مر أكثر من عام على الجائحة- كوفيد 19- التي ضربت أصقاع المعمورة ولم تترك بيتاً إلا ودخلته؛ مما جعل الكثيرين يفكرون في إحياء ذكرى هذه الفاجعة.
بدأت جهود تخليد ذكرى جائحة فيروس كورونا المستجد، التي أودت حتى الآن بحياة 3.5 مليون شخص على مستوى العالم، بحسب تقرير لموقع Axios الأمريكي.
وعلى الرغم من أنَّ جائحة كوفيد-19 هي جائحة عالمية، كان تأثيرها مختلفاً في كل شخص بناءً على محل إقامته والعرق والعمر والعمل، الأمر الذي خلق تحدياً لأولئك المُكلّفين بمهمة تخليد ذكرى تلك الجائحة.
التفاصيل: كشف مسؤولون بإدارة الصرف الصحي في نيويورك الأسبوع الماضي عمَّا قالوا إنَّه أول نصب تذكاري دائم في المدينة لضحايا فيروس كورونا، وهو تمثال مُخصّص لعُمّال الصرف الصحي التسعة الذين فقدوا حياتهم بسبب الفيروس العام الماضي.
تدرس مدينة نيويورك– البؤرة الأولى للوباء في الولايات المتحدة- خطة بناء نصب تذكاري دائم لضحايا الجائحة في جزيرة هارت الأمريكية، حيث أنشئت المقبرة الجماعية العامة لمدينة نيويورك.
وفي لندن، زرع العُمّال حديقة تذكارية لضحايا فيروس كورونا في حديقة الملكة إليزابيث الأولمبية.
وقد أحيا فنان مسجون في الولايات المتحدة ذكرى أكثر من 200 شخص ماتوا في السجن بسبب كوفيد-19 بلوحات مرسومة باليد.
تعمل أوروغواي أيضاً على بناء أول نصب تذكاري يُخلّد ذكرى ضحايا فيروس كورونا على مستوى العالم، وذلك في مشروع بلغ حجم تمويله 1.5 مليون دولار على شواطئ مدينة مونتيفيديو.
من جانبه، يوثّق المتحف القومي للتاريخ الأمريكي تجارب الأشخاص منذ بداية الجائحة، بدايةً من لافتات "مغلق" المكتوبة بخط اليد المُعلّقة على أبواب المطاعم إلى بطاقة هوية أول أمريكي تلقى لقاح فيروس كورونا.
تقول أنثيا هارتيغ، مديرة المتحف القومي للتاريخ الأمريكي في واشنطن: "نبحث عن الرحابة والتعاطف وفهم طرق تعايش الناس مع هذا الوباء. لكننا نهتم أيضاً بتوثيق اللحظات التي تلاقت فيها المجتمعات معاً- إما في حالة تحالف أو صراع- وهي أوقات بالغة الأهمية بالنسبة للمؤرخين".
خلفية الفكرة: على الرغم من ملايين الأرواح التي حصدتها الأمراض من جميع الأنواع على مر تاريخ البشرية، ثمة عدد قليل من النصب التذكارية لضحايا الأوبئة والجوائح، في حين تنتشر النصب التذكارية لضحايا الحروب في كل مكان.
تقول هارتيغ إنَّ هذا يرجع جزئياً إلى مخاوف متعلقة بالتلوث أثناء فترة الجائحة، بالإضافة إلى أنَّ الموت في ميدان المعركة كان يُنظر إليه باعتباره عملاً بطولياً يعبر عن شجاعة تتجاوز كثيراً الموت جراء الاستسلام لمرض ما.
كانت جائحة إنفلونزا عام 1918 قد أودت بحياة أكثر من 600 ألف أمريكي وربما وصل عدد الوفيات على مستوى العالم إلى حوالي 50 مليون شخص.
محاولة فهم ما بين السطور: عانى العالم بشكل غير متناسب من تداعيات فيروس كورونا. فبينما كان الوباء أشد فتكاً ببعض المجتمعات، نجت أخرى من الوصول إلى حصيلة مرعبة من الوفيات.
لذا، فإنَّ محاولة توحيد تلك المجموعة من التجارب والعواطف في نصب تذكاري واحد قد تتجاوز مهارة أي مهندس معماري، لا سيما في وقت يكافح فيه المجتمع الأمريكي الممزق للوصول إلى فهم جمعي لماضيه.
الخطوة التالية: ستشرع مبادرة التاريخ الاجتماعي غير الربحية "Augr" بالمملكة المتحدة في حملة بدايةً من الشهر المقبل لجمع مليون قصة حياة بريطانية خلال فترة الجائحة باستخدام جهاز يعمل بالذكاء الاصطناعي يساعد في إجراء مقابلات سرد هذه القصص الحياتية.
يقول جاستن هوبكنز، مدير المبادرة: "هذه طريقة مثالية للأشخاص لتخليد ذكرى أنفسهم وذكرى أولئك الذين فقدوا حياتهم خلال الجائحة".
ما يجب الانتباه إليه: تقول سوزان كرين، المؤرخة بجامعة "أريزونا" الأمريكية: "الذكريات تتغير بمرور الوقت. قد تكون هناك قصص أخرى نريد أن نرويها تنطوي على خسائر تكبّدناها، لكنها تنطوي أيضاً على أحداث أخرى لم تحدث بعد".