضح الآن بعد خمسة عشر شهراً من بداية جائحة كورونا، فقد أصبح العالم منقسماً حيال التعامل مع الجائحة إلى عالمين.

 فمن جانب، تتجه معظم الدول الغنية باطراد إلى التطعيم الكامل لشعوبها، وقد تلقت مجموعات كبيرة من سكانها الجرعة الأولى من اللقاح على الأقل، وفي كثير من الحالات، تلقوا الجرعة الثانية وهكذا بدأت بعض مدن هذا العالم في فتح أبوابها مجدداً، وبدأت الحياة فيها تعود إلى ما كانت عليه طبيعتها قبل انتشار الوباء.

أمَّا عالم البلدان الفقيرة، فإن الجائحة فيه أبعد بكثير من أن تنتهي بعد إذ لا تزال الهند تواجه موجة ثانية فتاكة من الوباء أودت، حتى الآن، بحياة مئات الآلاف، فيما لم يتلقَّ اللقاح إلا 13 % فقط من سكانها. وفي معظم الدول الإفريقية، لا تزيد نسبة من تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح على 2 % من السكان.

وتشير المعطيات الحالية إلى أن البلدان غير القادرة على تنظيم برامج خاصة بها لشراء اللقاحات، والتي تعتمد على مبادرة "كوفاكس" Covax -وهو تحالف عالمي لشراء اللقاحات وتوزيعها، خاصة على البلدان منخفضة الدخل- لا يزال تقدُّمها نحو تحصين سكانها بطيئاً للغاية. وهذا بدوره يعرضهم لخطر اجتياح موجات أخرى أشد فتكاً من وباء كورونا، ويزيد من احتمالات ظهور تحورات وسلالات فيروسية جديدة مقاومة للقاحات المتاحة.

لقاحات كورونا كورونا
براءة اختراع لقاحات كورونا تثير الجدل/ رويترز

الدول الغنية تخزِّن اللقاحات

بموجب الصفقات الأخيرة التي عقدها الاتحاد الأوروبي مع شركات اللقاح، ضمن الاتحاد الأوروبي الحصول على 900 مليون جرعة من لقاح "فايزر"، واحتفظ بخيارِ شراء 900 مليون جرعة أخرى يتسلَّمها بحلول عام 2023. ويضمن هذا للاتحاد الأوروبي الحصولَ على ما يصل إلى 3 مليارات جرعة من اللقاح، أو 6.6 جرعة لكل شخص، دون احتساب الدول التي لديها خيارات بالحصول على كميات أخرى.

أمَّا الولايات المتحدة، فقد عقدت صفقات تضمن لها حتى الآن الحصول على 1.3 مليار جرعة لقاح -بمعدل 5 جرعات لقاح لكل مواطن- كما حصلت كندا على 65 مليون جرعة من شركة "فايزر"، وعقدت اتفاقيات للحصول على 120 مليون جرعة أخرى. إذا أضفنا ذلك إلى الجرعات التي اشترتها كندا بالفعل، فإن هذا يصل بكمية الجرعات المضمونة لها إلى أكثر من 450 جرعة لقاح لبلدٍ عدد سكانه أقل من 40 مليون نسمة.

لقاح فايزر سلالات كورونا لقاحات كورونا فيروس كورونا
لقاحات كورونا/ رويترز

وعلى النحو نفسه، فإن المملكة المتحدة لديها اتفاقات للحصول على أكثر من 500 مليون جرعة (بمعدل 8 جرعات لكل شخص تقريباً)، وأستراليا طلبت 170 مليون جرعة لسكانها البالغ عددهم 25 مليون نسمة.

تشتري الدول التي لديها إمكانية جرعاتٍ زائدة من اللقاحات تحسباً للحاجة إلى مزيد من الجرعات الداعمة للحالات الخاصة. كما قد تحتوي الجرعات المستقبلية على صيغ معدَّلة تستهدف السلالات الجديدة أيضاً، إذا برزت مشكلة فيما يتعلق بذلك.

فيما تفيد بيانات لمنظمة "اليونيسف"  UNICEF، المعنية بتعقُّب جرعات اللقاح الموزعة في جميع أنحاء العالم عبر مبادرة "كوفاكس" وغيرها من المصادر، فإن غالبية البلدان ذات الدخل المرتفع وفَّرت لنفسها ما يزيد على نسبة 350% من الجرعات التي تحتاج إليها (وذلك دون احتساب اللقاحات التي وقعوا اتفاقيات من أجلها، لكنها لم تُنتج بعد) وفي المقابل، فإن الاتفاقات التي توصلت إليها البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل لجرعات اللقاح التي تتسلمها حتى عام 2023 بالكاد تغطي نصف عدد سكانها أو أقل.

عواقب عدم المساواة في الحصول على اللقاحات

الكميات الزائدة من لقاحات كورونا لدى الدول الغنية تعطي سلطةً ونفوذاً لتلك الدول على الدول الفقيرة التي تعتمد على التبرعات من أجل تحصين مواطنيها وتستخدم كثير من تلك الدول اللقاحات كأداة دبلوماسية، تتحكم في منحها وفقاً لمصالحها في تعزيز -أو تشكيل- تحالفات دولية. وقد أبانت الصين بالفعل عن براعة في ذلك، أما الولايات المتحدة فلم تلحق بالركب بعد.

لقاحات كورونا
لقاح كورونا لن يكون متوفرا للدول الفقيرة إلا بعد سنوات/ رويترز

أعلنت الولايات المتحدة أخيراً عن خطة لمشاركة 80 مليون جرعة زائدة مع الدول المحتاجة إلى اللقاح. وبحسب الخطة، ستتبرع الولايات المتحدة بنحو 25% من هذه الكمية تبرعاً مباشراً إلى البلدان المجاورة، و75% سيجري توزيعها عبر مبادرة "كوفاكس". ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لن تسمح لمبادرة "كوفاكس" بتحديد وجهة توزيع جميع تلك الجرعات، وقد خصصت 19 مليون جرعة منها بالفعل لتوزيعها على بلدان معينة.

تحميل المزيد