قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، السبت 3 أبريل/نيسان 2021، إنه يتوقع من جميع الإثيوبيين العمل مع أجهزة إنفاذ القانون لإحباط ما وصفه بـ"خطط المجرمين" الذين يريدون منهم التخلي عن أحلامهم في تحديث بلدهم، مشدّداً على أن "نمو إثيوبيا لدينا هو نمو قارتنا (إفريقيا)".
جاء ذلك في كلمة له خلال إطلاقه مشروع استخدام تقنية "الاستمطار الصناعي" لاستدرار الأمطار، تزامناً مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات.
حيث قال آبي أحمد إنه "تم الانتهاء من تطبيق تجربة تقنية الاستمطار الصناعي بنجاح. وهذا يدل على أن عمل بلادنا في مجال توليد الطاقة والري يمكن أن يُدعَم بصب المزيد من الأمطار"، مطالباً جميع أبناء شعبه بالعمل من أجل "إنفاذ القانون لمساعدتنا على التركيز على هذه الجهود لتحديث البلاد"، موجهاً الشكر لأولئك الذين شاركوا في العملية التجريبية الخاصة بالاستمطار الصناعي.
يشار إلى أن عملية "الاستمطار الصناعي" تُعدّ من الحلول المطروحة لعلاج قلة نسبة الإمطار وحدة الجفاف عموماً، وتهدف لاستمطار السحب صناعياً وحفزها على إسقاط محتواها من بخار الماء والمياه الكامنة فيها، أو الثلوج المتجمدة فوق مناطق جغرافية محددة، من خلال عوامل كيميائية أو بيولوجية محددة يتم إسقاطها في كتلة السحابة؛ بهدف زيادة كثافة السحابة، وزيادة كثافة بخار الماء الذي يسقط فيما بعد على هيئة مطر وثلج.
هذا النهج بدأت أكثر من دولة عربية في تطبيقه. وهو عملية تغيير متعمدة للطقس إلى حد كبير.
إنتاج الكهرباء في أغسطس
في السياق ذاته، أعلن وزير الري الإثيوبي، سلشي بغلي، السبت 3 أبريل/نيسان 2021، تطلع بلاده إلى إنتاج الطاقة الكهربائية من سد النهضة خلال شهر أغسطس/آب المقبل، بعد انتهاء مرحلة الملء الثاني للسد التي أكد أنهم يستعدون لها، والتي من المقرر أن تبدأ في يوليو/تموز المقبل.
جاءت تصريحات المسؤول الإثيوبي في كلمة له نشرتها الوزارة الإثيوبية على موقعها بشبكة الإنترنت.
يشار إلى أن إثيوبيا كانت قد بدأت بناء سد النهضة المثير للجدل في أبريل/نيسان 2011 بهدف إنتاج الطاقة الكهرومائية بولاية بني شنقول الإثيوبية القريبة من الحدود السودانية، من أجل مواجهة النقص الذي تعاني منه في مجال الطاقة الكهربائية وبهدف السعي إلى تصدير الكهرباء إلى دول أخرى.
الضغوط "أمر غير مقبول"
فيما أشار ديميكي ميكونن، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي، إلى أن بلاده ستحافظ على استفادتها العادلة من سد النهضة، وستظل تسعى لحل مخاوف دول المصب (مصر والسودان) من خلال المفاوضات السلمية.
إذ قال ديميكي، في رسالة تهنئة بمناسبة الذكرى العاشرة لبدء بناء السد، إنهم ينفذون هذا المشروع بمواردهم الخاصة، وفي أراضيهم ذات السيادة، بهدف إفادة مواطنيهم، مشدّداً على أن ما وصفه بالضغط غير المرغوب فيه، ومحاولة استمرار النظام غير العادل أمر غير مقبول.
كما أضاف نائب رئيس الوزراء أن إثيوبيا تعطي أولوية كبيرة لسد النهضة، نظراً لأهميته، مستطرداً: "بعد أن وضعنا حجر الأساس قبل عشر سنوات، نقترب الآن من مرحلة الانتهاء من البناء، وهذا يدل على الأهمية التاريخية للمشروع".
بينما أشار إلى أن "فوائد سد النهضة ليس فقط في تحسين الإمداد بالكهرباء لإثيوبيا بشكل كبير، لكن أيضاً لتمهيد الطرق لخلق تكامل قوي في تطوير قطاع الطاقة بين دول المصب والمنطقة ككل، كما يشير إلى المزايا الاقتصادية للسد".
بدء جولة جديدة من المفاوضات
إلى ذلك، بدأت في العاصمة الكونغولية كينشاسا، السبت، جولة جديدة من المباحثات الفنية لسد النهضة، برعاية الاتحاد الإفريقي، وذلك بحضور وزراء الخارجية والري في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، في ظل تمسك كل طرف بمواقفه المختلفة.
كانت مصر والسودان قد أعلنا، الجمعة 2 أبريل/نيسان 2021، المشاركة في جولة المفاوضات الجديدة التي تستضيفها الكونغو، والتي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، وذلك يومي السبت والأحد.
يذكر أن المفاوضات الثلاثية كانت قد توقفت لأكثر من ثلاثة أشهر إثر الفشل في التوصل إلى اتفاق مرضٍ بين الجميع.
ونقلت قناة الجزيرة عن مصادر قولها إن وزيرة خارجية الكونغو تعقد اجتماعات تمهيدية ثنائية مع نظرائها من الدول الثلاث، في محاولة لتهيئة أجواء مناسبة لإنجاح المفاوضات.
اختتام المناورات العسكرية السودانية المصرية
في السياق ذاته، تُختتم المناورات العسكرية بين السودان ومصر، الأحد 4 أبريل/نيسان 2021، بمدينة مَرَوي شمالي السودان، طبقاً لما أورده المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة السوداني، العميد الطاهر أبوهاجة، الذي قال إن تلك المناورات تجسد ما وصفه بعمق العلاقات بين البلدين ومتانتها.
أبوهاجة لفت، في تصريحات له، إلى أن المناورات تكشف الاستعداد والجاهزية الدائمة للدفاع عن المصالح الاستراتيجية والحيوية للبلدين، وضرورة التضامن فى مواجهة التحديات والأزمات، مشدداً على أن "صون الأمن القومي للدولتين، وأمن المنطقة يستوجب وجود الدولتين فى خندق واحد لمواجهة التحديات والتهديدات".
الاتحاد الإفريقي يدعو إلى إنجاح وساطته
كان الاتحاد الإفريقي قد دعا، الخميس 1 أبريل/نيسان 2021، إلى تزويده بالقدرات الفنية والسياسية والقانونية اللازمة لإنجاح دوره في الوساطة بقضية "سد النهضة".
جاء ذلك خلال اجتماع بين رئيس مجلس السلم والأمن والاتحاد الإفريقي محمد إدريس فرح، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، في الخرطوم.
إذ نقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية عن فرح، قوله إن اللقاء أكد "ضرورة تزويد الاتحاد الإفريقي بالقدرات الفنية والسياسية والقانونية اللازمة لإنجاح دوره في الوساطة بقضية سد النهضة".
بدوره قال البرهان، إن "السودان حريص على ضرورة إيجاد الحلول لكافة قضايا القارة الإفريقية من خلال جهود الأفارقة أنفسهم".
تجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا تصر على أن يقود الاتحاد الإفريقي منفرداً مفاوضات السد، ورفضت في 9 مارس/آذار الماضي، مقترحاً سودانياً أيدته مصر، يقضي بتشكيل وساطة رباعية دولية، تضم الاتحادين الإفريقي والأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة؛ لحلحلة المفاوضات المتعثرة.
تهديدات السيسي
كان السيسي قد صرّح، الثلاثاء 30 مارس/آذار 2021، بأن استقرار المنطقة بأَسرها سيتأثر بردّ فعل مصر في حالة المساس بإمداداتها من المياه بسبب سد النهضة الإثيوبي.
فقد حملت تصريحات الرئيس المصري في طياتها أقوى لهجة تهديد لإثيوبيا منذ نشوب أزمة سد النهضة قبل عقد.
إذ قال السيسي، رداً على سؤال بشأن وجود أي خطر على مصر: "أنا مبهددش حد، وعمرنا ما هددنا، وحوارنا رشيد جداً"، مضيفاً: "محدش هيقدر ياخد نقطة مياه من مصر واللي عاوز يجرّب يقرب.. إحنا ما بنهددش حد، وإلا هيبقى فيه حالة عدم استقرار في المنطقة لا يتخيلها أحد.. ولا يتصور أحد إنه بعيد عن قدرتنا.. المساس بمياه مصر خط أحمر وسيؤثر على استقرار المنطقة بشكل كامل".
بينما قال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الأسبوع الماضي، إن بلاده "ليست لديها أي رغبة على الإطلاق، في التسبب بضرر لا لمصر ولا للسودان. لكننا لا نريد أيضاً ألا نعيش في ظلام".
من المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية لملء السد للعام الثاني، بعد بدء الأمطار الموسمية هذا الصيف، وتحديداً خلال شهر يوليو/تموز المقبل.
فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
بدوره قال وزير الري السوداني ياسر عباس، إنه لا يمكنهم الاستمرار في "هذه الحلقة المفرغة من المباحثات بشأن سد النهضة إلى ما لا نهاية"، مشدداً على أن "المفاوضات انتهت إلى الفشل".
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.