يمكنك أن تتحدث طوال اليوم، ولكن الأفعال دائماً تكون لها الكلمة الأخيرة.
هذا هو شعار الكلاسيكو، أن تنتهي مباراة بخسارة برشلونة بعد استحواذ على الكرة وصل 69%، وبأفضل أداء لبرشلونة في مباريات الكلاسيكو في آخر 5 أعوام. وعلى الرغم من هذا لم يكن الشعور بعدم استحقاق ريال مدريد ظاهراً مثل أرقام برشلونة الإيجابية، فبتسديد لاعبي برشلونة ثماني عشرة تسديدة، منها أربعة على المرمى، سدد ريال مدريد أربع عشرة تسديدة، منها ثلاث على المرمى، ودخل منها هدفان، واستطاع القائم إنقاذ برشلونة من تسديدة فالفيردي "ودعاء المشجعين".
ولكن كيف استطاع زيدان مع ضغط المباريات الحصول على ثلاث نقاط بعد فوزه على ليفربول؟ كل هذا يُحسب بشكل ما للفرنسي بحصوله على ما يريد من تلك المباريات، لكن لا يمكننا أن نغض الطرف أيضاً عن سوء حظ الهولندي رونالد كومان، المدير الفني الأقل حظاً في تاريخ كرة القدم، ابتداءً بحربه مع الإصابات، ودخول العناصر الشابة لتشكيل برشلونة بشكل أصبح أساسياً، وغياب اللاعبين المؤثرين في التشكيل الأساسي، بل وغياب البدلاء، فأصبح كومان يحتضن ميسي ويحاربون الجميع.
حتى إن لاعبي برشلونة مؤخراً أصبحوا يتنافسون ويتفننون بشكل عجيب كل مباراة في كيفية القيام بأخطاء فردية تُكلف الفريق خسارة النقاط والمباريات، بشكل لا يمكن للهولندي التدخل فيه، حتى وصل هذا الأمر ذروته في المباراة الأخيرة، التي لم يستحق الفريق خسارتها على الإطلاق، بل على أقل تقدير لو تحركت العارضة العلوية للحارس كورتوا، وزاد ارتفاع المرمى فأصبح 2 متر و46 سم بزيادة 2 سم لاستطاع برشلونة على أقل تقدير التعادل، وحينها يكون الأمر أيسر بكثير وعادلاً.
وبالنظر إلى مدى خطورة مدريد على مرمى برشلونة، وخصوصاً في الشوط الأول، نجد ما يتكرر دائماً في دفاعات برشلونة، التي تستطيع أن تصنع منها نجوماً لمجرد قدرتهم على الركض والمراوغات، ولكن ماذا يمكن لبرشلونة أن يفعل في موسم كهذا وبلاعبين كهؤلاء؟
وفي الهزائم دائماً ما تكمن الانتصارات، وهذا ما رأيناه في مينجويزا، المدافع الشاب الذي صنعت منه الظروف مدافعاً يمكن أن يشكل اطمئناناً، وأن يكون له دور في برشلونة المستقبل مع التطور واكتساب الخبرات.
أما برشلونة الحاضر فأصبحت الأمور أكثر تعقيداً في ترتيب الدوري الإسباني، فأصبحت فرص الحصول على الدوري الإسباني هذا العام أقل بكثير مما كانت قبل الكلاسيكو، وتحوّلت تلك الفرص إلى ريال مدريد، الذي أصبح الآن متصدراً مؤقتاً حتى مباراة أتليتكو مدريد أمام ريال بيتيس، لتشتعل الليغا الإسبانية، ويصبح البطل حتى الآن غامضاً، بل وصل الأمر لصعوبة توقع اسمه.
فريال مدريد "زيزو" الذي أصبح الآن يعرف كيف يفوز في المباريات ويحسم الأمور منذ الدقائق الأولى والشوط الأول، كما فعل في مباراة ليفربول، واليوم مع برشلونة، أصبح أكثر شراسة وأكثر خطورة على المنافسين عكس أول الموسم.
فارتفعت فرص ريال مدريد وما زالت ترتفع في المنافسة على الثنائية "الدوري الإسباني ودوري الأبطال"، ليخرج من موسم لم تكن تطمح الجماهير فيه إلى المنافسة على أية ألقاب بأكثر ما يمكن من المكاسب.
ريال مدريد بدأ نجومه في السطوع مرة أخرى، وفي المباريات الحاسمة والكبيرة، فما زال كريم بنزيما هو السلاح السري لمدريد، الذي لا نراه كثيراً بشكل جيد، ولكن إذا تكلم أوجع، وفينيسوس جونيور الذي بدأ الحظ في الابتسام له بعض الشيء، فأصبح ذا خطورة على مرمى المنافسين، فبأكثر من هجمة شاهدنا فينيسوس يراوغ ويمر، ويكلف مدافعي برشلونة الأخطاء، بل والإنذارات.
وببروز دور مودريتش وكرو، فإنهما مستمران في إثبات أنهما العمود الفقري لريال مدريد، وأنهما من يحملان الشعار ويحملان ريال مدريد فوق رأسهما.
حتى مع غياب التواجد الهجومي لميندي، وبتواجد على استحياء من فاسكيز، ما زال كروس ومودريتش يصنعان الفرص للثنائي الهجومي بكثافة، وبشكل يمكن الهجوم المدريدي من إنهاء المباريات الكبيرة منذ البداية وبلا صعوبات أو ضغوطات.
نعم ما زال مدريد في حاجة إلى اسم كبير يضيف إلى خط الهجوم، لكن ما يفعله خط الوسط الملكي يجبرنا على احترامه وتقديره، في ظل الظروف الصعبة الحالية للفريق.
كما أنهما يقومان بدورهما الدفاعي على أكمل وجه وبكل جهد، رغم ارتفاع المعدّل العمري، الذي قد يشير إلى قلة الفاعلية، ولكن على عكس هذا نرى كروس يقوم بالضغط طوال المباراة وبجواره لوكا، فيمثلان الجدار الحاجز أمام خط الدفاع، الذي لا يسمح لبرشلونة بالراحة في ممارسة عادته المفضلة في تبادل الكرات أمام منطقة الخصم، أو حتى في منطقته، فوجدنا ضغطاً هائلاً على خط الدفاع في أكثر من كرة، كاد أن يكلف الكتالونيين هدفاً في أكثر من مناسبة.
ولا عجب أن زيدان ما زال محظوظاً جداً بتواجد هذه الأسماء وهذه الروح بين فريقه، بشكل يرفع الطموحات والأماني عند مشجعي الملكي.
لكن هل يمكننا فعلاً أن نجعل هذا اللقاء بمثابة خروج للبرسا بشكل رسمي من المنافسة على الليغا، أو حتى الابتعاد بشكل كبير عنها؟
نعم يمكننا أن نقول إن القادم على الأوراق قد يكون أسهل على ريال مدريد، لكن دائماً كرة القدم لا تعرف ولا تعترف بالأوراق، فلا تتعجب إذا شاهدت ميسي يحمل درع الدوري الإسباني بعد خسارة ريال مدريد من فريق كان ينافس على الهبوط.
فتلك دروس كرة القدم، التي دائماً ما تعطيها للجميع، لكي لا يأمنوا القادم ويحاربوا حتى آخر صافرة.
نعم مباراة السبت قد تكون دفعة كبيرة لريال مدريد، وترفع من معنويات الفريق بأكمله في المنافسات المحلية والأوروبية القادمة. ويمكن أيضاً أن تكون دفعة للمنافسين، وعلى رأسهم أتليتكو مدريد، الذي ما زال الفريق الأكثر حظاً في المنافسة حتى الآن.
فما زال للحديث بقية، وما زالت الكرة في ملعب الجميع.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.