كيف نواجه شعورنا بالعجز إزاء ما يحدث في فلسطين؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/20 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/20 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش
ما هي حركة مقاطعة إسرائيل "BDS"؟ - مصدر الصورة: رويترز

لماذا نتألم؟ لا أريد أن أتألم، ألا يكفيني تلك الآلام اليومية التي أتعرض لها فى مجال عملي وعائلتي وأوطاننا؟ لا أريد أن أشعر بالألم، لا أريد أن أشاهد تلك المشاهد التي تؤلم قلبي، أطفال أبرياء يخافون صوت الرصاص، يصمون آذانهم، وآخرون يفقدون آباءهم وأمهاتهم، صور لأمهات ثكلى ورجال يحملون أبناءهم فوق أعناقهم.

ذلك الفيديو لامرأة فلسطينية تنعى أولادها الثلاثة، الثلاثة، لم أستطع أن أكمل مشاهدته، الطفل الذي يجري وراء جنازة أبيه مودعاً إياه مقسماً له أنه لن يتنازل عن الوطن، تلك المشاهد تفطر قلبي حزناً وألماً، لا أريد أن أتألم.

"لماذا لا نترك لهم الأرض ويتركون هم أهلها ويبحث الفلسطينيون عن وطن آخر، ينقذون أنفسهم من الموت؟". تلك كانت كلمات صديقة لي أحسبها على خير، كلمات أوجعتني وكدت أن أصيح بها غاضباً: أنبيع الوطن؟ أنبيع الأرض؟ وهل يجوز ذلك؟ وهل يوافق الفلسطينيون؟ وهل توافقين أن تتركي أرضك؟ وهل تستطيعين أن تقتلعي جذورك وتموتي؟

لكني تماسكتُ قليلاً وتأملت كلامها، هل هذا الكلام ينبع من منطقة الرفض لمشاعر الحزن والألم القوية التى تمر بها؟ أم هو منطق أناني لا يهتم إلا بشأنه الخاص؟ هل هي تشفق عليهم وما هذا الحديث إلا مشاعر حب وحزن وصلت إلى أعلى مدى فتحولت إلى ألم مبرح يكاد يعصف بها فرفضته؟

هل تتألمين لأجلهم أم انتابك الضجر من قضيتهم؟ إذا كنتِ تتألمين من أجلهم فأنا أتفهم جداً هذا المنطق وأشعر أيضاً بنفس الألم والحزن، ولكن المشاعر نعمة من الله، هي تلك البوصلة التي تحدد لنا اتجاهاتنا، المشاعر هي التي تحدد لنا الاحتياج الأساسي، حين نسمع مشاعرنا فنحن نحدد احتياجاتنا.

حين نشعر بالعجز الشديد أمام الأمر فإننا لا نهرب ونجري، لأن الشعور سيظل يحاصرنا ويؤلمنا مهما ابتعدنا. علينا أن نتوقف لثوانٍ معدودة مع أنفسنا ونستمع إلى الشعور ورسالته، دوماً يأتى الشعور برسالة، هل تشعرين بألم لأنكِ تودين مساعدتهم؟ الأمر بسيط، ابحثي عن مخرج لمد يد العون صديقتي، ولكن نكران المشاعر والهروب سيزيد قوة المشاعر.

الدعاء ثم الدعاء

الدعم المادي أو المعنوي

نحن حين نصاب بمرض في عضوٍ ما في أجسادنا هل نقطع هذا العضو؟ هل نستأصل الجزء الذي يؤلمنا أم نبحث عن علاج للمرض؟ هذا هو الوضع، يوجد مرض خبيث في جسد الوطن العربي، وليهب كل عضو منا بأن يقوم بوظيفته على أكمل وجه ليساند ويدعم الجزء المصاب سيدتي.

أما إذا كان من منطلق أناني فإنه لا داعي لأن نتحمل ما لا يعنينا وأن الأرض أرضهم، هل تعتقدين يوماً ما أن المحتل يكتفي بقطعة أرض؟ هل اكتفى الاحتلال الإنجليزي أو الفرنسي بدولة واحدة؟ هل سمعتِ أن هناك مغتصباً سرق بيتاً واحداً؟

يبدو من بعيد أن معركة الفلسطينين معركتهم هم فقط ولكن الأوقع أنهم يدافعون عن أوطاننا جميعاً، أما بالجزء الآخر من كلامك عن ترك الوطن ولنبحث عن وطن آخر، هل تساءلتِ يوماً ما مثلي لماذا يسافر الأشخاص من بلد إلى آخر تشجيعاً فقط لفريق كرة القدم المفضل لديهم؟ لماذا يشجع أفراد فريقاً خاسراً لمدة 10 سنوات أو أكثر؟ لماذا يتبرع أفراد دعماً لناديهم؟ تقوم المشاحنات والتي تصل إلى القتل بسبب نتائج مباريات.

يجيب ماسلو عالم النفس الشهير المفضل لدي أنها الحاجة إلى الانتماء، نحن دوماً في الحاجة إلى الانتماء، أن نزرع جذورنا في أرض ثابتة، نحن نتمسك بهويتنا، نتمسك بالزي الرسمي لبلادنا، العلم والشعار ما هما إلا رموز لهويتنا وانتمائنا، رموز تمثلنا نحن، تسدد احتياجاً من أهم الاحتياجات الفطرية، أن نتمسك بهويتنا وأرضنا، إنه احتياج فطري لن ينتهي أبداً، إنه الوطن، إن الألم الذي تشعر به الأم لفقدان أبنائها لا يعادل ذلك الألم الذي ستشعر به هي وأولادها بدون أرض، بدون وطن، بدون هوية، بدون جذور، بدون انتماء.

إنه الأمل يوماً ما أن تكون تلك الدماء هي التي تروي جذورهم وتعمقها فى أرضهم.. فتحية لهم وكل دعائي أن يربط الله على قلوبهم كما ربط على قلب أم موسى، ولن ينتهي الألم إلا برجوع الأرض فقط، ودمتم صامدين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رانيا ضياء
كاتبة مصرية مهتمة بالعلاقات الأسرية
حاصلة على دبلوم العلاج المعرفي السلوكي من المؤسسة المصرية للعلاجات المعرفية، أعمل في مركز أبسال لتنمية المهارات الحياتية والتربوية بالإسكندرية
تحميل المزيد