لا شكَّ أنّ الطبيعة تحكم الأرقام القياسية طوال الوقت، لكن رغم ذلك فإن هناك أحداثاً فريدة من نوعها، لدرجة أنها تستحق قائمة خاصة بها لصعوبة تكرارها.
أحداث طبيعية حطمت الأرقام القياسية
من الصواعق الأبدية مروراً بالهزات المستمرة منذ قرن، وصولاً إلى العاصفة المطرية التي استمرت مليون عام، تعرف على أبرز الأحداث الطبيعية التي حطمت الأرقام القياسية وفقاً لما ذكره موقع listverse.
صواعق ماراكايبو الأبدية
خلال الحقبة الاستعمارية الإسبانية في القرن الـ18، كان الملاحون في البحر الكاريبي يعتمدون على منارة كاتاتومبو الواقعة في شمال غرب فنزويلا ليجدوا طريقهم نحو اليابسة.
كانت المنارة تومض بألوان بيضاء وزرقاء وأرجوانية وحمراء، لكنها في الحقيقة لم تكن منارة حقيقية مثلما تظنون، وإنما كانت عبارة عن صواعق متتالية تضرب منطقة كاتاتومبو، التي يضربها سنوياً ما يقرب من 1.2 مليون صاعقة، الأمر الذي جعلها أكثر منطقة كهربائية في العالم.
كما يحب بعض الناس تسمية هذه المنارة الطبيعية بأسماء أخرى مثل "الصواعق الأبدية"، في حين يدعون أنّ هذا البرق ليس له صوت رعد لكنّ الحقيقة هي أنّ الناس لا يسمعون الصوت كونهم ينظرون للبرق من مسافات بعيدة.
وفي الحقيقة لا أحد يعرف لماذا هذه البقعة في فنزويلا شديدة الاضطراب، ولكن النظريات الرائدة تشير إلى أن البرق يمكن أن ينجذب إلى رواسب اليورانيوم والميثان في المنطقة، أو أن الهواء الرطب له علاقة به أيضاً.
أبرد سحابة
بما أنّ العلماء يحبون قياس كل الأشياء، فليس من الغريب أيضاً أنهم يقيسون درجة حرارة السحب، لكن الغريب في الأمر هو إحدى تلك السحب التي حطمت درجة حرارتها المنخفضة كل التوقعات وباتت أبرد سحابة في العالم.
في العام 2018، تمكن العلماء من اكتشاف هذه السحابة التي كانت تحوم فوق المحيط الهادئ وتعبث بالأقمار الصناعية، ووجدوا أنّ درجة حرارتها منخفضة لدرجة أنّ حتى أقمار الطقس العادية لم تتمكن من قياس درجة حرارتها.
لكن مستشعر الأشعة تحت الحمراء موجود على متن قمر صناعي تابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي Noaa تمكن من قياس درجة حرارة السحابة التي بلغت 111 درجة مئوية تحت الصفر.
وتم تفسير سبب هذا الرقم المنخفض بظاهرة تسمى "تجاوز القمم"، والتي تحدث هذا عندما يتجاوز الجزء العلوي من السحابة الطبقة الدنيا من الغلاف الجوي، ويدخل الطبقة التالية عالم بارد قارس يعرف باسم الستراتوسفير.
أطول الهزات الارتدادية
في العام 1872 هزّ زلزال كبير وسط ولاية واشنطن الأمريكية، لكن لم يتم تحديد مركز الزلزال الحقيقي لقلة الإمكانات حينها.
وبعد قرن من الزمن تساءل العلماء عن سبب تعرض بلدة تدعى Entiat تقع في الولاية ذاتها لزلازل كثيرة، وحينها لم يتوقع أحد منهم أنّ هذه الزلازل التي تتعرض لها البلدة هي عبارة عن هزات ارتدادية مستمرة منذ الزلزال الأساسي الذي حدث في العام 1872.
ولكن تغير رأي علماء الزلازل عندما بدأوا في العثور على توابع في جميع أنحاء العالم استمرت لفترة أطول من المتوقع، وبعد أن جمع الباحثون بيانات عن زلزال عام 1872، توافقت الهزات اللاحقة مع الهزات الارتدادية بكل الطرق تقريباً.
لتصبح هزات بلدة إنتيات هي أطول هزات ارتدادية تحدث لزلزال في العالم، فقد استمروا نحو 149 عاماً ولا يزالون حتى يومنا هذا.
تايفون أكبر عاصفة في العالم
صحيح أنّ تايفون ليس اسماً مألوفاً لأحد، لكن باعتباره اسماً لأكبر عاصفة في العالم فإنه بلا شك يستحق الذكر.
نشأت العاصفة فوق المحيط الهادئ في العام 1979، ونمت سريعاً لتتحول إلى إعصار عنيف يبلغ قطره نحو 2220 كيلومتراً، والسارّ في الموضوع أنه فقد بعضاً من قوته عندما اجتاح اليابان.
لكنّ السيئ هو أنه تسبب في وفاة نحو 90 شخصاً وإصابة المئات، إضافة إلى فيضانات وانهيارات طينية وتدمير نحو 20 ألف منزل.
العواصف الثلجية السوداء في الأحد الأسود الأمريكي
في ثلاثينيات القرن الماضي، كان الناس الذين يعيش في السهول الكبرى في الولايات المتحدة على دراية بشيء يسمى "العواصف الثلجية السوداء".
وكانت هذه العواصف ترابية شديدة الكثافة، لدرجة أنها أظلمت كل شيء من حولها، ولكن في عام 1935، منحت عاصفة بدأت يوم الأحد 14 أبريل/نيسان اسماً جديداً للعواصف الترابية وهو "Dust Bow" وفقاً لما ذكره موقع History التاريخي.
بدأ هذا اليوم مثله مثل الأيام الأخرى، ولكن فجأة بدأت العاصفة الترابية تأتي من بعيد، وسرعان ما اكتشف الناس أنها عبارة عن عاصفة تشبه وحشاً يبلغ طوله 1609 كيلومترات، حجب كل الأضواء بما فيها ضوء الشمس.
حتى إنّ العائلات التي تحتمي في منازلها لم تتمكن من رؤية بعضها البعض في نفس الغرفة.
كما تم تدمير الأراضي الزراعية الثمينة، ونفقت الكثير من الحيوانات، وأصيب أشخاص بالعمى، كما حوصر الناس داخل سياراتهم لساعات.
عاصفة بكين الترابية
في مارس/آذار 2021، جرفت عاصفة قوية الرمال من صحراء جوبي وانتقلت عبر منغوليا، وتسببت في فقدان 341 شخصاً ومقتل ما لايقل عن 6 أشخاص.
عندما وصلت إلى العاصمة الصينية بكين، تمكنت من إخفاء كامل معالم المدينة بما فيها ناطحات السحاب، حتى إنّ السماء باتت برتقالية اللون.
والسبب أنّ وكالات الأنباء المحلية قد أخطأت، فهذه العاصفة لم تكن رملية وإنما ترابية.
صحيح أنّ الاختلاف كان بسيطاً، لكن الواقع كان ينذر بالخطر بما أنّ التراب هو عبارة عن أجزاء أصغر من الرمل، ويبقى في الهواء فترة أطول، ويمكن استنشاقه بعمق أكبر في الرئتين.
الضباب القاتل في لندن
جميعنا نعلم أنّ أشهر ألقاب العاصمة البريطانية لندن هو "مدينة الضباب"، نظراً لتواجد الضباب لفترات طويلة في المدينة.
لكن في العام 1952 لم يكن الضباب الذي ظهر في ديسمبر/كانون الأول واستمر 5 أيام مجرد زائر محبوب يظهر لك الأفق باللون الأبيض الكامل ويخفي معالم الشوارع وحسب، بل تسبب أيضاً في نقل أكثر من 150 ألف شخص إلى المستشفيات.
بقي سرّ الضباب القاتل هذا لغزاً محيراً حتى العام 2016، عندما اتفق الباحثون أنّ لديهم أدلة كافية لإلقاء اللوم على سبب ظهور الضباب القاتل، وهو: "حرق الفحم".
إذ أظهرت الاختبارات أن تلوث الهواء الناجم عن انبعاثات الفحم أدى إلى تغيرات كيميائية في الطقس أدت في النهاية إلى إضافة حمض الكبريتيك إلى الضباب.
في ذلك الوقت كان يُعتقد أن عدد القتلى بلغ 4 آلاف شخص بشكل مأساوي، ولكن الرقم الحقيقي كان أقرب إلى نحو 12 ألف شخص، ونفوق أعداد كبيرة من الحيوانات، بالإضافة إلى أنّ هذا الضباب هو أسوأ حدث لتلوث الهواء في تاريخ أوروبا.
دخان حرائق دار الأرض خلال أسبوعين
عندما انتهى موسم الحرائق الأسترالي في عام 2020، كانت الأضرار في الغابات هائلة، ولفهم ما حدث قام العلماء بدراسة الكارثة من جميع الزوايا، ولكن أولئك الذين نظروا إلى الأعلى وجدوا بعض الأشياء المثيرة للاهتمام.
فقد دفعت الحرائق المزيد من الدخان إلى الغلاف الجوي أكثر مما توقعه أي شخص، وفي الواقع كان رقماً قياسياً من بين جميع الحرائق الأخرى التي حصلت في العالم.
بالإضافة إلى أنّ الدخان بدأ بالدوران حول الأرض بعد أن غادر الساحل الشرقي لأستراليا وعاد إليها من الساحل الغربي في رحلة استغرقت نحو إسبوعين فقط، أسبوعين وهو رقم قياسي لحدث بهذا الحجم.
عاصفة ممطرة استمرت مليون عام
انتهى العصر الثلاثي أو كما يسمى أيضاً العصر الترياسي منذ حوالي 233 مليون سنة، وقد شهد هذا العصر واحداً من أهم الأحداث التاريخية في العالم وهو حدث كارنيان بلوفيال والذي بدأت فيه الأمطار بالتساقط ولكنها لم تتوقف سوى بعد مليون عام.
لا شكّ أنّ هذا الحدث هو أحد الألغاز المحيرة للعلماء الذين توقع بعضهم أن سبب هذه العاصفة كان التغير المناخي وانفجار البراكين.
كما وجدت دراسة نشرت في العام 2020 أنّ هذه العاصفة المطرية تسببت بانتشار الحمم البركانية على مسافة آلاف الأميال، فقتلت ثلث الكائنات التي تعيش في البحار، وتسببت بانقراض عدد لا يحصى من النباتات والحيوانات على اليابسة، بالإضافة إلى هذا كله مهدت لظهور الديناصورات التي حكمت الأرض لمدة 150 مليون سنة قادمة.