لجأت السلطات الصحية في تركيا لفرق إقناع من أجل حثّ المترددين من كبار السن على تلقّي التطعيم بلقاح كورونا، في إطار ما سُمي مبادرات "الإقناع باللقاح" ضد فيروس كورونا المستجد، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021.
الصحيفة البريطانية أوضحت أن إحدى مبادرات "الإقناع باللقاح" ضد فيروس كورونا، التي تستهدف كبار السن الذين رفضوا الدعوات لتلقي اللقاح، تستعد لنشر جهودها في جميع أنحاء تركيا، وذلك بعدما أثبتت نجاحاً باهراً في مقاطعة بجنوب شرق البلاد.
فِرق صحية لإقناع المترددين
منذ فبراير/شباط 2021، دأب الأطباء والعاملون في مجال الرعاية الصحية في مدينة أديامان في تركيا، أو سمسر، على الاتصال بالأشخاص ضمن الفئات العمرية المؤهلة بالفعل للحصول على اللقاح، ليسألوا عن سبب عدم مجيئهم إلى العيادات لتحديد مواعيد تلقي اللقاح.
جُهِّزت فرق الإقناع بصناديق تبريد مليئة بأمبولات اللقاح، ويصاحبهم في بعض الأحيان "المختارون" أو قادة المجتمع.
وفقاً للدكتورة هوليا دوغان ترياكي، فالفكرة هي أن التحدث مع المترددين وجهاً لوجه سيساعدهم على تغيير آرائهم. وتلك الطريقة ناجحة فعلاً، إذ أدت إلى زيادة معدل تلقي اللقاح بين 250 ألف نسمة منتشرين في جميع أنحاء المنطقة المركزية بالمقاطعة بنسبة 30% تقريباً.
كما تقول: "يُنصَح الفريق باستخدام لغة هادئة وحجج منطقية عبر الهاتف. أخبرنا نحو نصف الأشخاص الذين اتصلنا بهم بأنهم سيذهبون إلى العيادات لتلقي اللقاح".
الدكتورة ترياكي أوضحت: "نذهب لزيارة الآخرين شخصياً بالمنزل، وتمكن فريقنا البالغ عددهم 35 فرداً من إقناع قرابة 150 شخصاً يومياً. يساعد حضور قادة المجتمع معنا بصورةٍ كبيرة، فهم يعرفون العائلات التي نزورها ويساعدون على بناء الثقة".
الهدف تلقيح جميع مَن هم فوق الـ40
بحسب أحدث الأرقام المتاحة من وزارة الصحة في تركيا، تهدف أنقرة إلى تلقيح كل شخص فوق سن 40 عاماً ضد فيروس كورونا بحلول نهاية شهر يونيو/حزيران، لكن نسبة المتشككين في اللقاح بتركيا مرتفعة، إذ قرر 23.6% ممن تزيد أعمارهم على 65 عاماً عدم تلقيه، وكذلك 14% من العاملين في مجال الرعاية الصحية.
خلال زيارة منزلية الأسبوع الماضي، بدت فاطمة غولتكين البالغة من العمر 66 عاماً قلقة عندما جاء مختارها، وطبيب، وموظف في وزارة الصحة، إلى منزلها.
لم تفلح مكالمات طبيب الأسرة في إقناع غولتكين بمزايا اللقاح. لكن بعدما طمأنها الفريق بأن الحقنة ستحميها في حالة إصابتها بالفيروس، ووعدوها بالانتظار معها إذا حدث أي آثار جانبية، وافقت على تلقّي اللقاح.
سألت حيرا، البالغة من العمر 11 عاماً، جدتها وهي تعانقها: "هل آلمك؟"، فأجابت الجدة بـ"لا".
أسباب "غريبة" تجعلهم مترددين
قال الدكتور إبراهيم كايغوسوز إن العديد من الأشخاص الذين تتواصل معهم فرق الإقناع في تركيا يبدون مترددين تجاه تلقي اللقاح بسبب مخاوف من أنه سيؤثر على مشاكل صحية أخرى مثل مرض السكري وضغط الدم والخصوبة.
كما أوضح أن الناس يقولون ذلك أحياناً لإخفاء خوفهم من المجهول، "أخبرتني جدتي، البالغة من العمر 76 عاماً، أنها تخشى أن تصبح عاقراً إذا حصلت على اللقاح… أخبرتها أن الأمر ليس كذلك، بالإضافة إلى أنها ليست بحاجة إلى طفل آخر!".
في كويولو، وهي قرية محاطة بحقول الفستق والعدس على بعد 45 كيلومتراً من مدينة أديامان، قال يوسف إيرول البالغ من العمر 57 عاماً إن والدته توفيت بسبب فيروس كورونا، لكنه كان قلقاً من أن يؤثر اللقاح في ضغط دمه، بينما قالت زوجته نائلة، 50 عاماً، إنها سمعت أنه يتعارض مع صيام رمضان.
بعد 10 دقائق من التحدث مع فريق الإقناع، قرر كلاهما تلقي اللقاح. قال إيرول: "قطعوا كل هذه المسافة للتحدث إلينا. أنا ممتن لهم على وقتهم".
لكن هناك تحديات أمام فرق الإقناع
انطلقت حملة إقناع أديامان بفضل الجهود المبكرة من هيئة الصحة المحلية ومكتب المحافظ، التي سعت للحصول على موافقة من وزارة الصحة.
تستخدم تركيا الآن لقاحات سينوفاك، وفايزر، وسبوتنيك، كجزء من برنامج اللقاح الخاص بها، وتعمل أيضاً على إنتاج لقاح محلي.
لكن بسبب قيود والتخزين، التي تشمل درجات الحرارة وغيرها، فلا يمكن لفرق الإقناع أن تحمل أي لقاح معها سوى سينوفاك في الوقت الحالي، غير أنه قد لا يكون فعالاً مثل اللقاحات الأخرى في الحماية من حالات العدوى الخطيرة.
لم يمنع ذلك هاتيس يالتشين، 66 عاماً، من الإسراع بتلقي اللقاح عندما جاء فريق الرعاية الصحية لزيارة جارتها. قالت: "كنت مريضة عندما اتصلوا بي لأخذ اللقاح في المرة الأولى. ستذهبون جميعكم إلى الجنة من أجل هذا العمل الصالح".