وافق مجلس الشيوخ الفرنسي، الأربعاء 7 أبريل/نيسان 2021، على مقترح حظر الممارسات الدينية بأروقة الجامعات، في أحدث تعديل على مشروع قانون محاربة "الانفصالية الإسلامية" المثير للجدل، والذي شهدت التعديلات الأخيرة منه انتقادات واسعة.
وفي أثناء مناقشة مشروع القانون، الذي أصبح اسمه لاحقاً "مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية"، اقترح الحزب الجمهوري إضافة بند يحظر الصلاة في أروقة الجامعات، وكذلك يحظر الأنشطة الدينية التي قد تعرقل الأنشطة التعليمية.
وعلى الرغم من اعتراض أعضاء مجلس الشيوخ من حزب اليسار ووزير التعليم جان ميشيل بلانكير، على الاقتراح، فإنه تم تمريره مساء الأربعاء، بأصوات أعضاء المجلس المنتمين لأحزاب اليمين.
وفي 16 فبراير/شباط الماضي، أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) مشروع القانون الذي طرحه الرئيس إيمانويل ماكرون، العام الماضي، لمحاربة ما يسمى "الانفصالية الإسلامية".
فرنسا تستهدف المسلمين
الأربعاء 31 مارس/آذار الماضي، صوّت أعضاء البرلمان الفرنسي بالأغلبية، على تعديل جديد يمنع بموجبه ارتداء الحجاب لدى مرافقي الأطفال في الرحلات المدرسية.
وصوّت مجلس النواب الفرنسي، ضمن ما يسمى "قانون الانفصالية"، بـ177 صوتاً مقابل 141 صوتاً معارضاً، لينجح الجمهوريون ومجموع النواب المنتمين إلى التجمع الديمقراطي الاجتماعي الأوروبي في تمرير التعديل.
عضو مجلس الشيوخ الفرنسي ماكس بريسون، قال: "إننا نقف اليوم جميعاً من أجل الدفاع عن حيادية المَدرسة الفرنسية وحيادية باقي التلاميذ"، كما اعتبر النائب الجمهوري أن التصديق على هذا القانون يمثل "احتراماً لقيم الجمهورية القائمة على أساس علمانية الدولة الفرنسية".
ويأتي هذا في وقت يعيش فيه مسلمو فرنسا ضغوطات كبيرة؛ حيث أقر في وقت سابق، المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) ما يُعرف بـ"ميثاق الأئمة"، الذي يضع إطاراً لممثلي الاتحادات الإسلامية الفرنسية لتحويل الإسلام في فرنسا إلى "إسلام فرنسي"، بناءً على طلب من الرئيس إيمانويل ماكرون.
كما كان ماكرون قد كلّف المجلس، الذي تعتبره الحكومة الفرنسية الممثل الفعلي للاتحادات الدينية الإسلامية، بصياغة "ميثاق التزامٍ بالقيم الجمهورية الفرنسية" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
بناءً على رغبات الرئيس الفرنسي، فإن هذا الميثاق يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع إنشاء ما يُعرف بـ"المجلس الوطني للأئمة" (CNI)، وهو المجلس الذي سيُمنح حصرياً المسؤولية عن تدريب الأئمة وشهاداتهم وتحديد مدى انصياعهم وتوافق اتجاهاتهم مع الميثاق.
الوثيقة، التي أُعيدت تسميتها بـ"ميثاق المبادئ" الجمهورية، تحدد بنودها العشرة ما يُطلق عليه القيم الجمهورية التي يجب أن يلتزم بها جميع الأئمة في فرنسا، كما يقول موقع Middle East Eye البريطاني.
وتنص سطور النص المعتمد على أنه "لا يمكن الركون إلى أي قناعة دينية على الإطلاق كعذرٍ للإعفاء من الواجبات المفروضة على المواطنين الفرنسيين".
وتشدد الوثيقة صراحةً على قضايا مثل المساواة بين الرجل والمرأة، وتوافق العقيدة الإسلامية مع علمانية الجمهورية الفرنسية، مع التركيز على "محاربة توظيف الإسلام لأغراض سياسية" و"عدم تدخُّل دول أجنبية" في شؤون ممارسة المسلمين لعبادتهم بفرنسا.
وقبيل توقيع الميثاق، انسحبت ثلاثة اتحادات إسلامية من النقاشات، حيث كانت نقاط الخلاف الرئيسية التي عبَّر عنها الرافضون، تتمحور حول تعريف "التدخلات الخارجية" و"تعريف دقيق للإسلام السياسي"، إضافة إلى مسألتي "الردة في الإسلام"، و"المساواة بين الجنسين".
الجالية المسلمة بفرنسا
يأتي هذا في ظل تنامي الإحساس بين المسلمين في فرنسا باستهدافهم من قِبل السلطات، خاصة بعد تبني الحكومة لمجموعة من القوانين وإصدار قرارات ترى فيها الجالية المسلمة في فرنسا "استهدافاً للإسلام"؛ إذ يُعد الإسلام هو ثاني دين بعد المسيحية انتشاراً في فرنسا، حسب الأرقام التي قدمها المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية، كما أن 82% من مسلمي فرنسا هم من الجالية المغاربية.
لأكثر من عقد، كان المجتمع المسلم بفرنسا في القلب من جدالاتٍ سياسية لا حصر لها، حول ما إذا كانت التعبيرات الواضحة عن التديُّن، مثل الحجاب، متماشيةً مع التفسيرات الأجدد للمفهوم الفرنسي عن العلمانية. وقد حذَّرَ المنتقدون والمدافعون من أن التشريع والخطاب العام يؤدِّيان إلى وصم المسلمين في البلاد، مع تحريف التعريف القانوني للعلمانية.