عُرضت قبل أيام قليلة الحلقة التي ينتظرها الجميع حلقة "لمّ الشمل" من مسلسل "فريندز" الشهير على منصة "HBO MAX"، ومنذ لحظة الإعلان عن إمكانية تصوير حلقة جديدة من المسلسل وتملك عشاق هذه السلسلة الكثير من المشاعر ما بين الفرحة والحماس؛ لأننا سنرى تجمع الستة أصدقاء للمرة الأولى على الشاشة أخيراً بعد 17 عاماً من الحلقة الأخيرة، وما بين الخوف من أن تكون العودة ليست على مستوى النجاح المطلوب.
الجميع كان يتساءل: "هل ستكون العودة جميلة حقاً؟"، وكواحدة من محبي المسلسل نعم كان اللقاء جميلاً ومؤثراً جداً؛ مؤثراً إلى حد البُكاء لم أستطع التحكم في مشاعري طوال مدة المشاهدة، كنت مفعمة بالذكريات، بكيت بقدر ما ضحكت معهم، فأنا أحب التفاصيل، أستمتع بالحكايات التي تسرد لي كواليس الأمور، كيف نشأت الفكرة وتطورت؟ ماذا حدث؟ كيف يتم تصوير المشاهد والأخطاء التي يرتكبها الممثلون فيقع الجميع من الضحك؟ لهذا أحببت فكرة العودة على شكل لقاء كثيراً.
بدأ العرض بعودة جميع الممثلين إلى أماكن التصوير، حيث نرى دخول "ديفيد شويمر" إلى الشقة المعتادة، ثم إلى كافيه "سنترال بارك" الذي طالما جمعهم، وبدأ يتذكر الكثير من الحلقات والمشاهد المفضلة لديه، حيث قال: "أتذكر ليزا وهي تعزف على الغيتار، قبلتي الأولى أنا وجين، الحلقة التجريبية، فتح المظلة.. عجباً!" وبدت ملامح الحماس على وجهه ورغبته في أن يرى الجميع. دخلت "ليزا كودرو" بطريقتها المرحة المعتادة وهي تصرخ قائلة "عجباً"، و"جينفر أنيستون" التي لم تستطع كبح جماح مشاعرها وبدأت في البكاء منذ دخولها إلى الاستوديو، و"مات ليبلانك" الذي قال إن القشعريرة قد بدأت تسري في جسده بسبب الذكريات، وعظمة الموقف "كورتني كوكس" التي وصفت الحدث بالجنون، وبدأت في البُكاء وتذكرت المقلب الذي قام به ليبلانك عندما حذف حوارها الذي اعتادت وضعه بين سلة التفاح أو كتابته على الطاولة كي لا تنساه وكم غضبت من فعلته الشريرة، وأخيراً "ماثيو بيري" الذي أتى متأخراً وقال إنه حظي بلحظات كثيرة مميزة هُنا لا تُنسى.
تم اللقاء أو "لمّ الشمل" أمام النافورة المشهورة؛ حيث صوروا أغنية مقدمة المسلسل كخلفية للحدث، مع مقدم البرامج "جيمس كوردن". بدأ جيمس في سؤالهم عن شعورهم حيال الحدث، وقال الجميع: إنه ممتع، مثير للحماسة والعاطفة، يشبه العودة إلى مكانك المُعتاد، إلى عائلتك.
تحدثوا عن أن المسلسل أنشأ بينهم رابطة وثيقة بسبب التمثيل مع بعضهم لمدة 10 سنوات؛ حيث تم توطيد هذه الرابطة بالتواصل من حينٍ إلى آخر، أصبحوا واثقين من قوة هذه العلاقة إلى حد أنه إذا اتصل أحد منهم بالآخر أو أرسل إليه برسالة فهو يعلم تماماً أنه سوف يجيب، سيكون هُنا مهما كانت الظروف.
تطرقوا للحديث عن إحصائيات المسلسل، حيث تم تصوير 10 مواسم بمجموع 236 حلقة، بمعدل 25 مليون مشاهدة في الأسبوع، 52 مليون شخص شاهدوا الحلقة الأخيرة، وتُرجم إلى الكثير من اللغات، منها الإسبانية والفرنسية، وتمت مشاهدة المسلسل 100 مليار مرة على جميع المنصات.
كان بين الحضور المؤلفون والمنتجون المنفذون للمسلسل "مارثا كوفمان" و"ديفيد كراين" و"كيفن برايت" وقام كل الأبطال مسرعين عندما رأوهم وتبادلوا السلام والأحضان في مشهد حميمي ومؤثر جداً.
عندما يكون أصدقاؤك هم عائلتك أيضاً
تحدث ديفيد عن الوقت الذي أمضاه هو ومارثا في السكن في نيويورك، وحلقتهما الضيقة من الأصدقاء في العشرينات من عمرهم، وهما يحاولان كسب رزقهما وإيجاد الحُب في ذات الوقت. جاءت إليهما الفكرة أن يكون هذا مسلسلاً، حيث تم اختيار أسماء الأبطال من أسماء أصدقائهما، وأقربائهما، واستوحى كل منهما الأحداث من حياته، فالمسلسل ليس عبارة عن بطل ولديه أصدقاء، بل الأصدقاء هم الأبطال.
استمرت مشاهد الحنين إلى الماضي، حيث ذهب الأبطال إلى مسرح الصوت الأصلي "مسرح 24" وزاروا شقة المعيشة التي اعتاد الجميع اللقاء فيها، وذهب كل من "مات" و"ماثيو" إلى شقتهما الخاصة، وأول ما قاما بفعله هو الجلوس على الكُرسي المُتحرك، والتحدث عن الحلقة التي لم ينهضا فيها من مكانهما في لقطة أعادت الكثير من الذكريات إلى المشاهدين، حيث إنه ورغم مرور السنين، هناك أشياء لا تتغير أبداً.
تجولوا في غرف تبديل الملابس، وتحدثوا عن أنهم اعتادوا تناول كل الوجبات معاً في أول موسمين، حتى في العطل الأسبوعية، وشاهدوا أيضاً الحلقات معاً بعد تصويرها، لم ينفصلوا أبداً لا أمام الكاميرا، ولا وراءها، والتفوا جميعاً أمام المائدة وأعادوا إحياء بعض المشاهد باستخدام النص، واستمروا في إلقاء النكات وتبادل أطراف الحديث عن الهدايا والإكسسوارات التي أخذوها من مواقع التصوير كذكري لبيوتهم.
سألهم "جيمس" عن حلقاتهم المفضلة من المسلسل؛ حيث قالت "كورتني" إنها تحب حلقات عيد الشكر، لكن المفضلة عندها هي الحلقة التي خسروا فيها جميعاً الشقة، وحلقة الاختبار، والأجنة.
لعبة الصراحة وأسرار تعلن لأول مرة
اجتمعوا ليلعبوا؛ حيث كانت اللعبة عبارة عن أسئلة ليكتشفوا بها مدى معرفتهم ببعضهم البعض، تنوعت قائمة الأسئلة ما بين "المخاوف وأسباب الانزعاج، التاريخ القديم، الأدب، وهذا كله نسبي" ألقوا العملة وكان الحظ من نصيب الشباب، وكانت المفاجأة ظهور شخصيات مثل: "لاري هانكين" بشخصية "مستر هيكلز" المشهورة، الرباعي الغنائي المعروف بمشهد نقل رسالة روس إلى رايتشل، و"توم سيليك" أو ريتشارد كما نتذكره الذي كانت تحبه مونيكا في البداية، و"جيمس مايكل" الذي أدى دور "غونتر" العامل في مقهى سنترال بارك، و"ريز ويذرسبون" أخت رايتشل غرين، و"ماجي ويلر" التي اشتهرت بدور جانيس وصوت ضحكتها المميزة.
تحدث كل من مارثا وكراين عن الصعوبات التي واجهتهما لبناء شخصيات المسلسل، حيث إن الأمر كان أصعب مما توقعا، لأنهما رأيا عدداً لا يحصى من الناس، وكان هناك العديد من السيناريوهات، لم تكن ستؤدي إلى اختيار هؤلاء الستة في النهاية.
رأيا "ديفيد شويمر" لدور آخر في حلقة تجريبية تم تصويرها قبل سنة، فتعابير وجهه المذنبة خطفتهما، وتمت كتابة مشاهد هذه الشخصية وهما يتخيلان أن ديفيد سيؤديها لكنه رفض في بداية الأمر بسبب تجربته السيئة مع المسلسلات التي اتجه على أثرها إلى المسرح فقط، لكنهما أكدا له ووعداه أن هذا الدور مختلف تماماً، وسيعيش في أذهان الناس إلى الأبد، وقد كان.
أما عن "ليزا كودرو" فقبل أن يدلهم القدر عليها رأوا العديد من النساء الأخريات، لكن لم يكُنّ بنفس درجة تأثيرها، وكانت هي تقوم بدور نادلة في مسلسل "ماد أبوت يو" وقامت بتجربة أداء عظيمة جداً، قدمت أكثر مما طلبوا منها، وإنها بشخصيتها المتوترة، والتلقائية، رفعت من مستوى النص.
بعد مرور شهرين ونصف على عدم اختيار الكُتاب أي ممثل آخر، وجدوا "مات ليبلانك" الذي كان يحمل في جيبه 11 دولاراً فقط عندما قام بتجربة الأداء، وحصوله على الدور لم يكن محسوماً بسبب قصر تاريخه الفني في البداية، لكن ما دفعهم لاختياره أنهم رأوا قبله الكثير من الشباب المحبين للنساء، لكنهم لم يكونوا مضحكين مثله، فقد أخذ مات بأسلوبه المُتفرد النص إلى منطقة أخرى، فالحوار يُصبح مضحكاً عندما يقوله هو فقط.
كان إيجاد ممثلة لشخصية مونيكا أمراً صعباً، عندما رأوا كورتني تخيلوها في دور "رايتشل" لكن شخصية مونيكا كانت الأقرب لكورتني، لأنها تُشبهها تماماً.. تحمل الكثير من الفرح، وغنية بالتفاصيل أكثر مما كان يحمله الدور.
"ماثيو بيري" الذي وصفته مارثا أنه عندما يلقي الحوار والنكات تنطلق منه الشرارات، فهو جعل من شخصية "تشاندلر" كائناً حياً، لأنه أضفى طابعه الشخصي على النص فتحول الأمر إلى حوار كوميدي بسهولة.
في آخر مرحلة البحث عن الأبطال كانت جينيفر أنيستون، وكانوا يبحثون عن شخصية أنانية، تحب نفسها، أفسدها الدلال، رأوا نساء يرتدين أثواب عرس لكن لم يغرموا بأي منهن، وكانت مشكلة جينفر تشبه مشكلة ماثيو في أنها مرتبطة بعقد عمل آخر بعنوان "مادلينغ ثرو"، لكنهم اختاروها وكان هذا الاختيار بمثابة مخاطرة بالدور؛ لأنها إذا فشلت، سيفرح بهذا الفشل منفذو المسلسل الآخر الذي تخلت عنه.
تحدث شويمر أيضاً عن أنه لا أحد في العالم شعر بمثل ما كانوا يشعرون به، لا أقاربهم ولا أصدقاؤهم ولا حتى أقرب أصدقائهم، لا أحد سوى هؤلاء الستة، فحسب تعبير أنيستون: "ما من كتفٍ خارج هذه المجموعة لنذهب إليه ونشكو"، ولهذا انطبع عنهم أنهم عائلة فعلاً.
مشاركات عالمية
حرص العديد من الضيوف والشخصيات العالمية على المشاركة في اللقاء، مثل ديفيد بيكهام الذي تحدث عن مدى حبه لهذه السلسلة وارتباطه بها، وإنها كانت تخفف عنه وطأة الغربة وابتعاده عن أولاده وزوجته لكثرة سفره للخارج، وإنه مهووس بالنظافة تماماً مثل شخصية مونيكا، وأيضاً ظهور ليدي غاغا الذي خطف الأنظار عندما غنت أغنية القطة الشهيرة مع بطلة العمل ليزا في دويتو رائع، وجاستين بيبر الذي ظهر على المسرح وهو يرتدي ملابس روس، وكيت هارينغتون بطل مسلسل game of thrones الشهير.
شهدت الحلقة ظهور أشخاص عادية من مختلف بلدان العالم، وتحدثوا عن كيف كان لهذه السلسلة أثر كبير في قلوبهم، وأنها ساعدتهم في تعلم اللغة الإنجليزية والتحدث بها بطلاقة، وعلمتهم أشياء كثيرة عن الحُب والصداقة والعائلة، أنقذت كوميديا الأبطال ومواقفهم الطريفة بعضهم من الانتحار، والاكتئاب، والوحدة، حيث إنهم كانوا أصدقاء لمن لا ونيس لهم.
حُب لم يكتمل
كشفت الحلقة عن أسرار ومفاجآت لأول مرة؛ حيث أعلن شويمر وأنيستون أن قصة الحُب التي جمعتهما في المسلسل لم تكن أمام الكاميرا فقط، بل كانت مشاعر حقيقية، لكنها لم تكتمل، وقررا أن يستغلا مشاعر الحُب والإعجاب المتبادل بينهما في أداء الشخصيات، لأنه كان حباً حُكم عليه بالفشل، فكل منهما كان مرتبطاً بشخص آخر وأول قُبلة لهما كانت على الشاشة خلال الموسم الثاني، ورغم كُل محاولات الطرفين كي لا تظهر العلاقة إلى العلن كان باقي الأبطال على دراية بالأمر منذ اللحظة الأولى.
إصابة مات ليبلانك ومحاولة إخفاء الأمر
تعرض ليبلانك الذي يؤدي دور چوي إلى إصابة بالغة في الكتف، مما أدى إلى خلعه أثناء تصوير إحدى الحلقات بعنوان "زجاجة"؛ عندما كان يركض ليستحوذ على الكُرسي قبل أن يجلس عليه "ماثيو بيري" الذي يؤدي شخصية "تشاندلر"، وبسبب ذلك تغير شكل الحلقة؛ حيث تعد من أطول حلقات المسلسل وقد تم تصويرها في مكانٍ واحدٍ، وكانت الحلقة الوحيدة التي شهدت تجمع الأبطال الستة، واضطروا لكتابة الإصابة في مشهد خاص وأشاروا إليها أنها كانت بسبب قفزته من على الفراش.
أخيراً رغم كل الانتقادات التي وُجهت إلى الحلقة فإنها لم تكن محبطة أبداً. كبرنا؟ نعم كبرنا.. لكن هذا اللقاء كان بمثابة تجديد للعهد، نافذة أو كبسولة زمنية نظرنا منها إلى الأبطال الذين طالما كانوا معنا، من شاركونا في نجاحنا وفشلنا وذكرياتنا، رأينا أن بعضاً منهم راضٍ عن حياته الآن، ومنهم من يصارع من أجل البقاء. منحتنا شعوراً بالراحة والأمان أن هذه الرابطة قوية، لن تنتهي أبداً.. كبرنا نعم، لكن في أحضان "فريندز" بالونس الذي يحاوطنا بسببهم إلى الآن، وللأبد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.