أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين 17 مايو/أيار 2021، انتقاده ورفضه لموافقة الولايات المتحدة الأمريكية على صفقة أسلحة مع إسرائيل بقيمة 735 مليون دولار أمريكي، وذلك تزامناً مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيراً إلى أن "إعلان الولايات المتحدة، والدول التي لحقتها، القدس عاصمة لإسرائيل أواخر 2017 زاد من شهية هذه الدولة القاتلة إلى سفك الدماء".
جاء ذلك الإثنين، خلال كلمة عقب ترؤسه اجتماع الحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة، حيث تطرق إلى الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، والمواقف الدولية بهذا الخصوص.
فيما أكد أردوغان أن بلاده ستقدم "كافة أشكال الدعم السياسي والعسكري بخصوص الخطوات الدولية التي ستتخذ من أجل تحرير القدس وحماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات"، داعياً الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة التعاون الإسلامي وجميع المنظمات الدولية الأخرى إلى التحرك بفاعلية من أجل الفلسطينيين المظلومين والقدس.
كما شدّد على أن "إسرائيل دولة إرهاب تتطاول على حرمة القدس وتقصف المدنيين بلا رحمة في غزة وتدمر مبنى ضخماً يضم مكاتب وسائل إعلام"، وذلك في إشارة إلى برج الجلاء بقطاع غزة الذي دمرته تل أبيب بالكامل قبل يومين.
فضلاً عن ذلك، أدان أردوغان الدولة النمساوية التي رفعت العلم الإسرائيلي فوق مبنى رئاسة وزرائها ومبانيها الرسمية، قائلاً: "ربما تحاول الدولة النمساوية تحميل المسلمين قيمة فواتير اليهود الذين ارتكبت بحقهم إبادات جماعية".
في حين أشار إلى أن "إدارة القدس من قِبل لجنة مؤلفة من ممثلين عن الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية) ستكون أفضل معالجة في الظروف الحالية".
صفقة بقيمة 735 مليون دولار
كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وافقت على بيع محتمل لأسلحة دقيقة التوجيه بقيمة 735 مليون دولار إلى إسرائيل، وقالت مصادر في الكونغرس، الإثنين، إنه من غير المتوقع أن يعترض المشرِّعون الأمريكيون على ذلك رغم العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.
حيث قال ثلاثة من موظفي الكونغرس إنه تم إخطار الكونغرس رسمياً بعملية البيع المزمعة في 5 مايو/أيار 2021، في إطار عملية المراجعة المعتادة التي تُجرى قبل المضي قدماً في إبرام اتفاقيات كبيرة لمبيعات أسلحة لدول أجنبية.
كانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية هي أول جهة تنشر نبأ تلك الصفقة.
ونوهت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية الخاصة، الأحد 16 مايو/أيار 2021، إلى أن الجزء الأكبر من هذه الصفقة سيتضمن "صواريخ دقيقة".
في حين جرى خلال شهر أبريل/نيسان الماضي إبلاغ الكونغرس بالبيع المقرر في إطار عملية مراجعة قبل الإخطار الرسمي في 5 مايو/أيار 2021. ويقضي القانون الأمريكي بمنح الكونغرس 15 يوماً للاعتراض على الصفقة بعد الإخطار الرسمي. ومن غير المتوقع حدوث اعتراض على الرغم من العدوان المتواصل على غزة وغيرها.
يشار إلى أن القانون الأمريكي يتيح للكونغرس أن يعترض على مبيعات السلاح، لكن من غير المرجح أن يحدث ذلك في هذه الحالة. لأن إسرائيل من بين بضع دول تتم الموافقة على صفقاتها العسكرية بموجب عملية مستعجلة، وبالتالي فإن نافذة الاعتراض ستُغلق قبل أن يتمكن المشرعون من تمرير قرار الرفض حتى إن رغبوا في ذلك.
كان بيع "ذخائر الهجوم المباشر المشترك"، التي تصنعها شركة بوينغ، أمراً روتينياً في ذلك الوقت قبل اشتعال تلك الحرب الدائرة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
أكبر داعم عسكري لإسرائيل
في هذا الإطار، تعتبر الولايات المتحدة أكبر داعم عسكري لإسرائيل، حيث أعلنت واشنطن عام 2018، تقديمها مساعدات عسكرية لتل أبيب بقيمة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات.
يأتي ذلك في وقت تلاحِق إسرائيل اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وسط انتقادات متكررة لواشنطن على هذا الدعم العسكري.
يذكر أن الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية، (مقرها لاهاي)، أصدرت قراراً يقضي بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية)، وهو ما يمهِّد لفتح تحقيق في جرائم الحرب الناتجة عن الأعمال العسكرية الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، أحجمت الولايات المتحدة الأمريكية عن مطالبة حليفتها إسرائيل بوقف عدوانها العسكري على غزة، ودعت في الوقت ذاته حركة "حماس" وبقية الفصائل الفلسطينية إلى الوقف الفوري للهجمات الصاروخية.
كان مجلس الأمن الدولي، المكون من 15 دولة عضواً، قد اجتمع 3 مرات بشأن الاعتداءات الإسرائيلية "الغاشمة" في الأراضي الفلسطينية المختلفة، لكنه لم يتمكن حتى الآن من إصدار بيان عام.
حيث قال المجلس سابقاً إنه يتم الاتفاق على مثل هذه البيانات بتوافق الآراء، في حين تزعم الولايات المتحدة أن إصدار مثل هذا البيان الختامي لن يكون مفيداً، حسب زعمها.
عدوان إسرائيلي متواصل
إلى ذلك، يتواصل التصعيد الأمني والميداني الإسرائيلي منذ يوم الإثنين 10 مايو/أيار الجاري، حيث يشن جيش الاحتلال غارات مكثفة على مختلف مناطق قطاع غزة، مستهدفاً منشآت عامة ومنازل مدنية ومؤسسات حكومية، كما يواصل اعتداءاته على المتظاهرين في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
في هذا الإطار، شنّت المقاتلات الإسرائيلية، الإثنين 17 مايو/أيار 2021، سلسلة غارات مكثفة وعنيفة جداً، على العديد من المناطق المتفرقة بغزة.
إلى ذلك، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 200 شهيد، بينهم 59 طفلاً و35 سيدة، و1305 مصابين بجراح متفاوتة، من جرّاء غارات إسرائيلية "وحشية" متواصلة على غزة، بحسب وزارة الصحة.
فيما استشهد 21 فلسطينياً في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة، إضافة إلى المئات من الجرحى.
في المقابل، ترد فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ بكثافة على مستوطنات ومدن عديدة داخل إسرائيل؛ الأمر الذي أسفر عن سقوط إصابات عديدة، بخلاف تدمير وتخريب منشآت إسرائيلية.
فقد أسفر قصف المقاومة عن تكبيد إسرائيل خسائر بشرية واقتصادية "كبيرة"، وأدى لمقتل- حتى الآن – 10 إسرائيليين – بينهم ضابط- في حين أُصيب أكثر من 700 آخرين بجروح، إضافة لتضرر أكثر من 100 مبنى، وتدمير عشرات المركبات، ووقوع أضرار مادية كبيرة، فضلاً عن توقف مطار "بن غوريون" الدولي.
كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة قد تفجّرت إثر اعتداءات "وحشية" ترتكبها الشرطة ومستوطنون إسرائيليون، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، في القدس، خاصةً منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح؛ حيث تريد إسرائيل إخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.