في اللحظة التي يتم فيها اكتشاف أصابع اليدين والقدمين لأول مرة، ينبهر العديد من الأطفال بهذه الأطراف التي قد تبدو غريبة بالنسبة لهم، ويبدأون في مص إبهامهم ووضعه في فمهم بصورة مستمرة.
بالتأكيد يبدو الأمر لطيفاً للآباء في ذلك الوقت بالنسبة لطفل رضيع، ولكن عندما يواصل صغيرهم هذه العادة، خاصة بعد مرحلة الفطام من الرضاعة وإلى حين بلوغه سن 4 أو 5 سنوات، فإن الأمر قد يتطور إلى مشكلة كبيرة قد تكون لها تبعات على شكل وحجم أسنانه أثناء نموه.
في العادة يتخلّص الأطفال الصغار من وضع إبهامهم في فمهم بشكل تدريجي أثناء مراحل النمو، لكن إذا تواصلت العادة إلى سن متأخرة وبدأ الأمر في إثارة قلقك، فقد يكون من الجيد مساعدة طفلك الصغير في التخلص منه.
في هذا التقرير نوضح كيفية مساعدة الطفل في التخلص من عادة مص الإصبع ووضع الإبهام في الفم، إضافة إلى كل تحتاجين معرفته عن هذه العادة.
ما هي عادة مص الإصبع وكيف تبدأ؟
يتفق معظم الخبراء، وفقاً لموقع Web MD، على أنه لا ينبغي الضغط على الطفل الذي يمارس عادة مص الإبهام، الأصغر من 5 سنوات، من أجل التوقف؛ وذلك لأن معظم الأطفال يتخلون عن هذه العادة بمفردهم قبل دخولهم رياض الأطفال.
وتوضح ليندا غولدشتاين، طبيبة الأطفال الأمريكية، وفقاً للموقع، أن "مص الإبهام سلوك مناسب ومفيد للأطفال الصغار جداً؛ إذ إنه يتيح لهم توفير الراحة والترفيه عن أنفسهم".
وفي واقع الأمر، يضع أكثر من ثلاثة أرباع الأطفال إبهامهم أو أصابعهم في فمهم خلال السنة الأولى من أعمارهم. وعادةً ما يتجه الطفل إلى مص إبهامه عندما يشعر بالملل أو التعب أو الانزعاج.
ومن المعتاد أن ينخرط الطفل الذي يتناول إبهامه، في بعض العادات الحركية الأخرى، مثل لف خصل شعره أو شد أذنه أو قضم شفتيه.
تقول أستاذة الطب النفسي بجامعة نيويورك، سابين هاك، لـWeb MD: "حتى عندما تطول العادة لدى الطفل بعد نضوجه، نادراً ما يكون مص الإبهام شيئاً يدعو إلى القلق. ولا يشير ذلك إلى أن الطفل يعاني مشاكل عاطفية أو أنه سيظل يمص إصبعه عندما يكون مراهقاً مثلاً".
المشكلات التي تسببها عادة مص الإبهام
ورغم عدم تسبب العادة في تبعات تُذكر، عند مواصلة مص الإبهام بعد تجاوز سن الرابعة والخامسة، فإنها يمكن أن تؤدي إلى مشاكل الأسنان.
ويحدث ذلك بسبب دخول الطفل في مرحلة استبدال الأسنان اللبنية وبدء تكوّن الأسنان الدائمة، مما قد يسبب تشوهات في شكل ترتيب الأسنان الطبيعية، أو حدوث لدغة غير طبيعية في نطق بعض الحروف.
وقد يعاني بعض الأطفال مشاكل في نطق حرف الـ"S" وأصوات "طرف اللسان" الأخرى، وفقاً لأستاذ التعليم الخاص واضطرابات التواصل، فورست أومبيرغر، في تصريحه لـWeb MD.
وقال المختص الذي درس دور مص الإبهام في التسبب بأمراض العضلات والوجه، إن العديد من عملائه يحالون إليه من أطباء تقويم الأسنان؛ للمساعدة في تعديل ما تسبب به مص الإبهام من تشوهات في الأسنان والفك.
ويمكن أن يؤدي مص الإصبع فترات طويلة أيضاً إلى مشاكل جسدية طفيفة مثل الجلد المتشقق والكالّو والتهابات الأظافر.
طرق بدء عملية منع الطفل عن العادة
بداية، عليك البدء بسؤال محدد، وهو: كم مرة يضع طفلك إبهامه في فمه ومتى يفعل ذلك؟ إذا حدث ذلك فقط في وقت النوم أو أمام أفراد الأسرة، فهي مشكلة أقل خطورة مما لو كانت تحدث في المدرسة أو بالأماكن العامة.
ويمكن أن تؤدي محاولات توجيه الطفل بعيداً عن مص الإبهام إلى نتائج عكسية إذا لم يتم الأمر بطريقة لطيفة مدعومة بالحب والتوجيه.
وبحسب موقع Mayo Clinic الصحي، لا ينبغي أبداً إزعاج الطفل والصراخ فيه أو توبيخه، كما لا ينبعي سحب إصبع الطفل من فمه بالإكراه أو بغضب.
ويقول الخبراء إن هذه الأنواع من الإجراءات يمكن أن تؤدي إلى العصيان.
والحقيقة أنَّ كسر العادة عمل أسهل بكثير عندما يكون الطفل مشاركاً راغباً. لذلك ينجح العديد من الآباء في اتباع نهج سلوكي بسيط يُشرك الطفل في هذه العملية. وإليك كيف يعمل:
أولا: لا تجب مناقشة الطفل أو أمره بالتوقف عن مص إبهامه، وذلك لكيلا يتحول الأمر إلى صراع على السلطة.
بعد ذلك، قم بشراء لوحة ملصقات وارسم "مخططاً للتقدم" يتم فيه تقديم جائزة في نهاية كل أسبوع من دون وضع الإبهام بالفم، وتحديد مكافأة أكبر في نهاية الشهر.
ويجب التأكد من أن الطفل لديه دور نشط وفعال في تنفيذ الخطة؛ على سبيل المثال، حددا معاً عدد مرات النسيان التي يسمح بها كل أسبوع، واجعله يختار الملصقات ويضعها على الرسم البياني، ويحدد هديته بنفسه.
ثانياً: إذا لم تؤتِ الخطة السابقة نتاجها، فقد يكون من المفيد وضع سائل مُر المذاق على الظفر (وليس على الإصبع مباشرة)، خاصةً في الليل، كتذكير بعدم المص.
وتُباع المنتجات لهذا الغرض دون وصفة طبية في الصيدليات والمتاجر الكبيرة، لكن العلاجات المنزلية يمكن أن تكون بالفعالية نفسها، مثل استخدام العطر. كما بالإمكان إشراك الطفل في العملية من خلال شم نوعيات العطور المتوافرة بالمنزل واختيار أحدها لوضعه على ظفره.
أخيراً: يمكن أيضاً ارتداء القفازات أو جبيرة الإصبع أثناء الليل. وبالتالي قد يستغرق الأمر 6 أسابيع أو أكثر للتخلص من هذه العادة بنجاح.
هل بإمكان طبيب الأسنان المساعدة؟
قد يحتاج الطفل دفعة من شخص آخر غير والديه لكي يستجيب لمساعي التخلص من عادة مص الإبهام إلى الأبد. ولذلك يمكن تحديد موعد مع طبيب الأسنان والطلب منه التحدث مع طفلك الصغير عن العناية الجيدة بفمه وأسنانه، وتبعات تلك العادة على المدى البعيد.
وتحتوي معظم مكاتب طب الأسنان للأطفال على كثير من الموارد التعليمية الملونة والصديقة للأطفال؛ لتثقيفهم عن الموضوع.