ما يجري في لبنان من تبادل اتهامات ولكمات متبادلة بين خلان الأمس، أخصام اليوم، هو دليل قاطع على حالة الإفلاس السياسي والإنساني لدى عصبة الإنقاذ الحاكمة. هم بالفعل يريدون إنقاذ مكاسبهم التي حققوها في الزمن الجميل، زمن ارتكابهم ما هب ودب من موبقات حتى بات الدين العام يربو على المئة مليار دولار ويترافق ذلك مع بلوغ القطاع الصحي في أيامنا هذه حالة الانهيار التام، بفعل جائحة كوفيد 19؛ حيث تواجه هذه الجائحة بمعزوفة من الأكاذيب اليومية تطلقها لجان مختلفة ووزارات ذات صلة حول اللقاحات من أجل تخدير المواطن العادي، علماً أن مناعة القطيع قد تحققت بالنسبة للطغمة الحاكمة؛ حيث حرمت مستحقي اللقاحات منها بعد أن حولتها إلى حاشيتها، وما يؤكد ذلك ما جرى من فضيحة تطعيم بعض النواب إضافة إلى طابور من المتواجدين في القصر الجمهوري.
ناهيك عن أن اللبناني في قابل الأيام إن بقي على قيد الحياة سيبقى يرى القمر في السماء، لكن سوف يحلم برؤية رغيف الخبز ولن يراه، هي مجاعة قادمة.
وعلى ما يبدو أيضاً، فإن رحلات الرئيس المكلف إلى الدول المختلفة واستقبال الرئيس الحريص على صلاحيات الرئاسة لسفراء الدول الأجنبية تتقاطع في هدف واحد، هو إثبات موهبتهم في التحدث بلغات أجنبية لا أكثر ولا أقل.
وبات ما هو أغرب من الخيال محتملاً، حيث هناك احتمال جدي لوجود اتفاق ضمني بين الرئيس المكلف مع الرئيس الحريص على صلاحيته، على عدم تأليف الحكومة مهما كان شكلها، لأن أية حكومة لن تستطيع إنقاذ دولة لبنان من مصيرها المحتوم، وهو الانهيار التام، ومن خلال هذا الجو المحموم يستطيعون إخفاء هذه الحقيقة عن الشعب المسكين، خصوصاً أن أمراء الطوائف باتوا مقتنعين بأنهم عاجزون بشكل تام عن تقديم أي اقتراح جدي يساهم في خروج بلدهم – المزرعة من دوامة الأزمات.
لذلك يحاولون رمي الكرة اللبنانية الملتهبة في حضن الدول المجاورة والبعيدة علّهم يخدعون تلك الدول ويستدرجونها إلى الغرق في رمال لبنان المتحركة، لكن مثل هذا الأمر لن يحدث إطلاقاً؛ لأن من استغبى الناس هو أغبى الناس، وبذلك من المفترض أن يدخل لبنان في غيبوبة لن يخرج منها إلا على طاولة تشريح الخرائط الجديدة للنظام الإقليمي القادم، ومن لا يفقه في أن صراع الأمم هو أمر واقعي يترتب عليه تغير الحال، يتلهى في المناكفات في لعبة تافهة تشبه ألعاب شذاذ الآفاق، وفي النهاية إن شُكلت الحكومة من المؤكد أنه لا ينتظرها أحد، وإن لم تشكل فهذا شأن لم يعد يهم أحد، لا من اللبنانيين الشرفاء ولا من المجتمع الدولي، خصوصاً بعد دخول لبنان في حالة الموت السريري وما سوف يتبعه. فهنيئاً لكم يا مافيا الطائفية على اختياركم "بي الكل" قبطاناً لمركب غرق، مركب لبنان في بحر الجوع والانحلال والفوضى، بقي عليكم في انتخابات الرئاسة القادمة التوافق على اختيار "أم الكل" لتنظيم عملية دفن لبنان بلياقة وحنان، إن لم يدفن قبل بلوغ ذلك الاستحقاق.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.