أصبحت غواصات روسيا قادرة على إطلاق مركبات نووية مسيرة آلياً تتحرك في الأعماق بسرعة فائقة.
فلقد بدأت مرحلة ما بعد التجارب بالنسبة لغواصة روسية محملة بالمركبات النووية "بوسيدون" المسيرة آلياً، مما يعنى أن هذا السلاح المدمر اقترب من الدخول لنطاق العمل الفعلي، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
ونقلاً عن مصدر مقرب من وزارة الدفاع الروسية، ذكرت وكالة الأنباء الحكومية الروسية (تاس) مؤخراً أن الغواصة "بيلغورود" ذات الأغراض الخاصة سيتم تكليفها لدخول الخدمة في أسطول المحيط الهادئ الروسي بعد اجتيازها تجارب رسمية، لتحمل هذه المركبات.
وهذه الغواصة ستكون قادرة على استيعاب ما يصل إلى ست مركبات بوسيدو، وتخطط موسكو لنشر ما يزيد قليلاً عن ثلاثين من الغواصات الآلية من طراز بوسيدون أي أنها تحتاج إلى غواصات إضافية.
مركبات نووية مسيرة آلياً
وبوسيدون (Poseidon) هي مركبة ذاتية القيادة تعمل بالطاقة النووية ومسلحة نووياً أيضاً وتعمل تحت الماء وقادرة على إطلاق الرؤوس التقليدية والنووية.
فهي عبارة عن غواصة روبوتية صغيرة على شكل طوربيد يمكنها التحرك تحت الماء بسرعة تصل إلى أكثر من 185 كم/ساعة، فيما تتحدث تقديرات أخرى عن سرعة قصوى تبلغ 100 كم/ساعة، بمدى يصل إلى 10000 كم وبعمق أقصى 1000 متر.
وحسب عدة مصادر دفاعية سرية وخبراء شركة جنرال إلكتريك الأمريكية فإنهم توقعوا أنها تعمل بمفاعل نووي مدمج مع تبريد بالغاز.
ويقول مصممو الغواصة الروسية إن المفاعل منخفض الطاقة حتى تكون المركبات أقل صخباً.
تستطيع التخفي بطرق عدة ولها أسلوب خاطف في مهاجمة الموانئ
ولدى هذه المركبات خاصية التخفي لتفادي أجهزة التتبع الصوتية، كما تستخدم بوسيدون استراتيجية تشغيل صامت مثل الغواصات الأخرى، كما تحاكي ضجيج السفن المدنية.
أما ميزة التخفي الرئيسية الخاصة بها فهي سرعتها المنخفضة جداً قبل أن تصل إلى المنطقة المستهدفة، حيث يتم تنشيط وضع السرعة العالية عند الوصول إلى مدى قصير من الهدف (2-3 كيلومترات)، وعندما يكون احتمال اكتشاف المركبة أعلى بكثير، حيث تصل إلى سرعة عالية فقط في المرحلة النهائية، عندما تتوجه للموانئ المعادية.
قد يكون العمق النموذجي لغوص هذه المركبات حوالي 50-100 متر لزيادة ميزات التخفي في وضع التخفي منخفض السرعة.
ويُفضل العمق الأقل في وضع التخفي لأن الموجات الصوتية تتحرك إلى قاع المحيط وتقلل من نصف قطر الاكتشاف، وتستخدم الغواصات نفس الاستراتيجية في وضع التشغيل الصامت.
يبلغ قطر المركبات من 1.6 إلى مترين وطولها 24 متراً.
وبناء على حجمها يعتقد أنها قادرة على حمل قنبلة نووية بقدرة كبيرة ولكن هناك اختلاف كبير في تقدير قوتها بين 2 إلى 100 ميغاطن.
ومركبات بوسيدون هي واحدة من ستة أسلحة استراتيجية روسية جديدة أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 1 مارس/آذار 2018.
أين ستعمل هذه الغواصات؟
ستعمل غواصة بيلغورود في المحيط الهادئ بعد بدء التشغيل، "وفقاً للمعلومات الأولية".
ومع ذلك، ستكون قادرة على أداء مهام في أي مكان في محيطات العالم، حسب المجلة الأمريكية.
من المقرر أن تدخل بيلغورود في تقييم رسمي في مايو/أيار 2021، بعد تأخير حدث بسبب جائحة فيروس كورونا.
وبيلغورود هي غواصة ضخمة مخصصة للأغراض الخاصة تم بناؤها من بدن غواصة صواريخ كروز Oscar-II غير المكتملة.
ويبدو أن بيلغورود هي أول غواصة تحمل مركبات بوسيدون المسيرة.
مع تاريخ بنائها الفريد، لا يمكن إعادة إنتاج الغواصة بيلغورود بسهولة؛ لن يكون القيام بذلك فعالاً من حيث التكلفة بأي حال من الأحوال.
بدلاً من ذلك، وضعت البحرية الروسية خططاً لبناء خط جديد من الغواصات المصممة خصيصاً لاستيعاب مركبات بوسيدون.
من المتوقع على نطاق واسع أن تكون الغواصة الروسية فئة خاباروفسك، هي المكلفة بهذه المهمة عبر إنتاج أربع غواصات منها وستكون قادرة على حمل ما يصل إلى ثماني مركبات بوسيدون.
من المتوقع أن يتم تشغيل الغواصة الرئيسية خاباروفسك في عام 2023، على أن تليها الغواصة الثانية -أوليانوفسك- بحلول عام 2027.
تسونامي مشع
يمكن لمركبات بوسيدون تفجير رأس حربي نووي تحت سطح الماء بـ"آلاف الأقدام"، بهدف توليد تسونامي مشع قادر على تلويث كل شيء داخل منطقة تأثير كبيرة.
وهي قادرة على تدمير المدن الساحلية الكبيرة وبالتالي تشكل تهديداً استراتيجياً واضحاً ضد البنية التحتية الأمريكية.
وبتفاخره بسرعة قصوى تبلغ مئتي كيلومتر وأقصى عمق كيلومتر واحد لهذه المركبات الغواصة، يعتقد الكرملين أن المركبة بوسيدون تبحر بسرعة كبيرة وعلى أعماق سحيقة بحيث لا يمكن اعتراضها بشكل موثوق.
ويمكنها أيضاً تنفيذ مناورات مراوغة "ثلاثية الأبعاد" لتعزيز قدرتها على البقاء. ويرى الخبراء العسكريون الروس أن بوسيدون يمكن أن تستخدم أيضاً في ساحة المعركة كسلاح تكتيكي ضد مجموعات حاملة الطائرات الأمريكية الضاربة وغيرها من الأصول البحرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).