تسيّب ونقص الإمكانيات ورشاوى.. قبطان أبحَرَ بقناة السويس 36 سنة يتحدث عن ظروف قد تكون سبباً بالكارثة

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/26 الساعة 09:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/26 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش
قناة السويس - رويترز

نقلت صحيفة "The Guardian" البريطانية، الجمعة 26 مارس/آذار 2021، عن بحارين أجانب شهادات توثق كثيراً مما لا يعلمه العامة عن طريقة إدارة قناة السويس، حيث كشفت عن سوء إدارة وتسيب ورشاوى، كما لفتت الانتباه إلى أن "المرشدين الملاحيين قد ساهموا مراراً في وقوع مشكلات"، وقد يكون أحدهم سبباً في أزمة السفينة العالقة منذ 4 أيام في الممر المائي الضيق.  

الصحيفة البريطانية نقلت عن القبطان رانجان شودري، الذي أبحَرَ في قناة السويس بشكلٍ متكرِّرٍ خلال مسيرته البحرية التي تمتدُّ لـ35 عاماً، أن المرشدين الملاحيين، الذين تفوِّضهم هيئة قناة السويس بتوجيه السفن العابرة ومساعدة الملاحة الصعبة على الممر المائي، ساهموا في وقوع مشكلات. 

وعن طريقة إدارة الأمور في القناة، يؤكد شودري وجود نقص كبير في دعم منظومة التعريف الآلي للسفن، في إشارةٍ إلى نظام التتبُّع المستخدم على السفن،  مشيراً إلى أن معظم المرشدين في القناة يعتمدون بشكل كبير على البصر.

يقول شودري: "التنقُّل فن، وإذا فقدت التركيز لثانيةٍ واحدة أثناء التنقُّل في قناةٍ ضيِّقة، فيجب التحقيق في ذلك". 

أما عما يحدث في الحقيقة فيتحدث القبطان: "إن المرشدين الملاحيين في القناة يفرطون في الثقة حين يتعلَّق الأمر بالملاحة عن طريق البصر، في كلِّ مرةٍ يأكلون طعاماً ويدخِّنون ويتحدَّثون معاً كثيراً، ويقومون بتشغيل الموسيقى داخل الجسر". 

وعن الرشاوى، قال شودري: "نطلق على قناة السويس اسم بلدة مارلبورو، إذا زوَّدناهم بكرتونة سجائر مارلبورو، فسيكونون سعداء. وليس كلُّ قبطانٍ يقوم بواجبه قبل المرور عبر قناة السويس".  

من جانبه، فإن تشودري شكك بشأن الجهود المبذولة في التحقيق حول المسؤولية في الحادث، قائلاً: "إن التحقيق لن يكون شفَّافاً وسيستغرق وقتاً طويلاً"، مؤكداً أن "هيئة قناة السويس لن تتحمَّل المسؤولية، وقبطان السفينة سيكون هو المسؤول الأول".

السويس
صورة لموقع جنوح السفينة في قناة السويس

سفينة حاويات ضخمة تعطل الملاحة 

السفينة الجانحة إيفرغيفن، سفينة حاويات عملاقة ترفع العلم البنمي، وتشغلها شركة ملاحة تايوانية تسمى إيفرغرين، ويبلغ طولها 400 متر، وعرضها 59 متراً، وتبلغ حمولتها الإجمالية 224 ألف طن. السفينة تعرضت للجنوح في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، 23 مارس/آذار (السابعة والنصف صباحاً بالتوقيت المحلي لمصر، بحسب البيان الصادر عن شركة إيفرغرين).

ناقلة الحاويات العملاقة كانت في طريقها من الصين إلى ميناء روتردام، وتعرضت لحادث الجنوح عند الكيلو 151 ترقيم القناة، بعد مرورها من ميناء السويس ضمن قافلة الجنوب (القادمة من البحر الأحمر باتجاه البحر المتوسط عبر قناة السويس التي يبلغ طولها 193 كلم).

السبب الرئيسي لجنوح السفينة العملاقة هو انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية، نظراً لمرور مصر بعاصفة ترابية بلغت معها سرعة الرياح 40 عقدة، ما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة، ومن ثم جنوحها، بحسب بيان هيئة قناة السويس.

فيما أكدت الشركة التايوانية التي تدير السفينة الأمر، بقولها إن صاحب إيفرغيفن أبلغ الشركة أن "رياحاً قوية مفاجئة تسببت في خروج السفينة عن مسارها والارتطام بالقاع ومن ثم الجنوح"، وقالت شركة BSM المسؤولة عن طاقم السفينة والمسائل الفنية بها إن جميع أفراد الطاقم بخير ولا توجد تقارير عن إصابات أو تلوث، بحسب تقرير لرويترز.

قناة السويس
السفية محل الأزمة في قناة السويس/ رويترز

تعامل الحكومة المصرية مع الأزمة 

وفيما لا تزال سفينة "إيفر غيفن" عالقةً في الجزء الأقدم من القناة ذي المسار الواحد، فإن المسؤولين المصريين متردِّدين في إعطاء أيِّ معلوماتٍ سوى صورةٍ متفائلة لجهود إعادة تعويم السفينة، بما في ذلك مقطع فيديو نشرته هيئة قناة السويس على خلفية موسيقى درامية بهدف تصوير السلطات أنها تسيطر على الأزمة. 

البيان الأول الذي أصدرته هيئة قناة السويس بشأن جنوح السفينة صدر بعد أكثر من 24 ساعة من بداية الحادث، بعد أن كان الخبر وتبعاته قد أصبح حديث العالم، وتناولته وكالات الإعلام والصحف والقنوات، وأصبح حديث منصات التواصل الاجتماعي.

واللافت في توقيت البيان الصادر عن الهيئة الرسمية المسؤولة عن إدارة أهم ممر ملاحي في العالم، الذي تم نشره عبر الموقع الرسمي، أنه جاء متأخراً، ووجه رسالة لوسائل الإعلام تقول: "وتهيب الهيئة بكافة وسائل الإعلام تحري الدقة فيما يتم نشره، وعدم الالتفات للأخبار مجهولة المصدر، والاعتماد على المعلومات والأخبار الرسمية الصادرة من الهيئة".

شمل تخبط الجهات الرسمية أيضاً التصريحات الأوَّلية للفريق البحري أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، التي قال فيها إن المشكلة ستُحَل في غضون أيام، بالإضافة إلى التقارير الأخرى عن إعادة تعويم السفينة جزئياً أو نقلها، فقد أثبتت عدم صحتها. 

من جانبه، قال تيموثي كالداس، من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إن الشفافية ستساعد في تهدئة التوتُّرات حول الحادث، سواء بالنسبة لمصر أو لشركائها الدوليين. 

وأكد كاداس أنه "من الضروري أن تتحلَّى الحكومة المصرية بالشفافية في المُضي قُدُماً بشأن هذه الأزمة لحفظ مصداقيتها. واستراتيجية الاتصال الحالية هذه لا تخدم مصالح الحكومة المصرية".

تحميل المزيد