قال تقرير نشرته مجلة National Interest الأمريكية، السبت 20 مارس/آذار 2021، إنه تم الكشف عن بعض المعلومات المهمة التي تخص مشروع القنابل القذرة الأمريكية المصممة لتطلق فيضاً من المواد النشطة إشعاعياً بدلاً من إحداث انفجار نووي.
إذ إنه في عام 1952 أجرى فرع القتال البري تجربتين حيتين على الأقل لنماذج ذخيرة أولية في ميدان دوغواي الاختباري بولاية يوتاه الأمريكية. وكانت قنبلة E-83 الإشعاعية الاختبارية تتكون من أكثر من 31.5 كيلوغرام من ألواح التنتالوم 181، ملفوفةً حول شحنة شديدة التفجير، كما أوضح الفنيون في أحد التقارير.
قنابل مصنَّعة في معامل كيميائية
جاء في التقرير المذكور، أن القنبلة كانت تتكون من نحو 75% من غبار التنتالوم، و25% من أسلاك النحاس النقي لتوفير غلافٍ عال الكفاءة. كان الخليط مضغوطاً في كريات أسطوانية. كل كرة كان لها قطر يبلغ 0.79 سم، وارتفاع يبلغ 0.79 سم، وفق ما قاله التقرير.
كانت الكريات تُوضع في أنابيب من الألومنيوم بالمعامل الكيميائية والإشعاعية (في ميريلاند) وتُشحن إلى مدينة أوك ريدج، بولاية تينيسي، حيث كانت تُعرَّض للإشعاع لفترةٍ محسوبةٍ، لإنتاج مستوى تنشيط يتراوح بين 3 و5 كيوري لكل باوند. كانت الأنابيب تُشحن بعد ذلك إلى ميدان دوغواي في حاوياتٍ حديديةٍ مبطنةٍ بالرصاص.
إشعاعات خطيرة
في حين يقيس العلماء سرعة انحلال المواد النشطة إشعاعياً بوحدةٍ تسمى الكيوري، نسبةً إلى عالمَي الفيزياء النووية الرائدَين بيير كيوري وزوجته ماري كيوري. وبينما تنحل تلك المواد تطلق إإشعاعاتٍ خطيرةً من نوع ألفا وبيتا وغاما.
في المتوسط ينتج الإنسان العادي نحو 0.0453 كيلوغرام من النظير البوتاسيوم 40 المشع. كميةٌ أكثر بقليلٍ من نصف كيلوغرامٍ من نظير اليورانيوم 235 -الذي استُخدم لصناعة قلب القنبلة النووية الأولى- ستنتج أكثر من وحدة كيوري واحدة من الإشعاع. حين تنتج كميةٌ مماثلة من المادة إشعاعاً يبلغ ما بين 3 و5 وحدات كيوري، فتلك مادة ذات نشاطٍ إشعاعيٍ عالٍ.
أما بعد الحرب العالمية الثانية فقد كلف البنتاغون سلاح الكيمياء في الجيش بصناعة القنابل الكيميائية والبيولوجية. وعلى المنوال نفسه أسس الجناح الكيميائي للاستخبارات قسماً إشعاعياً للنظر فيما إذا كان يُمكن صناعة أسلحةٍ مفيدةٍ من تلك المواد.
ذخائر مقطعية
في 20 مايو/أيار من عام 1952، أطلق الجيش أربع "ذخائر مقطعية" في دوغواي. كانت قنبلة E-83 المكتملة تحتوي على عدة ذخائر فرعية تتكون كل واحدةٍ منها من 12 حجيرةً، وتحمي الصفائح "الدافعة" الفولاذية الكريات من القلب المتفجر الرئيسي للقنبلة. حين تنفجر القنبلة سيدفع الانفجار المقذوفات إلى مسافات بعيدة دون أن يؤدي إلى تحطيمها.
بدلاً من إلقاء القنابل من الطائرات كان الجنود ينقلونها بالشاحنات إلى مواقع مختلفة من منطقة الهدف في دوغواي. ولحماية سائقي الشاحنات من الإشعاع كان الجيش يزود الشاحنات بدروعٍ مبطنةٍ بالرصاص خلف الكابينة.
لكن بعد الانفجار الاختباري اكتشف الجيش أن حجم وشكل الشحنات المتفجرة لم يسبب تغييراً كافياً في الأماكن التي هبطت فيها كريات التنتالوم أو في المسافة التي تقطعها. في المستقبل سينصحون بالالتزام بتصميم واحد ورصد ما إذا كان سيُحدث التأثير نفسه.
بعد أربعة أشهر، شحن فرع القتال البري أربعة نماذج أخرى معدلة من القنبلة E-83 إلى دوغواي مع قنابل من نموذج آخر هو E-59. مرة أخرى فجّر الجيش جميع القنابل، وألقى كل سلاح حمولته في أنماط يمكن التنبؤ بها.
تصميمات الجولة الأولى
غير أن الجيش كان قلقاً حيال اعتمادية تلك الأسلحة، إذ إن الكريات من النموذج الأخير سقطت بنمطٍ مختلفٍ تماماً عن تصميمات الجولة الأولى. ولم تعمل القلوب المتفجرة في ثلاث من القنابل الخمس بطريقةٍ جيدة.
في تقريرٍ ثانٍ، قال إن البنتاغون لم يكشف النقاب إلا عن هذين التقريرين عام 2000 كجزءٍ من مشروع كبير لتحديد عدد الرجال والنساء الذين قد تعرضوا لإشعاعاتٍ خطيرةٍ في تجارب مشابهةٍ على مدار السنين. وظلت المعلومة محفوظةً بالسرية بموجب قانون الطاقة النووية عام 1946.
لكن يبدو أن البنتاغون قد تجاوز بسرعةٍ الأسلحة الإشعاعية للحصول على قنابل نووية قوية بشكل متزايد. بحلول الستينيات، اكتشف العلماء الأمريكيون وغيرهم كيفية إنتاج تأثيرات "إشعاعية معززة" مماثلة باستخدام القنابل الهيدروجينية الصغيرة، المعروفة أكثر باسم القنابل النيوترونية.
مثل القنبلة القذرة، تستخدم القنبلة النيوترونية جرعات مميتة من الإشعاع لقتل أو إعاقة الناس. مع توافر هذه التصميمات، من غير المحتمل أن يعود البنتاغون إلى تجربة أسلحة إشعاعية أكثر فظاظةً.