أعلنت جماعة متمردة تشادية، الثلاثاء 20 أبريل/نيسان 2021، رفضها لإجراء عملية انتقالية يقودها مجلس عسكري بزعامة نجل الرئيس إدريس ديبي، الذي لقي حتفه أمس الإثنين، متعهدة بالزحف صوب العاصمة نجامينا.
حيث قال الناطق باسم جبهة التناوب والتوافق (فاكت)، كينغابي أوغوزيمي دي تابول، في اتصال هاتفي أجري معه من ليبرفيل عاصمة الغابون: "نرفض رفضاً قاطعاً المرحلة الانتقالية (…) ننوي مواصلة الهجوم"، مضيفاً: "تشاد لا يحكمها نظام ملكي. يجب ألا يكون هناك انتقال للسلطة من الأب إلى الابن".
المتحدث باسم الجبهة، التي تتقدم جنوباً قادمة من ليبيا، أشار إلى أن قواتهم في طريقها إلى نجامينا، "لكننا سنترك ما بين 15 إلى 28 ساعة لأبناء ديبي، لكي يدفنوا والدهم وفق العادات".
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، أعلن المتحدث باسم الجيش التشادي، عظيم برمينداو أجونا، في بث تلفزيوني، أن مجلساً انتقاليا يضم مجموعة من كبار ضباط الجيش اختار الجنرال محمد إدريس ديبي إيتمو، ابن ديبي، رئيسا مؤقتاً للبلاد.
حل البرلمان والحكومة
فيما ذكرت وسائل إعلام محلية، أنه تم حل البرلمان والحكومة على خلفية وفاة الرئيس، مشيرة إلى أن المجلس العسكري الجديد سيتولى الحكم لمدة 18 شهراً.
جاء ذلك عقب مقتل ديبي خلال مواجهات مع متمردين على حكمه، وذلك عقب يوم فوزه بولاية رئاسية سادسة، لينتهي بذلك حكمه الذي بدأ قبل 30 عاماً.
كان المسؤولون عن حملة ديبي الانتخابية قد أشاروا، الإثنين، إلى أنه توجه إلى الخطوط الأمامية للانضمام إلى القوات التي تقاتل "الإرهابيين".
يشار إلى أن تاريخ تشاد المستقلة يتضمن حلقات من التمرد المسلح من الشمال وليبيا والسودان المجاور، حتى إن ديبي نفسه وصل إلى السلطة بعدما قاد قوات من المتمردين سيطرت على نجامينا.
حكم طويل للرئيس المقتول
فقد استولى ديبي على السلطة في تمرُّد مسلح عام 1990، وهو أحد أكثر زعماء إفريقيا بقاء في السلطة، وحليف وثيق للقوى الغربية التي تقاتل الإسلاميين المتشددين في غرب ووسط إفريقيا.
واجه ديبي حركات تمرد متكررة في الصحراء الشمالية، ويتعامل أيضاً مع استياء شعبي متزايد على إدارته للثروة النفطية وحملات قمع للمعارضين.
جبهة التغيير والوفاق المتمردة المتمركزة على الحدود الشمالية مع ليبيا قامت بشق طريقها جنوباً بعد مهاجمة نقطة حدودية يوم الانتخابات ودعوتها إلى إنهاء رئاسة ديبي.
المتحدث باسم الجيش، عظيم برمينداو أجونا، كان قد قال لوكالة رويترز إن قوات الجيش قتلت ما يربو على 300 مسلح، وأسرت 150 يوم السبت في إقليم كانم على بُعد نحو 300 كيلومتر من نجامينا، وأضاف أن خمسة جنود حكوميين قُتلوا وأصيب 36.
فيما عرض التلفزيون التشادي الرسمي يوم الأحد الماضي صوراً لمركبات محترقة ولعدد صغير من الجثث مغطاة بالرمال، وهتف حشد من الجنود بجوار ما قال التلفزيون الرسمي إنهم عشرات من المتمردين الأسرى الذين جلسوا وأياديهم مقيدة خلف ظهورهم.
اضطرابات تدق أجراس الإنذار
كانت الاضطرابات قد دقت أجراس الإنذار بين الدول الغربية التي تعتبر ديبي حليفاً في قتال الجماعات الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك بوكو حرام في حوض بحيرة تشاد والجماعات المرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في منطقة الساحل.
يُشار إلى أن ديبي، البالغ من العمر 68 عاماً، فاز بولاية رئاسية سادسة، وحصل على 79.3% من أصوات انتخابات 11 أبريل/نيسان 2021، بعدما قاطعها كبار قادة المعارضة احتجاجاً على جهوده لتمديد حكمه المستمر منذ 30 عاماً.
كانت إعادة انتخاب ديبي متوقعة بشكل واسع، فيما لم يقبل التشاديون بحماسة على الانتخابات، لأنه كان يواجه ستة مرشحين لا ثقل سياسياً لهم، إذ إن السلطة أزاحت عن السباق -بموجب القانون أو العنف أو الترهيب- الشخصيات البارزة القليلة في المعارضة المنقسمة جداً.
جدير بالذكر أن ديبي كان ركز في حملته الانتخابية خصوصاً على "السلام والأمن"، اللذين يؤكد أنه مهندسهما في بلده، وكذلك في منطقة مضطربة، فتشاد التي لا تملك أي منفذ على البحر والمحاطة بليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وغيرها، مساهم رئيسي في مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل، عبر نشر قوات مدربة في مالي وأحياناً نيجيريا.