يعرض تقرير جديد أصدرته الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية ICAN، يوم الإثنين 7 يونيو/حزيران 2021، بالتفصيل الجهات المستفيدة من أموال الأسلحة النووية وأسباب ذلك حول العالم. وكانت الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية قد نالت جائزة نوبل للسلام عام 2017، تقديراً لعملها على "لفت الانتباه إلى العواقب الإنسانية الكارثية لأي استخدام للأسلحة النووية، ولجهودها الرائدة لحظر هذه الأسلحة بموجب معاهدة".
رغم معاناة الاقتصاد العالمي في 2020 فإن الانفاق النووي لم يتضرر
في الوقت الحالي تمتلك 9 دول أسلحة نووية، وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية. وقدّرت الحملة أنها مجتمعة أنفقت 72.6 مليار دولار على الأسلحة النووية عام 2020.
وتحمّلت الولايات المتحدة ما يزيد قليلاً عن نصف هذا الإنفاق، بمعدل 37.4 مليار دولار بحسب التقرير ذاته، وجاءت الصين في المرتبة الثانية عام 2020 بما يقدر بنحو 10.1 مليار دولار، واحتلت روسيا المركز الثالث بمبلغ 8 مليارات دولار.
وجدير بالذكر أنه في عام كان فيه الاقتصاد العالمي في حالة تدهور بسبب جائحة فيروس كورونا، استمر الإنفاق النووي في مسار تصاعدي دون أي عوائق.
الأرقام المعلنة أقل من قيمتها الحقيقية
يقول تقرير لموقع The Intercept الأمريكي إنه رغم ضخامة هذه الأرقام، فهي على الأرجح أقل من قيمتها الحقيقية. تقول سوسي سنايدر، التي شاركت في إعداد التقرير والمدير الإداري لمشروع "Don't Bank on the Bomb" إن "الإنفاق على الأسلحة النووية دائماً ما يكون أكبر… بل يوجد المزيد منه في الخفاء". وتشير سوسي إلى أن "الحكومات، وخاصة الأمريكية والبريطانية والفرنسية تطالب دوماً بـ"الشفافية"… ولكنها لا تلتزم بالمعايير التي تطلبها من الآخرين".
وجزء كبير من الإنفاق النووي الأمريكي عبارة عن عقود مربحة مع الشركات الخاصة. وهذه الشركات الأربع حصلت بالفعل على القدر الأكبر من الأموال عام 2020:
- نورثروب غرومان- 13.7 مليار دولار.
- جنرال ديناميكس- 10.8 مليار دولار.
- شركة لوكهيد مارتن- 2.1 مليار دولار.
- بوينغ- 105 ملايين دولار.
ضغوط لزيادة الإنفاق الحكومي على الأسلحة النووية
وهذه العقود الضخمة تحفز هذه الشركات لممارسة ضغوط لزيادة الإنفاق الحكومي على أسلحتها، وهي تفعل بكل ما أوتيت من قوة. وهذه الجهود بلا شك الاستثمار الأكثر ربحاً لهذه الشركات. فوفقاً لتقرير الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية فكل دولار تنفقه هذه الشركات على جهود الضغط تحصل لقاءه على 239 دولاراً في صفقات الأسلحة النووية.
إذ سجلت شركة نورثروب غرومان إنفاقها 13.3 مليون دولار على جهود الضغط عام 2020. والعام الماضي وقعت رسمياً على الاتفاق الأوّلي لتطوير منظومة صواريخ باليستية جديدة عابرة للقارات، تسمى Ground Based Strategic Deterrent أو "الردع الاستراتيجي القائم على الأرض". وستُبرم بالضرورة اتفاقاً على البرنامج بأكمله، الذي تقدر قيمته بنحو 85 مليار دولار. وفي مناقشة عن هذه المنظومة الصاروخية GBSD، صرَّح مساعد سكرتير القوات الجوية للاستحواذ والتكنولوجيا واللوجستيات أنه لا يرى أن الجائحة تؤثر على الإنفاق النووي.
وجماعات الضغط أكثر بكثير من التي يُطلق عليها هذا الاسم، ففي الفيلم الوثائقي "Why We Fight" الذي عُرض عام 2006، قال الصحفي جوين داير إن الرئيس دوايت أيزنهاور اعتبر أن المجمع الصناعي العسكري يتكون من ثلاثة عناصر: الجيش، وشركات الأسلحة، والكونغرس. لكن الآن، وفقاً لداير، يوجد عنصر رابع: مؤسسات الفكر والرأي التي تُسيّر بشكل عام سياسات مموليها تحت غطاء المنح الدراسية.
ووفقاً للتقرير، أنفقت الشركات المستفيدة من الأسلحة النووية ما يتراوح بين 5 و10 ملايين دولار على مؤسسات الفكر عام 2020. وأنفقت شركة نورثروب وحدها ما لا يقل عن مليوني دولار لتمويل تسعٍ من هذه المؤسسات، منها المجلس الأطلسي، ومعهد بروكينغز، ومركز الأمن الأمريكي الجديد، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وتقول الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية إنها لم تصدر هذا التقرير بهدف "التأثير السلبي أو لإثارة الشعور باليأس"، ولكنه "جزء من استراتيجية معقدة تفضي في النهاية إلى تحريم الأسلحة النووية على مستوى العالم، مثلما هو الحال مع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في الوقت الحالي".
والحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية كانت من القوى الرئيسية وراء معاهدة حظر الأسلحة النووية، التي اعتُمدت عام 2017 في الأمم المتحدة. وهي تجرّم أي أنشطة متعلقة بالأسلحة النووية، ووقعتها 86 دولة وصدّقت عليه 54 دولة. ودخلت حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني الماضي. ولم توقع أي من القوى النووية عليها، لكنها تضع خناقاً حولها وحول شركاتها سيضيق بمرور الوقت، بحسب الحملة.