هل تعتبر معركة سيف القدس نقطة تحول في مسار المقاومة الفلسطينية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/19 الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/19 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
رويترز

تشكلت المقاومة في فلسطين كردّ علـى ممارسات جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، الذي احتل أراضيها، ولم تكن هذه المقاومة وليدة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة إثر عدوان عام 1967، بل تعود جذورها التاريخية إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، منذ تآمرت قوى الاستعمار العالمي على أرض فلسطين وشعبه. 

وتميزت المقاومة داخل فلسطين المحتلة بحالة من المد والجزر وفقاً لظروف واعتبارات عديدة، تفاوتت بين مرحلة وأخرى، وشهدت هبات جماهيرية وانتفاضات شعبية واسعة متفاوتة الحجم والقوة. 

وتعتبر كتائب الشهيد عز الدين القسام أحد أبرز فصائل المقاومة في فلسطين، وينسب اسمها إلى عز الدين القسام، وهو عالم ومجاهد سوري استُشهد على أيدي القوات الإنجليزية. 

وتطورت قدرات المقاومة الفلسطينية، المتمثلة في كتائب القسام، بشكل لافت مقارنة بالسنوات الماضية على الرغم من التضييق والحصار الكبير الذي تعاني منه في قطاع غزة، حيث برز هذا التطور في ظل المواجهة العسكرية المحتدمة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في معركة سيف القدس، ولم تستخدم المقاومة الفلسطينية في هذه الجولة سوى سلاح "الصواريخ". 

ويرى المختص في الشأن الفلسطيني محمد شكري أن كتائب القسام استطاعت تطوير قدراتها، حيث تمكنت من فهم طريقة التعامل مع الجيش الإسرائيلي عن طريق التخطيط للضربات، لكي تكبد الاحتلال خسائر مادية ليست بالقليلة، وتمكنت في محطات عدة من توجيه ضربات قاسية ومدروسة، واعتبر محمد شكري أن المقاومة استطاعت أن توجه رسائل من خلال هذه الضربات أقوى بكثير من تحقيق نتائج من حيث حجم الخسائر المادية فقط.

وأكد على هذا الصحفي سفي هندلر، حيث قال: "حماس ألحقت بنا الهزيمة الأكبر في تاريخ المواجهة معها، لم تنجم الهزيمة عن عدد صواريخ حماس، بل بنجاحها في لسع الوعي الإسرائيلي، لقد جعلت حماس إسرائيل في نظر قاطنيها مكاناً غير آمن، عنيفاً، متفككاً، وهذه ضربة قوية للأمة الإسرائيلية"، ونلحظ تطور استراتيجية المقاومة من عدة نواحٍ:

1- عملت المقاومة على توجيه ضربات لجيش الاحتلال  في أماكن وأوقات لا يتوقعها، وكانت ضربات صاروخية متواصلة.

حيث قال الباحث الإسرائيلي أوري غولدبرغ: "عندما يزداد عدد الصواريخ التي تطلقها حماس في كل جولة قتال عن الجولة التي سبقتها، فهذا يدل على أننا فشلنا في ردعها، مع أننا في كل مرة نقتل ونجرح أكثر… نحن نقتل الآلاف، لكن هذا لا ينجح". 

2- تطورت الصواريخ التي تستخدم في صفوف المقاومة، حيث كان الصاروخ الذي حمل اسم "قسام 1"  أول صاروخ استخدمته المقاومة  تراوح مداه بين 2 و3 كيلومترات فقط، إلى أن دخل "صاروخ عياش 250" الخدمة، بعد تصريح أبوعبيدة، المتحدث العسكري لكتائب القسام، إذ يتجاوز مداه 250 كلم وبقوة تدميرية هي الأكبر، على حد وصف موقع القسام الرسمي.

 لهذا يظهر التطور الواضح الذي حققته صواريخ المقاومة الفلسطينية من حيث المدى، والكثافة، وحتى القدرة على اختراق الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، مثل "القبة الحديدية"، حيث يرى الباحث السياسي عبدالحميد صبرة أن قدرات المقاومة وتكتيكاتها اختلفت هذه المرة، فإطلاق المقاومة نحو أربع مئة صاروخ في غضون 12 ساعة هو رقم غير مسبوق في تاريخ الصراع، إضافة إلى تجاوز الصواريخ القبة الحديدية وإصابتها أهدافها بشكل مباشر في معظم الرشقات. 

3- استطاعت المقاومة أن تقصف بصواريخها مناطق في قلب الأراضي المحتلة لم يكن بالإمكان الوصول لها من قبل، حيث أعلنت كتائب القسام أنها قصفت لأول مرة مناطق جنوبي إسرائيل بصواريخ يصل مداها إلى 250 كيلومتراً، واستهدفت حشوداً عسكرية إسرائيلية على حدود غزة بطائرات مسيرة مفخخة. 

4- لقد ساهمت الانتفاضات التي قامت في مناطق متفرقة لم يُشهد فيها تحرك منذ 1966 مثل اللد في تحفيز كتائب القسام على الهجوم والدفاع عن القدس وغزة تلبية لنداءات واستغاثات الفلسطينيين، حيث خرجت مظاهرات حاشدة دعماَ لمدينة القدس في العديد من المدن الفلسطينية داخل ما يعرف بالخط الأخضر، مثل الناصرة، وشفا عمرو، ويافا، وأم الفحم، وعين ماهل، وطمرة، وباقة الغربية، ومجد الكروم، وعرابة… بينما شهدت مدينة اللد التي تبعد قرابة 38 كم عن القدس أحداثاً دامية ومواجهات عنيفة مع القوات الإسرائيلية حولت شوارع المدينة إلى ساحة معركة حامية. 

ومع تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لا تزال المقاومة متمسكة بحق الدفاع عن المواطنين وممتلكاتهم، وتستمر وتيرة  الضربات الصاروخية في الارتفاع كماً وكيفاً رداً على الاعتداء الصهيوني، ودفاعاً عن القدس وكل الفلسطينيين؛ حيث وصلت الخسائر المادية في صفوف إسرائيل المحتلة جراء صواريخ المقاومة الفلسطينية إلى أكثر من  160 مليون دولار، بالإضافة إلى إغلاق منصة تمار الإسرائيلية للغاز الطبيعي والواقعة في شرق البحر المتوسط، وتعطيل الدراسة، وتعليق الملاحة الجوية. 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

شروق مستور
كاتبة وباحثة جزائرية
طالبة جزائرية بكلية العلوم السياسية ومتخصصة في العلاقات الدولية
تحميل المزيد