كان حسين أبو قليق، الذي يعيش في إحدى القرى القريبة من الحدود في قطاع غزة ، بمنزله المكون من ثلاثة طوابق حين تعرض للقصف، وكان جالساً لحظتها مع عائلته، عندما فرقت قذيفة إسرائيلية شمل هذه الأسرة، في مشهد من مشاهد القتل والإبادة التي تنفذها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين.
فقد شن الاحتلال الإسرائيلي في وقت متأخر من ليل الخميس 13 مايو/أيار 2021، حتى صباح الجمعة، سلسلة غارات هي الأعنف على القطاع، تركزت على المناطق الحدودية الشمالية، حيث وثقت مشاهد من الفيديو شدة القصف والرعب الذي عاشه سكان تلك المنطقة.
"لم نشاهد قصفاً عنيفاً بهذه الدرجة"
يقول الشاب البالغ من العمر 30 عاماً لصحيفة The Guardian من مستشفى الشفاء في مدينة غزة: "كنت أجلس مع عائلتي.. وفجأة سمعنا صوت قصف مدفعي مكثف على الحدود. لم أتوقع أن يطال المنازل. وبدأ الأطفال بالصراخ، ثم سقطت قذيفة على منزلنا".

حسين الذي أصيب بشظايا في رقبته وذراعه وظهره يقول: "الوضع كان مرعباً بدرجة لا يمكنك تخيلها. لقد عشنا ثلاث حروب وهذه هي المرة الأولى التي نشاهد فيها قصفاً مفاجئاً وعنيفاً بهذه الدرجة".
رافق هذا القصف أنباء عن بداية توغل إسرائيلي بري في قطاع غزة، حيث شرعت إسرائيل خلال ذلك اليوم -الخميس- في حشد قواتها حول غزة، رافقها قصفت القطاع بعنف، مدمرةً المباني المدنية فوق رؤوس ساكنيها؛ ما أوقع العديد من الشهداء والجرحى، في حين جددت المقاومة الفلسطينية قصف تل أبيب، وتوعدت الاحتلال في حال أقدم على توغل بري.
قصف يستهدف منزلاً به 150 شخصاً!
قصة حسين ليست الشهادة الوحيدة التي يرويها عن تعمد الاحتلال الإسرائيلي لقصف المدنيين، حيث يروي طاهر الكفارنة (68 عاماً) الذي يعيش في المنطقة الحدودية بالقرب من بلدة بيت حانون، قصة مماثلة شبيهة بقصة حسين أبو قليق.
يقول طاهر: "حين بدأ العنف في التصاعد، انتقلت مع أبنائي الخمسة عشر وزوجتيّ وأحفادي إلى منزل ابنتي في وسط بيت حانون، الذي يتألف من ثلاثة طوابق، ويحتمي به حوالي 150 شخصاً".
في منتصف الليل تقريباً بدأ القصف المكثف بالصواريخ من كل جانب بالإضافة إلى القصف المدفعي، بحسب ما يرويه طاهر، حيث تعرضت الشوارع لقصف عنيف ومتواصل.
أصابت قذيفة من طائرة أو مدفعية الطابق الأخير من منزل طاهر، الذي لجأ إليه بعض أبنائه وأحفاده، حيث أدى القصف إلى قطع الكهرباء عن المنزل.
كما تابع قائلاً: "كان الجميع يصرخون. وأصيب ما بين 40 و50 شخصاً في المنزل بجروح جراء القصف، وهربنا سيراً على الأقدام حتى وصلت سيارات الإسعاف. وحتى حين وصلت، لم تتمكن من الوصول إلى المنزل بسبب القصف في الشارع. لذلك بدأ الناس في حمل الجرحى".
الهروب من الموت
في صباح يوم الجمعة، بدأ الفلسطينيون الذين يعيشون على حدود غزة الشمالية والشرقية مع إسرائيل يتجهون إلى مناطق أكثر كثافة عمرانية في وسط القطاع، فراراً من القصف المدفعي المكثف وخوفاً من قصف جديد.

اتجهت بعض العائلات إلى المدارس التي تشرف عليها الأمم المتحدة في المدينة -التي تُستخدم وقت الحرب لإيواء الفارين أو من دُمرت منازلهم- في شاحنات صغيرة وعلى ظهور الحمير وعلى الأقدام، حاملين الوسائد والمقالي والبطانيات والخبز.
تقول هداية معروف التي فرت مع عائلتها الكبيرة المكونة من 19 شخصاً، بينهم 13 طفلاً: "كنا نخطط لمغادرة منازلنا ليلاً، لكن الطائرات الإسرائيلية كانت تقصفنا، فاضطررنا إلى الانتظار حتى الصباح. وشعرنا بخوف شديد على أطفالنا الذين كانوا يصرخون ويرتجفون".