كشف تسجيل صوتي مسرّب، عن انتقاد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، لهيمنة القائد السابق لـ"فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني على الدبلوماسية الإيرانية، واعترف ظريف بأن تأثيره هو ذاته في السياسة الخارجية الإيرانية كان منعدماً في بعض الأحيان.
جاءت هذه التصريحات في مقابلة اعترفت وزارة الخارجية الإيرانية بأن ظريف أجراها في مارس/آذار 2021، لكنها قالت إنها حُرِّفت عمداً عن طريق اتخاذ اقتباسات انتقائية منها، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 25 أبريل/نيسان 2021.
غير أن Iran International، وهي محطة ناطقة باللغة الإنجليزية مقرها لندن وتعتبرها طهران معادية لها ومملوكة للسعوديين، هي التي أذاعت التسريب وزعمت أنه حصري.
"حرب باردة"
الخارجية الإيرانية أشارت إلى أن المقابلة التي استمرت سبع ساعات، أُعدَّت بحيث تكون بمثابة سجلٍ داخلي، وقالت إنه بالتأكيد لم يكن من المفترض الإفراج عنها قبل أن تنتهي ولاية الحكومة الحالية بقيادة الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد انتخابات يونيو/حزيران الرئاسية.
كما زعمت وزارة الخارجية الإيرانية أن المقتطفات المنتقاة من المقابلة حُرِّفت وخضعت للتأطير، لإظهار ظريف كما لو كان يعطي نظرة سلبية تُفرط دون وجه حق في انتقاد سليماني.
مع ذلك، فهذه هي المرة الثانية خلال أربعة أيام التي تشعر فيها وزارة الخارجية الإيرانية بأنها مضطرة إلى إصدار بيانات تدين التشويه الإعلامي لدوافعها، كما شنَّت الوزارة هجوماً على التغطية الإعلامية المشوهة لمحادثات فيينا من جانب إحدى المحطات الإيرانية المملوكة للدولة.
وفي المقتطفات المنشورة من المقابلة، وصف ظريف اتجاهات السياسة الخارجية التي عمد الحرس الثوري الإيراني إلى فرضها على وزارة الخارجية الإيرانية، ومحاولة الأخيرة مقاومة هذا بأنه أشبه بحرب باردة.
ظريف قال إنه قضى وقتاً أطول في التواصل مع الحرس الثوري الإيراني أكثر من أي جهة أخرى، وإن الأمن كان له تأثير على الدبلوماسية أكثر من تأثير الدبلوماسية على الأمن، وفقاً لما أوردته صحيفة Financial Times البريطانية.
كذلك اشتكى ظريف من وجود مجموعة في إيران لها مصلحة في أن يظل كل شيء يُرى من منظور الأمن ووجهة نظره، كما زعم أن قوات داخل إيران حاولت قبل اتفاق عام 2015 أن تعرقل طريق الاتفاق بأي سبيل، ومن ذلك الهجوم على السفارة السعودية.
زعم ظريف كذلك أن سليماني سافر إلى موسكو بعد فترة وجيزة من الاتفاق، في محاولة لإنهاء دعم روسيا للاتفاق.
وتشير المقتطفات المنشورة أيضاً إلى أن سليماني رفض مناشدات من وزارة الخارجية الإيرانية بعدم إظهار دعمٍ واضح على هذا النحو لنظام بشار الأسد، ومن ذلك عدم استخدام الخطوط الجوية الإيرانية الرسمية لنقل البضائع إلى سوريا.
وقالت وزارة الخارجية إنها، في حالة منحها الإذن بذلك، ستنشر المقابلة بأكملها لتقطع الطريق أمام أي تحريفات للمقابلة والتصريحات الواردة فيها.
توقيت نشر التسريب
جاء تسريب تصريحات ظريف في وقت أبلغ فيه كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا، عباس عراقجي، البرلمانَ الإيراني بأنه قد تُوصِّل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة يقضي برفع العقوبات الأمريكية عن بعض القطاعات مثل البنوك وتأمين بيع النفط والسيارات.
لكن طهران تصرَّ مرة أخرى على أنه يجب رفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، والتي تشمل عقوبات مفروضة على 1500 شخص يجب رفعها عنهم في الحال.
يأتي الكشف عن هذه الانتقادات أيضاً بعد نحو عام من اغتيال سليماني في ضربة جوية أمريكية بطائرة مسيَّرة في يناير/كانون الثاني 2020، فيما يعدُّ الانتقاد الرسمي لتأثير الحرس الثوري الإيراني في السياسة الخارجية الإيرانية أمراً نادراً للغاية في الأوساط السياسية الإيرانية.
من جانبهم، قال بعض المراقبين إن التسريب يبدو أنه يهدف إلى تشويه سمعة ظريف داخلياً، في حين يدَّعي آخرون أن المقابلة ليست إلا محاولة من ظريف لتبرئة نفسه من الإخفاقات التي لحقت بالسياسة الخارجية الإيرانية.
كذلك يأتي الكشف عن هذا التسريب في وقتٍ تحتدم فيه معركة داخلية في إيران حول جدوى إبرام اتفاقٍ جديد مع الغرب بشأن إحياء الاتفاق النووي الموقَّع في عام 2015، وتجري محادثات غير مباشرة بقيادة وزير الخارجية الإيراني بين إيران والولايات المتحدة في فيينا، ومن المقرر أن تُستأنف هذا الأسبوع.