علم "عربي بوست"، من مصادر خاصة مطلعة على سير تفاصيل مفاوضات إيران والسعودية في العراق، أن اجتماع 9 أبريل/نيسان 2021، بين مسؤولين أمنيين إيرانيين وسعوديين، لم يكن الأول من نوعه، وقد سبقه العديد من الاجتماعات.
وإلى الآن لم يخرج الإعلان الرسمي لنتائج سلسلة مفاوضات إيران والسعودية في العراق، لكن حسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من سياسيين إيرانيين فإن اجتماعاً مرتقباً نهاية أبريل/نيسان الجاري، ومن المحتمل أن تُعلن بعده نتيجة هذه المفاوضات.
أيضاً، من المرتقب أن تُخصص زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى العراق، اليوم الأحد 25 أبريل/نيسان 2021، لمُناقشة بعض الأمور الخاصة بالمفاوضات الإيرانية-السعودية مع الجانب العراقي.
وانطلقت منذ بداية 2021 مفاوضات ثانية بين إيران والمملكة العربية السعودية لبحث سبل إعادة إحياء العلاقات، ومناقشة بعض الملفات الأمنية العالقة بين البلدين.
وساطة الإمارات
كشف مسؤول استخباراتي إيراني رفيع المستوى، مطّلع على مفاوضات إيران والسعودية في العراق، أنه منذ بداية 2021 تواصل مسؤولون إماراتيون مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لبحث إمكانية إقامة مفاوضات مع الجانب الإيراني على الأراضي العراقية.
وقال المسؤول الاستخباراتي الإيراني لـ"عربي بوست"، إن "الاجتماع الأول حدث في شهر يناير/كانون الثاني 2021، وضم وفداً إيرانياً أمنياً يرأسه قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجنرال إسماعيل قآاني ومسؤولون أمنيون عراقيون، بالإضافة إلى وفد من المخابرات الإماراتية يرأسه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد".
وأضاف المصدر ذاته أن "هذا الاجتماع ناقش فيه الجانبان، الإيراني والإماراتي، إمكانية المشاركة في مفاوضات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية".
من جهته قال مسؤول أمني عراقي مطلع على هذا الاجتماع لـ"عربي بوست" إن "قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجنرال إسماعيل قآني وافق على إقامة محادثات إيرانية سعودية، وأبلغت طهران الكاظمي بالموافقة".
مفاوضات بغداد
يقول سياسي عراقي مقرب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن "الكاظمي كان دائماً يسعى للتقريب بين طهران والرياض، مستغلاً علاقاته القريبة بكلٍّ من إيران والمملكة العربية السعودية".
وحسب المعلومات التي كشف عنها السياسي العراقي لـ"عربي بوست"، فإن "الكاظمي اتصل هاتفياً بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأبلغه بالموافقة الإيرانية على الاجتماع بالوفد السعودي في بغداد".
وأضاف المتحدث أنه "في شهر فبراير/شباط 2021، التقى الوفدان الإيراني والسعودي لأول مرة في العاصمة بغداد، في مكان محاط بالسرية الشديدة، هذا اللقاء الذي لم يحضره قآني، لكن حضره عددٌ من ضباط الحرس الثوري، إلى جانب مسؤولين استخباراتيين إيرانيين ووفد من الخارجية، ومندوبين من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني".
من جهته كشف مسؤول بالمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لـ"عربي بوست"، أن "ملف الحوثيين كان على رأس المطالب السعودية، إذ أكد رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان للوفد الإيراني أن الرياض منفتحة على الحوار مع طهران، أكثر من أي وقت مضى".
مفاوضات إيران والسعودية في العراق
في التاسع من أبريل/نيسان 2021، اجتمع الوفدان الإيراني والسعودي للمرة الثانية في بغداد، وشملت الاجتماعات هذه المرة فتح الملفين اللبناني واليمني.
وكشف سياسي عراقي مقرب من الكاظمي، لـ"عربي بوست"، أنه "قبل زيارة الكاظمي إلى الرياض زار وفد إيراني أمني بغداد بشكل سري، وأبلغ الكاظمي بإيصال رسالة إلى الجانب السعودي، أبرز ما جاء فيها الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، ودور السعودية في هذه الأزمة".
وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مسؤولين عراقيين، فإن اجتماعاً سبق اجتماع 9 أبريل/نيسان، ضمَّ وفداً أمنياً من الأردن ومصر.
وقال مسؤول استخباراتي إيراني كان من ضمن الوفد الإيراني المشارك في اجتماع 9 أبريل/نيسان 2021، مع الجانب السعودي، إن "الرياض طالبت بتدخل إيران لوقف هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية السعودية".
أيضاً عرف الاجتماع التطرق لأهمية النفوذ السعودي في لبنان، ودورهم فى حل الأزمة الاقتصادية والجمود السياسي في بيروت.
وبحسب المصدر ذاته، فإن "الوفد الإيراني طلب من نظيره السعودي التدخل لدى الجهات السياسية اللبنانية الفاعلة والمقربة من المملكة العربية السعودية، لحل الأزمة السياسية في لبنان، وتشكيل حكومة جديدة شريطة موافقة حزب الله اللبناني على الحكومة الجديدة، دون المزيد من الرفض والعقبات".
وبحسب مسؤولين أمنيين عراقيين مطلعين على هذا الاجتماع، فإن "الوفد السعودي أبدى ترحيباً بالطلب الإيراني، لكنه في المقابل أكد على ضرورة وقف هجمات الحوثيين على المملكة، سواء من اليمن أو الأراضي العراقية".
مفاوضات فيينا وأمن مياه الخليج
كان للاتفاق النووي الإيراني نصيبٌ من مفاوضات إيران والسعودية في العراق، إذ كشف مسؤول أمني عراقي أن "الوفد الايراني أعلم الرياض أن واشنطن لن تعارض المفاوضات النووية الجارية الآن في فيينا، مقابل المزيد من التهدئة بين البلدين".
وبحسب المصدر ذاته فإن "الوفد السعودي أكد على أن الأولوية الآن لحل الأزمات الأمنية التي تتسبب في زعزعة استقرار المنطقة"، مؤكداً على أن "المحادثات الإيرانية-السعودية غير مرتبطة بمفاوضات فيينا، ولم تأت بطلب من الولايات المتحدة".
أيضاً كان ملف أمن الملاحة في مياه الخليج موضوعاً مُهماً طُرح على طاولة المفاوضات الإيرانية-السعودية، إذ نوقشت أهمية أمن مياه الخليج مع الجانب السعودي، وعدم السماح لإسرائيل بتهديد أمن الملاحة في الخليج.
وكشف مصدر أمني إيراني لـ"عربي بوست" أن "الطرف الإيراني أبدى مخاوفه من احتمالية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، لكن السعوديين أظهروا بوادر مطمئنة".
ولم يُفصح المصدر الأمني الإيراني عن طبيعة ما وصفه بـ"البوادر المطمئنة"، لكنه اكتفى بوصف المناقشات بأنها "كانت إيجابية بشكل كبير فيما يخص هذه الإشكالية".
حرص الرياض
ومن المتوقع أن يتم عقد اجتماع بين الوفدين الإيراني والسعودي، في بغداد، بنهاية شهر أبريل/نيسان 2021، وبداية شهر مايو/أيار 2021.
وكشف مسؤول سياسي عراقي مقرب من الكاظمي لـ"عربي بوست"، أن "الرياض حريصة على استكمال المفاوضات والتوصل إلى اتفاق إيجابي مع إيران، على عكس المفاوضات السابقة، إذ تبدي الرياض هذه المرة انفتاحاً كبيراً على التفاوض مع طهران".
وأشار المتحدث إلى رغبة طهران في التوصل إلى نتائج إيجابية من هذه المفاوضات، وذلك بالتزامن مع المفاوضات النووية في فيينا، قائلاً إنه "من مصلحة طهران حل خلافاتها مع السعودية، رغم أن إيران تدعم الحوثيين، لكنها أيضاً بحاجة إلى إنهاء خلافاتها مع دول الخليج".