يستيقظ كثير من الأردنيين الناعسين كل يوم على صوت لحن لبيتهوفن يرج الشارع، إذ تتجول الشاحنات التي تبيع أسطوانات الغاز وهي تعزف نسخة إلكترونية مصغرة من مقطوعة "من أجل إليزا" في الساعات الأولى من الصباح، لتنبيه الزبائن بطريقة عربة الآيس كريم. والمواطنون الراغبون في شراء الغاز يلوحون للشاحنة حين يسمعون هذا الصوت، ويعتبر البعض موسيقى شاحنات الغاز جزءاً من المشهد الموسيقي الثري في الأردن، أما البعض الآخر فيعتبرها تلوثاً سمعياً، كما يقول تقرير لمجلة Economist البريطانية، التي رصدت هذه القصة المثيرة للجدل حتى اللحظة في الشارع الأردني.
كيف وصلت مقطوعة "بيتهوفن" إلى عربات بيع أسطوانات الغاز في الأردن؟
حتى أواخر التسعينيات من القرن الماضي كان سائقو شاحنات الغاز في الأردن ينبهون زبائنهم بإطلاق الصفير أو الدق على الأسطوانات بالمفاتيح، وبعد شكاوى المواطنين من هذا الضجيج اتفقت الحكومة ونقابة المحروقات على استخدام "نوع من الموسيقى الهادئة" بدلاً من الصفير، وفقاً لحسين اللبون، رئيس هيئة تنظيم الطاقة والمعادن.
وفي أبريل/نيسان الماضي، سألت الهيئة الأردنيين عن رأيهم في هذا النظام، ومن بين حوالي 10 آلاف مشارك قال 27% إنهم يفضلون الاتصال بشركة الغاز وترتيب تسليم الأسطوانة، وقال 53% إنهم يرغبون في طلبها من خلال تطبيق هاتف ذكي (رغم عدم توفر هذا التطبيق بعد)، ولم يوافق سوى 20% منهم على النظام الحالي.
يقول جوني عموري، الفنان الذي غيّر النغمة مؤقتاً (لتكتسب طابعاً أردنياً) عام 2009 في إطار مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي، إن موسيقى شاحنات أسطوانات الغاز هي "ثاني أكثر النغمات انتشاراً بعد الأذان" في الأردن. وهذا الصوت يزعج علي حسان البير، بائع كتب، أحياناً، لكنه يعتقد أنه رمز جميل، وأصبح جزءاً من التقاليد. ويقول إنه حين ينبعث صوت الموسيقى "يخرج الأطفال إلى الشوارع ويصرخون "غاز! غاز!"، لقد أصبح جزءاً من روتيننا اليومي".
لكن آخرين يرونها مصدراً للإزعاج
لكن آخرين لا يتفقون معه، يقول محمد حبيب، بائع المكسرات: "هذه الموسيقى ليست رمزاً، وليست عَلَماً، ليست أكثر من آلية عمل". ويرى وليد الشرقاوي، بائع الملابس الرجالية، أنها "مزعجة للغاية". ويقول إنه لا يمكن اعتبار هذه الشاحنات الموسيقية من التقاليد، لأنها لم تبدأ إلا منذ عقدين من الزمن. وهو يعرف أناساً يكرهونها لدرجة أنها تصيبهم بحالة من "التوتر والعدائية" حين يسمعونها.
وفضلاً عن ذلك، تعتبر هذه الشاحنات منبهاً مزعجاً للأطفال والمرضى، الذين لا يريحهم الاستيقاظ في الساعة 6 صباحاً حين تبدأ هذه الشاحنات في العمل، وتبدأ ببثها بصوت عالٍ يرج الشوارع والحارات في الأردن.
يقول اللبون إن الموسيقى ليست الشكوى الوحيدة من النظام الحالي المعمول به في توزيع وشراء أسطوانات الغاز، إذ لا يتمكن الزبائن من إعادة أسطوانة معيبة لأنهم عادة لا يذكرون من باعها لهم، وبعض الناس ليسوا بالسرعة الكافية لإيقاف الشاحنات قبل أن تبتعد. يقول اللبون: "إذا كنت مثلي رجلاً عجوزاً فستحتاج قرناً لتلحق بها". ومن حسن حظه أن بواب منزله الأمين يتولى مسؤولية هذا الأمر.
استفتاء على موسيقى عربات الغاز
وكانت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن الأردنية، قد أعلنت في 26 أبريل/نيسان 2021، عن نشر استفتاء حول بقاء صوت الموسيقى لمركبات توزيع الغاز المنزلي من خلال موقعها الإلكتروني.
وحسب الاستفتاء، يجب اختيار واحد من ثلاث نقاط "قبول الإبقاء على صوت الموسيقى لسيارات توزيع الغاز، أو الطلب عبر الهاتف، أو الطلب بواسطة التطبيق الذكي".
وكشفت بيانات شركة مصفاة البترول التي تملك حصرية تعبئة أسطوانات الغاز المنزلي في المملكة، أن عدد أسطوانات الغاز المسال سعة 12.5 كغم التي تم تعبئتها وبيعها 33.460 مليون أسطوانة خلال العام الماضي، مقارنة مع 33.475 مليون أسطوانة، بانخفاض مقداره 14.789 ألف أسطوانة.
ويشار إلى أن عدد الأسطوانات سعة 12.5 كغم المتداولة في المملكة العام الماضي، بلغ ما مجموعه 6.39 مليون أسطوانة مقابل 6.43 مليون أسطوانة خلال عام 2019.