دبلوماسي إيراني يعلن عن جولة مفاوضات ثانية بين طهران، والرياض: “ستكون برعاية الرئيس العراقي”

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/23 الساعة 18:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/23 الساعة 18:51 بتوقيت غرينتش
مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي/رويترز

أعلن سفير إيراني سابق، الجمعة 23 أبريل/نيسان 2021، أن الجولة الثانية من المباحثات السعودية-الإيرانية ستعقد خلال الأيام المقبلة، بمتابعة شخصية من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مؤكداً أن الخلافات بين البلدين ليست قليلة، ولذلك فهم بحاجة إلى كثير من الوقت لدراسة تلك الخلافات، وإيجاد حل موضوعي لها.

فيما أضاف السفير (الذي لم يتم الإفصاح عن هويته)، في تصريحات لموقع "اعتماد أونلاين" الإيراني، أن دراسة الاتهامات السعودية الخاصة بدعم إيران للحوثيين، والأوضاع في لبنان والعراق وسوريا والبحرين، وما وصفه بتدخل الرياض في المفاوضات النووية، ستكون من أهم المحاور على جدول أعمال الاجتماع المرتقب، مؤكداً أنه "لم يكن للصين أي دور لترتيب اللقاءات، وقد تم بطلب ومتابعة رئيس الوزراء العراقي".

يشار إلى أن اجتماعاً سرياً عُقد بين مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين من الرياض وطهران في العاصمة بغداد، مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري، وهو الأمر الذي اُعتبر بداية مفاوضات "جدية" لمحاولة إصلاح العلاقات بين الخصمين الإقليميين، طبقاً لما نشرته وسائل إعلام دولية.

السعودية تدعو إيران إلى الجدية في المفاوضات

في وقت سابق من يوم الجمعة، دعت السعودية، إيران إلى "الانخراط في المفاوضات النووية ‏الجارية بجدية، وتفادي التصعيد، وعدم تعريض أمن المنطقة واستقرارها لمزيد من التوترات"، منوهة إلى ما وصفته بقلق دول المنطقة العميق من الخطوات التصعيدية التي تتخذها إيران لـ"زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي"، حسب قولها.

حيث شدّد مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، في كلمة بلاده أمام مجلس الأمن الدولي، على ضرورة "توصل المجتمع الدولي لاتفاق بمحددات أقوى وأطول مع تنفيذ إجراءات الرصد والمراقبة، لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي وتطوير القدرات اللازمة لذلك".

أول جولة من المفاوضات الإيرانية – السعودية

كان مسؤولون بالشرق الأوسط ومصادر قد أكدوا، الأربعاء 21 أبريل/نيسان 2021، أن مسؤولين سعوديين وإيرانيين يعتزمون عقد مزيد من المحادثات المباشرة هذا الشهر، لكن لم يتحدد بعدُ موعد لها، وذلك بهدف تهدئة حدة التوتر بين البلدين، في خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار الإقليمي.

وتتنافس السعودية وإيران على النفوذ فيما تجسد في صراعات بالوكالة في أنحاء المنطقة، وضمنها اليمن. وحملت الرياض طهران مسؤولية هجوم وقع في 2019 على منشآت نفطية سعودية، ونفت إيران ذلك.

بينما لم تؤكد أي من الرياض أو طهران علناً أو تنف عقد اجتماع أول بالعراق في وقت سابق من هذا الشهر، رغم أن السفير الإيراني في بغداد رحب بالوساطة العراقية لإصلاح العلاقات مع دول الخليج. وقطعت الدولتان علاقاتهما الدبلوماسية في 2016.

تأتي المحادثات بينما تواصل الولايات المتحدة الجهود الدبلوماسية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 بين القوى العالمية وإيران، والذي انسحبت منه واشنطن قبل نحو ثلاث سنوات وعارضته الرياض لعدم معالجته برنامج طهران للصواريخ الباليستية وتصرفات إيران الإقليمية.

في هذا الإطار، ذكر مسؤول بالشرق الأوسط أن "اجتماع أبريل/نيسان كان بناءً للغاية، نوقشت خلاله قضايا عديدة، بينها أزمة اليمن بشكل أساسي، والاتفاق النووي الإيراني".

كما نقلت وكالة رويترز عن مصدرين إقليميين قوليهما إن مزيداً من المحادثات قد تجرى قبل نهاية الشهر، لكن التوقيت يعتمد على التقدم في محادثات فيينا. وقال دبلوماسي أجنبي في الرياض، إنه من المتوقع عقد اجتماع ثان في أواخر أبريل/نيسان أو أوائل مايو/أيار.

جدير بالذكر أن تلك المحادثات، التي بدأت بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي للرياض، يقودها رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان، وسعيد عرافاني نائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وفقاً لمصادر مطلعة تحدثت لرويترز.

"إيران ترحب بالحوار مع السعودية"

من جانبه، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الإثنين 19 أبريل/نيسان2021، بأن طهران ترحب دائماً بالحوار مع السعودية، دون أن يؤكد أو ينفي إجراء محادثات مباشرة هذا الشهر بين الجانبين.

سعيد خطيب زادة، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قال في مؤتمر صحفي أسبوعي: "رأينا تقارير إعلامية عن محادثات بين إيران والسعودية، على الرغم من أن التقارير كانت تحتوي في بعض الأحيان على تصريحات متضاربة"، مضيفاً: "المهم هو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب دائماً بالحوار مع المملكة العربية السعودية وتعتبره في صالح شعبي البلدين، وكذلك السلام والاستقرار بالمنطقة".

لكن السلطات السعودية لم ترُد على طلب من رويترز للتعليق بخصوص المحادثات.

تاريخ من العلاقات المتوترة

منذ مطلع 2016، توترت العلاقات بين السعودية وإيران بشكل غير مسبوق، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، إثر إعدام الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، وتبع ذلك اعتداءات على المنشآت الدبلوماسية السعودية في إيران.

كما أنه منذ تأسيس الحكومة المذهبية في إيران عقب الثورة التي جرت عام 1979، اعتبرت السلطات السعودية هذه الحكومة منافسة جديدة لها في المنطقة، واستمرت العلاقات الثنائية بين البلدين منذ ذلك الحين على هذا الأساس.

وظلت العلاقات بين إيران والسعودية حافلة بالتوترات، وهذه أبرز محطاتها:

– في عام 1988، تمّ احتلال السفارة السعودية بالعاصمة الإيرانية طهران، وقتل أحد الدبلوماسيين السعوديين فيها، الأمر الذي أدّى إلى إعلان الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، واستمرت هذه القطيعة حتّى عام 1991.

– أدّى تسليم الولايات المتحدة الأمريكية إدارة العراق في عام 2003 إلى الجماعات الشيعية الموالية للإيرانيين إلى زيادة المخاوف الأمنية للسعوديين.

– تمّ تفسير التفوق النفسي والسياسي النسبي الذي حققه حزب الله اللبناني المدعوم من قِبل الإيرانيين، على إسرائيل، في حرب عام 2006، على أنه صعود الجيوسياسية الشيعية في المنطقة.

– تعاظُم النفوذ الإيراني في العراق عام 2007، إضافة إلى زيادة المطالب السياسية للأقليات الشيعية في دول الخليج العربي، أدّى إلى إحداث قلق لدى حكومات دول المنطقة.

– رفعت السعودية من حجم ضغوطها على الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008، وذلك بداعي أنّ الإدارة الأمريكية أسهمت في خلق مساحة للنفوذ الإيراني في العراق.

– أرسلت السعودية عام 2011 وحدات عسكرية لإخماد المظاهرات التي نظمتها حركات شيعية مدعومة إيرانياً في البحرين.

– في عام 2011 اعتُقل شخصان يحملان الجنسية الإيرانية، عقب محاولتهما اغتيال السفير السعودي السابق لدى واشنطن، عادل الجبير.

– دعمت القيادة الإيرانية وحزب الله اللبناني نظام بشار الأسد في الحرب السورية، التي بدأت 2011، حيث تدخّلا بشكل فعلي في هذا الصراع، من خلال إرسال قوات مقاتلة إلى جانب النظام، فيما تبنّت المملكة موقفاً داعماً للمعارضة.

– سيطر الحوثيون المدعومون من طهران، عام 2015، على أجزاء واسعة في اليمن، ولجأ الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إثر ذلك إلى السعودية، حيث بدأت قوات التحالف العربي، الذي تشكل لاحقاً بقيادة المملكة بقصف مواقع الحوثيين في اليمن.

– توصلت إيران خلال يوليو/تموز 2015، إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، مع دول (5+1) المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وكانت هذه الاتفاقية بمثابة إشارة لتحسن العلاقات الإيرانية مع الغرب، الأمر الذي أدّى إلى خلق تخوفات لدى المملكة وعدد من الدول الخليجية، من الامتداد الإيراني وتوسعه في المنطقة.  

– اتهمت إيرانُ السعوديةَ بالإهمال وإخفاء العدد الحقيقي لضحايا الازدحام الذي حصل في موسم الحج لعام 2015 في مِنى، والذي تسبب في مقتل أعداد كبيرة من الحجاج، بينهم مئات الإيرانيين.

– أعدمت السلطات السعودية في عام 2016، 47 محكوماً، بينهم رجل الدّين الشيعي نمر باقر النمر، وعبّر الشارع الإيراني عن سخطه بإحراق السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مشهد، الأمر الذي دفع المملكة إلى إعلان السفير الإيراني لدى الرياض شخصاً غير مرغوب فيه.

تحميل المزيد