اللغة الإنكليزية لها وقع خاص في نفسي، دائماً ما كنت أستمتع بسماع الممثلين الأجانب يرددون الجمل بالإنكليزية بسلاسة ويُسر، وأتعجب وكأنه فعل خارق لا يستطيعه أحد!
كنت أتابع النشرات الإخبارية وأتظاهر بأنني أقرأها على مسامع الجمهور وأنطقها بإنكليزية محترفة وكأنها لغتي الأم، مع أنني في الأصل أردد بعض المقاطع ليست ذات معنى من الأساس.
ولما انتقلت للمرحلة الإعدادية، كنت أحاول مراسلة مدرستي في الابتدائية عبر الخطابات باللغة الإنكليزية.. حاولت هي بدورها أن تشجعني على أن أستمر، ولكنها فشلت في أن تقنعني بأني جيدة، مع كل هذا الكم الهائل من الأخطاء الإملائية والنحوية في خطاباتي!
كنت أتلعثم كثيراً، وأدعو الله من كل قلبي ألا تطلب مدرّسة اللغة الإنكليزية وأنا في الصف الأول الإعدادي أن أجيب عن سؤال أو أن أقرأ جملة، رغم أنني ما زلت أحب اللغة الإنكليزية وأنتظر الحصة؛ كي أتعلم المزيد عن "سو"، الفتاة البريطانية التي تأكل العصيدة، والتي يعج الكتاب المدرسي بحكاياتها وحكايات الآخرين، مثل "موتسارت" الموسيقيّ الأصم الذي كان يضع طرف عصاه على البيانو والطرف الآخر على طرف أذنه؛ كي يستمع إلى ما يعزفه!
كنت أستمع بشغف إلى كل مصطلح جديد، وكنت أدوِّن كل كلمة جديدة أتعلمها، وأحاول أن أستخدمها فيما بعد.. ويا للصدفة! تزوج أحد أقاربي فتاة اسكتلندية غاية في الرقة والجمال، وقابلتها وقابلت والدتها وتحدثنا كثيراً.
لا أعلم إن كانت وقتها إنكليزيتي قوية بالقدر الكافي؛ لكي تفهمني كلتاهما، ولكني على الأقل فهمتُ الكثير والكثير من كلماتهما، التي أدرك الآن أنهما حاولتا استخدام كلمات بسيطة قدر المستطاع؛ كي تناسب حصيلتي اللغوية من اللغة الإنكليزية وأفهمهما آنذاك.
مستواي لا يحتاج الكثير من التخمين، وهما ترياني أرهقت نفسي جيئةً وذهاباً بين قريباتي الأخريات اللائي يكبرنني، وهن طالبات في مدارس دولية ولسْنَ مثلي لأسئلتهن عن معنى بعض الكلمات؛ كي أستكمل حواري مع السيدتين.
كنت أستمع إليهما وكأني أحاول أن أمتص اللكنة والإيماءة والحركة البسيطة وكل شيء، ما زلت أشاهد مسلسل "X Files"، وأتابع بشغفٍ مسلسل "Wicked Wicked Games؛ ربما ألتقط كلمة من هنا أو مصطلحاً من هناك.
والعجب العجاب، حصلت على الدرجة النهائية في اختبار نصف العام الدراسي في مادة اللغة الإنكليزية. وكنت الوحيدة في فصلي ولست من عداد المتفوقين المتوقع حصولهم على تلك الدرجة!
ازدادت ثقتي بنفسي، كنت أستجلب الكتب الخارجية، وأحل التمارين، وأصحح من زميلاتي اللاتي كن يأخذن الدروس الخصوصية.
وكلَّل الله تعبي، وكنت أنقص درجة واحدة للحصول على الدرجة النهائية وأنا في المرحلة الثانوية. ولم أكتفِ بهذا.. لم يكن هذا ليشبع جوعي من اللغة الإنكليزية.. فأنا أريد أن أنطق مثل الأجانب وكنت شغوفة بالموسيقى الغربية، فاشتريت بعض شرائط الكاسيت لبعض الفرق الموسيقية واستعرت البعض.
وكانت فِرَق مثل: Back Street Boys, Aqua, Spice Girls, Waste Life, Britney Spears, Celine Dion.
والكثير غيرها يلهمني أكثر مما يستطيع عقلي أن يتصور.. كنت أستمع وأقارن بين كلمات الأغاني المكتوبة على ظهر الشريط وما يردِّده المطربون على مسامعي وأضرب كفاً بكف.. كيف يتحدثون الإنكليزية بهذه السرعة الفائقة!
وكأن اللغة الإنكليزية لغة ليست كالعربية التي أتحدثها وأتقنها وأغنيها بسرعة أيضاً.
كان يتعين عليَّ أن أعرف المزيد من اللغة الدارجة، التي توفرها العديد من المواقع مثل.
وكنت أحتاج لتنزيل بعض التطبيقات من "جوجل أندرويد"؛ لأتعلم المصطلحات والأمثلة الشعبية والأفعال المركبة، فقط ابحث على سوق جوجل الإلكتروني عن هذه الكلمات:
English idioms.
American idioms.
Phrasal verbs.
كذلك، هناك العديد من المواقع ساعدتني على اختبار قدراتي ووفّرت لي دروساً مجانية في القواعد، وتقوم بتوفير مدرسين أجانب لتصحيح أخطائي مجاناً، وبها غرف محادثات لتمارس اللغة مثل.
لكن، يبقى الاستماع هو المعلم الأول، وهناك العديد من القنوات المجانية للتعلم مثل.
بعض المواقع توفر كورسات من جامعات معتمدة وتمنح شهاداتٍ، بعضها مجاني وبعضها مقابل مبلغ من المال .
الممارسة والقراءة حتى لو كانت بعض المقالات القصيرة على الصحف اليومية تفيدان، ولكني أقرأ في مواضيع مختلفة، كذلك ترجمات الكتب السماوية تفيد في تعلّم النحو والقواعد اللغوية.
نصيحتي لك: لا تشترِ كتباً لتعلُّم اللغة الإنكليزية، ابتع قصصاً، ولا تحاول تعلم الإنكليزية ممن لا يتحدثها بطلاقة على نحو صحيح.. لو فعلت فستتعلم بالأخطاء، وقد يكون النطق غير صحيح بالمرة.
تعلَّم اللغة من أهلها حتى لو عن طريق المشاهدة والاستماع، ولا تنسَ أن تخفي شريط الترجمة أو النص؛ لتعلم ما يقولون.. فقط اختلس النظر.
الكثير ممن يتحدثون إليَّ أستطيع أن أخدعهم لأول وهلة، فيظنون أني وُلدت بأميركا، ولكن لا أخفي عليك ما زال نطق بعض الكلمات يُظهر أنني لست أميركية، خصوصاً عند التحدث باللغة العامية أو تبادل النكات، وما زلت أفتقد الطلاقة وتدفق الكلمات بتلقائية كمن يتحدث بلغته الأم، ولكن لا بأس بذلك طالما ما زلتُ أحاول أن أتعلم.. كل التوفيق.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.